كنيسة الصعود على جبل الزيتون في القدس

الكاتب : سيادة المطران عطالله حنا – رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس

حفظ لنا التقليد الكنسي المكان الذي صعد منه الرب يسوع المسيح إلى السماء، بعد أربعين يوماً من قيامته من بين الأموات، ألا وهو جبل الزيتون في أورشليم، قرب بيت عنيا كما يذكر لنا ذلك الإنجيل المقدس (لوقا 50:24 وأعمال الرسل 12:1)

كنيسة الصعود على جبل الزيتون في القدس

بُنيت الكنيسة فوق جبل الزيتون، على شكل دائري، على يد القديسة الملكة هيلانه والدة الإمبراطور قسطنطين الكبير، في بدايات القرن الرابع الميلادي، أي في أول عهد الإمبراطورية الروميّة (البيزنطية)، وكانت جدران الكنيسة الأصلية بدون سقف، مفتوحة نحو السماء، وذلك لكي تُذكّر المؤمنين الداخلين إليها بصعود المسيح إلى السماء.

 دمّرها الفُرس عندما إجتاحوا فلسطين عام 614م ثم أعاد بطريرك الروم القديس موذستوس ترميمها.

 عند حصار العرب المسلمين للمدينة المقدسة، وقُبيل إحتلالهم أورشليم عام 637م كسروا الصليب الذي يعلو قبّة الكنيسة وحولوها إلى مسجد بإسم "الخليفة عمر بن الخطاب"، ولكن المسيحيين ظلّوا يقدّسون المكان باعتباره "كنيسة الصعود".

دمّرها الخليفة الحاكم بأمر الله الفاطمي عام 1009م ليمحو أثرها، كما دمّر كنيسة القيامة وعشرات الكنائس في نفس السنة.

أعاد الإفرنج (الصليبيون) بناءَها عام 1102م حسب التصميم الأصلي الذي أنشأتها عليه القديسة الملكة هيلانه، ولكن مع إضافة بعض التغييرات والتعديلات.

حوّلها صلاح الدين الأيوبي إلى "مسجد" بعدما سقطت القدس بيده عام 1187م ولكن رغم ذلك إستمرّ تدفّق الحجاج المسيحيين إلى المكان للصلاة، وقد أحدث ذلك توترات كثيرة. ولاحقاً في العهد العثماني، بنى المسلمون جامعاً ملاصقاً للكنيسة. وحتى يومنا هذا ما يزال الموقع خاضعاً لهيئة الأوقاف الإسلامية في القدس، ويتم دفع رسوم لدخول المكان!!!

عام 1835م عبث العثمانيون الأتراك بشكل الكنيسة حيث أغلقوا السقف وأضافوا جدراناً بين الأعمدة!

في عام 1852 أبرمت السُلطات العثمانية الإتفاقية المعروفة بإسم «الإستاتيكو" (Status Quo) والتي تُنظّم أوقات الصلاة بين الطوائف المسيحية المختلفة، وبموجبها سمحوا للمسيحيين أن يأتوا ويُصلّوا في المكان يوماً واحداً في السنة فقط، يوم "خميس الصعود".

داخل الكنيسة يوجد صخرة صغيرة عليها أثر "قدم" يروي التقليد المتوارث أنها الموضع الذي وقفت فيه قدما الرب يسوع المسيح على الأرض، قبيل صعوده إلى السماء أمام والدته وتلاميذه.

في عام 1870م قامت الكنيسة الروسية ببناء "دير الصعود الأرثوذكسي" القريب من المكان، وذلك للتمكّن من الصلاة والعبادة بحريّة، وقرب الكنيسة الأصلية يوجد أيضاً دير الروم الأرثوذكس المعروف بإسم «دير الغاليليا» (Γαλιλαίας) "أيها الرجال الجليليون" (أنظر أعمال الرسل 11:1).

المادة والصور: بلطف عن صفحة المطران عطالله حنا