الحصاد كثير ولكن العملة قليلون - متى ٩: ٣٢-٣٨

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"وَكَانَ يَسُوعُ يَسِيرُ فِي جَمِيعِ المــُدُنِ وَالقُرَى يُعلِّمُ فِي مَجَامِعِهِم، وَيُعلِنُ بِشَارَةَ المــَلَكُوتِ، وَيَشفِي النَّاسَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وَعِلَّةٍ" (٣٥)."قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: الحَصَادُ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّ العَمَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاسأَلُوا رَبَّ الحَصَادِ أَن يُرسِلَ عَمَلَةً إلَى حَصَادِهِ" (٣٧-٣٨).

الحصاد كثير ولكن العملة قليلون - متى ٩: ٣٢-٣٨

 

٣٢. وما إن خرجا حتى أَتَوْهُ بأخرس ممسوس. 

٣٣. فلما طرد الشيطان تكلَّم الأخرس، فأُعجِبَ الجموع وقالوا: لم يُرَ مثل هذا قط في إسرائيل!  

٣٤. أما الفريسيون فقالوا: إنه بسيد الشياطين يَطرُدُ الشياطين. 

٣٥. وكان يسوع يسير في جميع المدن والقرى يُعلِّمُ في مجامعهم، ويُعلِنُ بشارة الملكوت، ويَشفِي الناس من كل مرض وعلة. 

٣٦. ورأى الجموع فأخذته الشفقة عليهم، لأنهم كانوا تعبين رازحين، كغنم لا راعي لها. 

٣٧. فقال لتلاميذه: الحصاد كثير ولكن العملة قليلون. 

٣٨. فاسألوا رب الحصاد أن يرسل عملة إلى حصاده.

 

"وَكَانَ يَسُوعُ يَسِيرُ فِي جَمِيعِ المــُدُنِ وَالقُرَى يُعلِّمُ فِي مَجَامِعِهِم، وَيُعلِنُ بِشَارَةَ المــَلَكُوتِ، وَيَشفِي النَّاسَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وَعِلَّةٍ" (٣٥).

قضى يسوع حياته العامّة يتجوَّلُ بين المدن والقرى، يَعِظُ بملكوت الله، ويشفق على الناس، ويشفيهم من كل مرض وعلة. ونحن نقتدي به. قال القديس بولس: اقتدوا بالمسيح (فيليبي ٢: ٥). مكرَّسِين وعلمانيين، اقتدوا بالمسيح. ارحموا وأحِبُّوا. احملوا هموم إخوتكم وأخواتكم. اكرِزوا بالملكوت. ليَكُنْ كلامكم كلام الله، يوصِّلُ إلى الله، وإلى نور الله. واشفوا. الرحمة تشفي، والمحبة. ونحن، إن اقتدينا بالمسيح، استطعنا أن نشفي مثله.

مثل المسيح. الكاهن مسيح آخر. مثله في محبته، وروح الخدمة فيه، وتواضعه، ورحمته. كل مؤمن مدعُوٌّ إلى الاقتداء بالمسيح. كان القديس بولس يقول ذلك للجميع (فيليبي ٢: ٥). الهدف بعيد وعالٍ جدًّا. لكن هذا هو هدفنا: أن نكون كلُّنا إخوة وأخوات، وكلُّنا نقتدي بالمسيح.

"قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: الحَصَادُ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّ العَمَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاسأَلُوا رَبَّ الحَصَادِ أَن يُرسِلَ عَمَلَةً إلَى حَصَادِهِ" (٣٧-٣٨). الحصاد كثير: الفقر كثير في العلاقات مع الله، ومع الإخوة. وأناس كثيرون منعزلون، وحدهم، من دون الله. وكثيرون يتألمون وحدهم. وكثيرون بحاجة إلى الله، وليس من يهدي. وكثيرة هي أمراض الجسد. وكثيرة هي الحاجات إلى صداقة. وكثيرون يريدون أن يروا الله. والحرب في نفوس كثيرة، والحروب في كل البلد. الحصاد كثير.

"اسأَلُوا رَبَّ الحَصَادِ أَن يُرسِلَ عَمَلَةً إلَى حَصَادِهِ". صَلُّوا، كونوا واعين أنتم أنفسكم للنقص في العمَّال، ولكل العلل في الروح والجسد، لتشعروا في أنفسكم بحاجات الجميع. واسألوا وصَلُّوا إلى الله ليرسل عمَّالًا جُدُدًا. صلُّوا من أجل العمَّال الموجودين، في الحقل، لكنهم لا يرون الحصاد، أو لهم فيه رؤاهم الخاصة. صَلُّوا من أجل العمَّال الموجودين في الحقل، ليكونوا ممتلئين بالله، وقادرين على توصيل كلمة الله. وصَلُّوا من أجل العمَّال الجُدُدِ الذين يأتون للحصاد، وللوعظ بملكوت الله، ليكونوا كلُّهم واعظِين بملكوت الله، لا يعِظْ أحد بكلامه، أو بنفسه، بوعي أو بلا وعي.

صلُّوا، وانظروا وآمنوا أنَّ العمل كله هو عمل الله، وليس مشروعًا بشريًّا. الخطر هو عندما يظُنّ العمال أن رسالتهم هي مشروع بشري، وعندما يظُنُّون أن يسوع نائم، وأنهم وحدهم في العاصفة. صَلُّوا حتى يكون الكهنة دائمًا كهنة، في كل ما يقولون ويصنعون، وواقفين عند الصليب، على الجلجلة. العمَّال في الحصاد، خدَّام مثل يسوع الذي جاء ليكون خادمًا، ويُحِبُّون مثل يسوع، ولا يخافون أن يسيروا مثله ومعه إلى الجلجلة.

ربي يسوع المسيح، أعطني أن أكون دائمًا واعيًا أنك دعوتني لأكون كاهنًا، لأُحِبَّ الناس، وأخدِمَهم، ولأُبَلِّغ كلمتك، وأشفي. وأعِظَ بملكوتك على الأرض. آمين.

الثلاثاء ١١/٧/٢٠٢٣                             الأسبوع ١٤ من السنة/أ