بعد الأحد الثاني في زمن الصيام - معرفة الله - متى ٢١: ٣٣-٤٣ و٤٥-٤٦

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

ربُّ بيت "غَرَسَ كَرْمًا فَسَيَّجَهُ، وَحَفَرَ فِيهِ مَعصَرَةً وَبَنَى بُرجًا، وَآجَرَهُ بَعضَ الكَرَّامِينَ" (٣٣). ثم "أَرسَلَ خَدَمَهُ إلى الكَرَّامِينَ، ليَأخُذَ ثَمَرَه. "فَأمسَكَ الكَرَّامُونَ خَدَمَهُ" (٣٣-٣٤)، فَضربوهم وأهانوهم. "فَأرسَلَ خدَمًا إلَيهِم آخَرِينَ أكثَرَ عَدَدًا مِن الأَوَّلِينَ، فَفَعَلُوا بِهِم مِثلَ ذَلِكَ" (٣٦). "فَأَرسَلَ إلَيهِم ابنَهُ آخِر الأَمرِ ..." فقتلوه (٣٧).

بعد الأحد الثاني في زمن الصيام - معرفة الله - متى ٢١: ٣٣-٤٣ و٤٥-٤٦

 

٣٣. اسمعوا مثلًا آخر: غرس رب بيت كرمًا فسيَّجه، وحفر فيه معصرة وبنى برجًا، وآجره بعض الكرامين ثم سافر. 

٣٤. فلما حان وقت الثمر، أرسل خدَمَه إلى الكرَّامين، ليأخذوا ثمره. 

٣٥. فأمسك الكرّامون خدَمَه فضربوا أحدهم، وقتلوا غيره ورجموا الآخر. 

٣٦. فأرسل أيضا خدَمًا آخَرين أكثر عددًا من الأولين، ففعلوا بهم مثل ذلك. 

٣٧. فأرسل إليهم ابنَه آخِر الأمر وقال: سيهابون، ابني. 

٣٨. فلما رأى الكرّامون الابن، قال بعضهم لبعض: هوذا الوارث، هلُمَّ نقتُلْه، ونأخُذْ ميراثه. 

٣٩. فأمسكوه وألقَوْه في خارج الكرم وقتلوه. 

٤٠. فماذا يفعل ربُّ الكرم بأولئك الكرَّامين عند عودته؟ 

٤١. قالوا له: يُهلِك هؤلاء الأشرار شرَّ هلاك، ويُؤْجِرُ الكرم كرَّامين آخرين يؤدُّون إليه الثمر في وقته. 

٤٢. قال لهم يسوع: أما قرأتم قط في الكتب: الحجر الذي رذله البناؤون هو الذي صار رأس الزاوية. من عند الرب كان ذلك وهو عجب في أعيننا. 

٤٣. لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله سينزع منكم، ويعطى لأمة تثمر ثمره. 

٤٥. فلما سمع عظماء الكهنة والفريسيون أمثاله، أدركوا أنه يُعرِّضُ بهم في كلامه 

٤٦. فحاولوا أن يمسكوه، ولكنهم خافوا الجموع لأنها كانت تَعُدُّه نبِيًّا.

 

نتأمل اليوم في مثل ألقاه السيد المسيح على مسامع الفريسيين، وفهموه.

ربُّ بيت "غَرَسَ كَرْمًا فَسَيَّجَهُ، وَحَفَرَ فِيهِ مَعصَرَةً وَبَنَى بُرجًا، وَآجَرَهُ بَعضَ الكَرَّامِينَ" (٣٣). ثم "أَرسَلَ خَدَمَهُ إلى الكَرَّامِينَ، ليَأخُذَ ثَمَرَه. "فَأمسَكَ الكَرَّامُونَ خَدَمَهُ" (٣٣-٣٤)، فَضربوهم وأهانوهم. "فَأرسَلَ خدَمًا إلَيهِم آخَرِينَ أكثَرَ عَدَدًا مِن الأَوَّلِينَ، فَفَعَلُوا بِهِم مِثلَ ذَلِكَ" (٣٦). "فَأَرسَلَ إلَيهِم ابنَهُ آخِر الأَمرِ ..." فقتلوه (٣٧).

فهم الفريسيون أنه "يُعرّض بِهِم... فَحَاوَلُوا أَن يُمسِكُوهُ" هُم أيضًا، مثل عملة الكرم القتلة (٤٥-٤٦).

ماذا فهم الفريسيون؟ فهموا أنه شبَّههم بالعملة الذين لم يحفظوا الأمانة. لكن، هل فهموا ما هي الأمانة التي كانت بينهم؟ الشعب البسيط آمن بيسوع أو كان مستعدًّا لأن يؤمن به. وهم العلماء عرفوا أن البسطاء كانوا يَعُدُّونه نبيًّا. لكهم لم يؤمنوا. فهموا أن الناس البسطاء آمنوا بما دعاهم الله إلى أن يؤمنوا به. وأما هم الكبار، فاستخفوا بهم. ولم يريدوا أن يؤمنوا بالآتي من عند الله. تصلَّبوا في موقفهم. الله كلمهم في قديم الزمان وآمنوا إيمانهم بهم، وصاروا علماء الشريعة، شريعة الله. ثم كلَّمهم بابنه (عبرانيين ١: ١-٣) "إنَّ الله، بَعدَمَا كَلَّمَ الآبَاءَ قَدِيمًا بِالأنبِيَاءِ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً بِوُجُوهِ كَثِيرَةِ، كَلَّمَنَا فِي آخِرِ الأيَّامِ هَذِهِ بِابنِهِ..."، فرفضوا أن يؤمنوا به. صارت شريعة الله شريعة لهم، أفرغوها من الله. فلما كلَّمهم بابنه لم يعرفوه.

 زمن الصوم زمن لمعرفة الله. لمعرفة أنفسنا ومعرفة علاقتنا مع الله، زمن لإزالة كل العوائق بيننا وبين الله. لنسمع ما يقوله الله. إنه يقول سلام، إنه يقول محبة. إنه أب يحبنا. أعطانا أن نؤمن، فلْنقبَلْ كل نعمة منحنا إياها الله. نحن أيضًا عُمَّال في كرم الرب. العالم كله كَرْم الله. ونحن عُمّال فيه. لنكن أمناء في عملنا، حتى إذا جاء وقت الحساب، وجدنا أهلًا لأن نثبت في حبه. نحن وكلاء الله، لنعلِّم المحبة، ولنكون محبة مثل الله. في زمن الصوم لنتعلم هذا. صيامنا وصلواتنا وصدقاتنا، لتحملنا على هذا، على التوجه إلى الله، لنعرِفْ أنه أبونا، ولْنعرِفْ أننا كلنا أبناء الله، ومن ثم إخوة فيما بيننا. نصوم ونصلي ونكون إخوة وأبناء لله أبينا الذي في السماء. لا ننحرِفْ عن دعوتنا، لا ننحرِفْ عمَّا يريده الله لنا، وما يطلبه منا. إنه يطلب منا فقط أن نحبه وأن نحب إخوتنا. هذا هو صومنا الذي يرضي الله، ويمنحنا الحياة الحقيقية، مع الله ومع إخوتنا.

ربي يسوع المسيح، لا تسمح بأن أكون عاملًا غير أمين. بل أعطني أن أسمعك وأن أعمل بحسب ما تريد. أعطني أن أطهِّر نفسي من كل ما يمنعني من التقدم إليك، من كل ما يمنعني عن محبتك ومحبة إخوتي. آمين.     

الجمعة ١٠/٣/٢٠٢٣