يوم الرب، يوم التقرب من الله - لوقا ٦: ٦-١١

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"وَدَخَلَ المـَجمَعَ فِي سَبتٍ آخَرَ، وَأَخَذَ يُعَلِّمُ. وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ اليُمنَى شَلَاءُ. وَكَانَ الكَتَبَةُ وَالفَرِّيسِيُّونَ يُرَاقِبُونَهُ، لِيَرَوْا هَل يُجرِي الشِّفَاءَ فِي السَّبتِ، فَيَجِدُوا مَا يَشكُونَهُ بِهِ" (٦-٧).

يوم الرب، يوم التقرب من الله - لوقا ٦: ٦-١١

 

٦. ودخل المجمع في سبت آخر، وأخذ يعلم. وكان هناك رجل يده اليمنى شلاء.

٧. وكان الكتبة والفريسيون يراقبونه، ليروا هل يُجرِي الشفاء في السبت، فيجدوا ما يشكونه به.

٨. فعلم أفكارهم، فقال للرجل ذي اليد الشلَّاء: قُمْ فقِفْ في وسط الجماعة! فقام ووقف فيه.

٩. فقال لهم يسوع: أسألكم: هل يحِلُّ عمل الخير في السبت أم عمل الشر، وتخليص نفس أم إهلاكها؟

١٠. ثم أجال طرفه فيهم جميعًا، وقال له: امدُدْ يدك. ففعل، فعادت يده صحيحة. 

١١. فجُنَّ جنونهم، وتباحثوا فيما يصنعون بيسوع.

 

          "وَدَخَلَ المـَجمَعَ فِي سَبتٍ آخَرَ، وَأَخَذَ يُعَلِّمُ. وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ اليُمنَى شَلَاءُ. وَكَانَ الكَتَبَةُ وَالفَرِّيسِيُّونَ يُرَاقِبُونَهُ، لِيَرَوْا هَل يُجرِي الشِّفَاءَ فِي السَّبتِ، فَيَجِدُوا مَا يَشكُونَهُ بِهِ" (٦-٧).

       يوم السبت. يوم الرب، يوم لمزيد من التقرب من الله ومن شريعة الله، ولحمد الله على كل نعمه. هذا اليوم المقدَّس لله جعله حُرّاس الشريعة يومَ أوامرَ ونواهٍ، أوامرَ ونواهِ من قبل الله، باسم الله، صارت عائقًا دون محبة الله. كرَّر يسوع مرة أقوال الأنبياء وقال: إني أريد الرحمة لا الذبيحة. أريد محبة الإخوة، لا الحكم عليهم، لأنكم جميعًا إخوة وأبناء الله. لكن الذين ينسون الله، ولو كانوا خُدَّام الله المكلَّفين، وحرَّاسَ الشريعة، يجهلون نداءات الأنبياء، وأن يسوع جاء ليُكمِّل الشريعة.

       كانوا "يُرَاقِبُونَهُ، لِيَرَوْا هَل يُجرِي الشِّفَاءَ فِي السَّبتِ، فَيَجِدُوا مَا يَشكُونَهُ بِهِ". هذا ما صارت إليه شريعة الله، فرصة لاتهام الإخوة. قد نقع في الانحراف نفسه. ولا نفكِّرْ في الغير فقط، في الفريسيين في زمن يسوع. بل لِنفكِّرْ في أنفسنا. الله دعانا لنقدِّس ونعلِّم، لا لنتَّهمَ ونحكم ونشتكي. والخطأة؟ الله يُحِبُّهم، إنهم أبناؤه، وهم بحاجة إلى شفاء، لا إلى من يتَّهِمُهم. كما يُحِبُّهم الله، كما يصبر الله عليهم، نحن أيضًا نصبر، ونُحِبُّهم فنساعدهم للعودة إلى حُبِّ الله أبيهم.

       شريعة الله طريق خلاص، ليست أوامرَ ونواهٍ، تصير عقبات على الطريق إلى الله. وكل الأزمنة صالحة للشفاء، ولعودة الخاطئ إلى فرح أبيه.

       "فَقَالَ لَهُم يَسُوع: أَسأَلُكُم: هَل يَحِلُّ عَمَلُ الخَيرِ فِي السَّبتِ أَم عَمَلُ الشَّرِّ، وَتَخلِيصُ نَفسٍ أَم إِهلَاكُهَا؟" (٩).

       حُرَّاس شريعة الله مستعدُّون لاتهامه. يسوع يحاول أن يُرجِعَهم إلى صوابهم: "هَل يَحِلُّ عَمَلُ الخَيرِ فِي السَّبتِ أَم عَمَلُ الشَّرِّ". كان يسوع يعرف جوابهم. كان يعرف ما يفكِّرون فيه. فأشفق عليهم. لكنه تحدَّى الشر فيهم، ليشفيهم هم أيضًا، مع شفاء المريض.

       الرجل المريض في يوم سبت، في يوم الله، أعاده يسوع صحيحًا معافًى في الجسد والنفس. شفاء إنسان، هذا أكبر تسبيح لله يرفعه مؤمن بالله. "فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةَ" (١٠). ونفسه أيضًا تعافت.

       "فَجُنَّ جُنُونُهُم، وَتَبَاحَثُوا فِيمَا يَصنَعُونَ بِيَسُوع" (١١). بدل أن يسبِّحوا الله ويشكروه، اتهموا يسوع لأنه منح الشفاء لأحد أبناء الله.

       حُرّاس الشريعة، متَّهِمون لإخوتهم. قد نكون نحن أيضًا مثلهم، بوعي أو بلا وعي. أمام خطيئة أحينا، هل نتَّهم أم نغفر؟ هل نبقى على حُبِّنا له، مثل الله، أم نقيم من أنفسنا ديّانين له ومتَّهمين؟

       اختارنا الله لنقدِّس ونعلِّم، ولنبقى بين يدَيْ الله، على طريق الله، ولكي نفضِّلَ نحن أيضًا الرحمة على الذبيحة، كلما لزم الأمر. لنبقَ خُدَّامًا لله مكلَّفين بخدمة إخوتنا، لا خُدَّامًا لأنفسنا، لمشاعرنا، وأحكامنا. لنبقَ مُرسَلين للتقديس والشقاء في كل وقت، ولْنَبقَ في حقيقة رسالتنا، فنتواضع أمام الله وأمام إخوتنا.

       ربي يسوع المسيح، جعلتني خادمًا لك مرسومًا، وجعلتني مسيحيًّا مؤمنًا بك، لأعلِّم وأشفي إخوتي، وأعاملهم كما تعاملهم أنت. املأني برحمتك تجاه كل إخوتي. آمين.

الاثنين ١١ /٩/٢٠٢٣                 الأسبوع ٢٣ من السنة/أ