يسوع يعلم ويكرز في كفر ناحوم – لوقا ٨: ١٩-٢١

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

١٩. وَجَاءَتْ إلَيهِ أُمُّهُ وَإخوَتُهُ، فَلَم يَستَطِيعُوا الوُصُولَ إلَيهِ لِكَثرَةِ الزِّحَامِ. ٢٠. فَقِيلَ لَهُ: إنَّ أُمَّكَ وَإخوَتَكَ وَاقِفُونَ فِي خَارِجِ الدَّارِ يُرِيدُونَ أَن يَرَوْكَ. ٢١. فَأَجَابَهُم: إنَّ أُمِّي وَإِخوَتِي هُمُ الَّذٍينَ يَسمَعُونَ كَلِمَةَ الله وَيَعمَلُونَ بِهَا.

يسوع يعلم ويكرز في كفر ناحوم – لوقا ٨: ١٩-٢١

"وَجَاءَتْ إلَيهِ أُمُّهُ وَإخوَتُهُ، فَلَم يَستَطِيعُوا الوُصُولَ إلَيهِ لِكَثرَةِ الزِّحَامِ" (١٩). 

       كان يسوع قد ترك الناصرة، وأُمَّه والأقارب جميعًا، لما بدأ حياته العلنيّة، فاستقرَّ في كفرناحوم. وكان يكرز وينادي بملكوت الله على الأرض. وكان يشفي كل مرض وعلة. فآمن به كثيرون، وكثيرون لم يؤمنوا بل أعلنوا له العداء وصاروا خصومًا له. وكان أيضًا جمع من الحيارى، لا يدرون أين يقفون. وكانت أيضًا إشاعات. وبلغت كل هذه الأخبار إلى الناصرة. فأرادت مريم أُمُّه وأقاربه أن يقطعوا الشك باليقين ويعرفوا ماذا يجري، فجاؤوا ليروا يسوع في كفرناحوم. فوجدوه يكرز ويعلِّم ولم يستطيعوا أن يقتربوا منه لكثرة الناس المستمعين حوله.

       "فَقِيلَ لَهُ: إنَّ أُمَّكَ وَإخوَتَكَ وَاقِفُونَ فِي خَارِجِ الدَّارِ يُرِيدُونَ أَن يَرَوْكَ" (٢٠). 

       مريم أُمُّه تريد أن تراه وتتأكَّد أنه لا يتعرَّض لأي خطر، وأنه بعيد عن شر الناس. كانت تعلم أنه يجب أن يكون في ما هو لأبيه، وأنه كان عليه أن يكرز بملكوت الله ويعمل الخير للجميع. وقبلت أن يتركها في الناصرة، ليتمِّمَ إرادة الآب. وهي أيضًا سلَّمَت أمرها لله. لم تكن تفهم كل شيء. لكنها كانت تحفظ كل شيء وتتأمل فيه في قلبها. ومع ذلك، كان في قلبها أيضًا قلق بشري على ابنها يسوع. كانت تريد أن تراه.

       فَأَجَابَهُم: إنَّ أُمِّي وَإِخوَتِي هُمُ الَّذٍينَ يَسمَعُونَ كَلِمَةَ الله وَيَعمَلُونَ بِهَا (٢١). حواب يسوع هنا يشبه جوابه لوالديه، مريم ويوسف، قبل سنوات عديدة، يوم وجداه في الهيكل بين العلماء في الهيكل... كان مريم ويوسف يبحثان عنه متلِّهِفَيْن. وهو، وما زال في سن الثانية عشرة يقول لهما: لِمَ تبحثان عني، يجب أن أكون في ما هو لأبي؟ واليوم يقول مثل ذلك، وأكثر من ذلك. إنه يتجاوز علاقة الأم والابن، بل يوسِّعها، ويجعلها شاملة شمول الكون: " إنَّ أُمِّي وَإِخوَتِي هُمُ الَّذٍينَ يَسمَعُونَ كَلِمَةَ الله وَيَعمَلُونَ بِهَا".

       مريم أُمُّه، علاقتها به لا تتغيَّر. هي دائمًا ما صنعها الله، الممتلئة نعمة، والمباركة بين جميع النساء. ستقف يومًا عند الصليب لتشارك ابنها آلامه، هي أُمّه، وهو ابنها، حتى يتم بيسوع ابنها فداء العالم. 

       وهنا يسوع يقول إن كل البشرية هي "أُمُّهُ وَإخوَتُهُ". كل إنسان يمكن أن يقترب منه، هو الله وكلمة الله. ومريم أُمُّه لها مكانة مميَّزة، الممتلئة بالنعمة، والدة لله القديسة. لكن كل واحد يصغي إلى كلام الله ويعمل بموجبه، يصبح قريبًا ليسوع، قريبًا من يسوع، ومن مريم أُمِّهِ أيضًا. مريم أُمُّ يسوع تساعد كل واحد منا أن نقترب من يسوع. 

       يا مريم البتول، أُمَّ يسوع، أُمّ الله، وأُمَّنا، علِّمِينا أن نطلب يسوع، أن نبحث عنه. بين مشاغلنا وهمومنا، ومُثقَلِين بثقل إنسانيتنا، اهدِينا وأرشدينا إلى يسوع. وعَلِّمِينا أن نسمع كلامه ونعمل بحسب ما نسمع. آمين.

الثلاثاء ٢٦/٩/٢٠٢٣           الأحد ٢٥ من السنة/أ