نحن أيضًا بحاجة إلى شفاء - متى ٩: ١٨-٢٦

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

١٨ وبَينما هو يُكَلِّمُهُم، أتى بَعْضُ الوُجَهاءِ فسجَدَ لَه وقال: ابنَتي تُوُفِّيَتِ السَّاعة، ولكِن تَعالَ وَضَعْ يَدَكَ عَليها تَحْيَ. ١٩ فقامَ يسوعُ فتَبِعَه هو وتَلاميذُه. ٢٠ وإِذا امْرَأَةٌ مَنزوفةٌ مُنْذُ اثنَتَيْ عَشْرَةَ سَنةً تَدْنو مِن خَلْف، وَتَلَمِسُ هُدْبَ رِدائِه، ٢١ لأَنَّها قالَت في نَفْسِها: يَكْفي أَن أَلمِسَ رِداءَه فَأَبرأ. ٢٢ فالتَفَتَ يسوعُ فَرآها فَقال: ثِقي يا ابنَتي، إِيمانُكِ أَبرَأَكِ. فبَرِئَتِ المَرأَةُ في تِلك السَّاعة. ٢٣ ولَمَّا وَصَلَ يسوعُ إِلى بَيتِ الوَجيهِ وَرأَى الزَّمَّارينَ والجَمعَ في ضَجيج، قال: ٢٤ اِنْصَرِفوا! فالصَّبِيَّةُ لم تَمُت، وإِنَّما هِيَ نائِمَةَ، فضَحِكوا مِنه. ٢٥ فلَمَّا أُخرِجَ الجَمْع، دَخَلَ وأَخَذَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ فَنَهَضَت. ٢٦ وذاعَ الخَبرُ في تِلكَ الأَرضِ كُلِّها.

نحن أيضًا بحاجة إلى شفاء - متى ٩: ١٨-٢٦

الحرب. اليوم ٢٧٦

        " يَدعوني فأُجيبُه أَنَّا معه في الضِّيقِ فأُنقِذُه وأُمَجِّدُه.  بِطولِ الأيامِ أُشبِعُه وأُريه خلاصي" (مزمور ٩١: ١٥-١٦).

        ارحمنا، يا رب. يبدو أننا نقترب من النهاية، ليس لصلاح في الناس، بل لأنهم تعبوا من القتل على غير فائدة. وهم القاتلون بدأوا يُحصُون قتلاهم. اللهم، كل خسارة هي خسارة للإنسانية كلها. كل الذين يتألمون، كل الذين يموتون، كل القاتلين، كل الذين تعبوا من الحرب، كلهم أبناؤك. هل يأتي يوم تصير فيه الإنسانية حرة بالحرية التي منَحْتَها أنت إياها، الحرية لتختار أن تحِبَّك وأن تُحِبَّ كل الإخوة والأخوات في البشرية؟ اللهم، أرسل روحك وجدِّدْ جميع القلوب، واخلُقْ أبناءك خلقًا جديدًا. ارحمنا، يا رب.

        إنجيل اليوم

        مرة ثانية الشفاءان، وجيهٌ يطلب إقامة ابنته التي ماتت، وامرأة مريضة منذ اثنتي عشرة سنة تُشفَى.

        "وبَينما هو يُكَلِّمُهُم، أتى بَعْضُ الوُجَهاءِ فسجَدَ لَه وقال: ابنَتي تُوُفِّيَتِ السَّاعة، ولكِن تَعالَ وَضَعْ يَدَكَ عَليها تَحْيَ. فقامَ يسوعُ فتَبِعَه هو وتَلاميذُه. وإِذا امْرَأَةٌ مَنزوفةٌ مُنْذُ اثنَتَيْ عَشْرَةَ سَنةً تَدْنو مِن خَلْف، وَتَلَمِسُ هُدْبَ رِدائِه، لأَنَّها قالَت في نَفْسِها: يَكْفي أَن أَلمِسَ رِداءَه فَأَبرأ. فالتَفَتَ يسوعُ فَرآها فَقال: ثِقي يا ابنَتي، إِيمانُكِ أَبرَأَكِ. فبَرِئَتِ المَرأَةُ في تِلك السَّاعة" (١٨-٢٢).

        الأمراض، والمرضى كثيرون. نحن أيضًا بحاجة إلى شفاء. كلنا، بطريقة أو أخرى. شفاءٌ من علةٍ في أنفسنا، من علةٍ كبرى ونحن غير واعين، هي نسيان الله مرارًا في حياتنا، أو علةٌ فينا هي إساءة لأحد إخوتنا أو أخواتنا. الإهمال، اللامبالاة لآلام الناس، لحاجات الغير. الشر الذي هو الحرب، والظلم والاستبداد، والكراهية، والحرب على الأرض، والحرب في القلوب. كلنا بحاجة إلى شفاء. بحاجة إلى أن نستفيق ونَعِي أننا مرضى، بأمراض في النفس مختلفة...

        ويسوع ما زال يمُرُّ بيننا. إنجيله دائمًا معنا. وهو يحِبُّنا. لكن الحالة هي دائمًا نفسها: واعٍ لنفسي أم غير واعٍ؟  هل أنا واعٍ أنَّ بي مرضًا، وأني بحاجة إلى أن أرى يسوع يمرُّ بي؟ أم أنا فاقدٌ الوعي؟ في غيبوبة؟ في رتابة حياتي اليومية، حتى في صلواتي وتلاواتي...؟ أتلو، ولا أصلي. ولا أعلم أني بحاجة إلى شفاء.

        حياة إنسانية واعية، حضور أمام الله الحاضر معنا، الحاضر في كل احتياجاتنا، في أفراحنا وآلامنا، حضور أمام الله وحضور لكل إخوتنا وأخواتنا.

        كان الوجيه واعيًا جدًّا للموت في ابنته، وكان ألمه شديدًا. فجاء يبحث عن يسوع. لم يمنعه الموت من ذلك. ابنته ماتت. لكنه يؤمن أن يسوع يقدر أن يعيدها إلى الحياة. واستجاب يسوع صلاته، وإيمانه، ومحبته لابنته. كان واعيًا عارفًا بشر الموت في بيته، وبحاجته إلى الشفاء، فذهب يطلب يسوع. ووجده ونال الشفاء الذي كان يحتاج إليه.

        والمرأة المريضة منذ اثنتي عشرة سنة كانت هي أيضًا واعية أنها مريضة وبحاجة إلى شفاء. هي أيضًا أمنت بيسوع فشُفِيَت.

        أن نعرف أننا بحاجة إلى شفاء، كلَّنا، نحن وإخوتنا وأخواتنا، والذهاب للبحث عن يسوع. ويسوع ليس بعيدًا. إنه قريب ويُحِبُّنا، ومَن طلبه وجده.

        "ولَمَّا وَصَلَ يسوعُ إِلى بَيتِ الوَجيهِ وَرأَى الزَّمَّارينَ والجَمعَ في ضَجيج، قال: اِنْصَرِفوا! فالصَّبِيَّةُ لم تَمُت، وإِنَّما هِيَ نائِمَةَ، فضَحِكوا مِنه. فلَمَّا أُخرِجَ الجَمْع، دَخَلَ وأَخَذَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ فَنَهَضَت" (٢٣-٢٥).

        " فضَحِكوا مِنه"، مِن يسوع. لم يكونوا يعرفون من هو يسوع. أما نحن فنعرف. ومع ذلك لنا أحيانًا مواقف شبيهة، لا مبالاة، وفكرٌ يقول "الله بعيد". او لا نؤمن. نرى فقط شرور الأرض، وعَجزَ الأرض، وغيابَ روح الله عن الأرض، وكأننا لا نرى الله.

        يسوع دائمًا معنا، في حياة كل واحد وواحدة منا. لنفتَحْ عيوننا فنراه، فنؤمن. فنصرح: يا رب، أنا أموت، أخي، أختي تموت، بحاجة إليك، اشفِنا.

        ربي يسوع المسيح، جئْتَ على الأرض وصرْتَ إنسانًا مثلنا، لشفائنا، لتمنحنا حياة جديدة. أعطِنا النعمة لكي نرى ما تعطينا. أعطِنا أن نبحث عنك في أمراضنا وشرورنا. يا رب، لا تتركنا وحدنا. آمين.

الاثنين ٨/٧/ ٢٠٢٤               الأحد الرابع عشر من زمن السنة/ب