يسوع يأمر الروحَ النجس في كفر ناحوم - لوقا ٤: ٣١-٣٧

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

٣١ونزَلَ إِلى كَفَرناحوم، وهيَ مَدينةٌ في الجَليل، فجَعَلَ يُعَلِّمُهُم يَومَ السَّبْت. ٣٢فأُعجِبوا بِتَعليمِه لِأَنَّهُ كانَ يَتَكَلَّمُ بِسُلطان. ٣٣وكانَ في المــَجمَعِ رَجُلٌ فيه رُوحُ شَيطانٍ نَجِس، فصاحَ بِأَعلى صَوتِه: ٣٤«آهِ! ما لَنا ولَكَ يا يَسوعُ النَّاصِريّ! أَجِئْتَ لِتُهلِكَنا؟ أَنا أَعرِفُ مَن أَنتَ: أَنتَ قُدُّوسُ الله». ٣٥فانتَهَرَه يسوعُ قال: «اخرَسْ واخرُجْ مِنه!» فصَرَعَه الشَّيطانُ في وَسَطِ المــَجْمَع، وخَرَجَ مِنه، مِن غَيرِ أَن يَمَسَّه بِسُوء. ٣٦فاستَولى الرُّعْبُ عَلَيهِم جَميعًا، وقالَ بَعضُهم لِبَعض: «ما هٰذا الكَلام؟ إِنَّه يَأمُرُ الأَرواحَ النَّجِسَةَ بِسُلطانٍ وقُوَّةٍ فتَخرُج». ٣٧فذاعَ صيتُه في كُلِّ مَكانٍ مِن تِلكَ النَّاحِيَة.

يسوع يأمر الروحَ النجس في كفر ناحوم - لوقا ٤: ٣١-٣٧

الحرب. اليوم ٣٣٢

"ارحَمْني يا اللهُ بِحَسَبِ رَحمَتِكَ، وبِكَثرَةِ رأفَتِكَ امْحُ مَعاصِيَّ. زِدْني غُسْلًا مِن إِثْمي، ومِن خَطيئَتي طَهِّرْني" (مزمور ٥١: ٣-٤).

ارحمنا، يا رب. من أجل رحمتك ورأفتك الكثيرة، من أجل حبك، لا لأي استحقاق منا، ارحمنا، يا رب. نحن لا شيء، وأنت كل شيء. نحن لا نستحق شيئًا. لكن، أنت، يا رب، خلقتنا وتعرفنا، وتعرف ضعفنا وعذابنا. ارحمنا، يا رب. لا تسلمنا إلى الموت. أبانا الذي في السماوات ألهمهم ليضعوا حدًّا لهذه الحرب في غزة وفي كل الأرض المقدسة. انظُر، يا أبانا، نحن صنع يديك. لا تتركنا، يا رب. ارحمنا.

إنجيل اليوم

"ونزَلَ إِلى كَفَرناحوم، وهيَ مَدينةٌ في الجَليل، فجَعَلَ يُعَلِّمُهُم يَومَ السَّبْت. ٣٢فأُعجِبوا بِتَعليمِه لِأَنَّهُ كانَ يَتَكَلَّمُ بِسُلطان. ٣٣وكانَ في المــَجمَعِ رَجُلٌ فيه رُوحُ شَيطانٍ نَجِس، فصاحَ بِأَعلى صَوتِه: ٣٤«آهِ! ما لَنا ولَكَ يا يَسوعُ النَّاصِريّ! أَجِئْتَ لِتُهلِكَنا؟ أَنا أَعرِفُ مَن أَنتَ: أَنتَ قُدُّوسُ الله». ٣٥فانتَهَرَه يسوعُ قال: «اخرَسْ واخرُجْ مِنه!» فصَرَعَه الشَّيطانُ في وَسَطِ المــَجْمَع، وخَرَجَ مِنه، مِن غَيرِ أَن يَمَسَّه بِسُوء" (٣١-٣٥).

أمر يسوع الروحَ النجس أن يخرج من الرجل. وعرف الروح النجس من هو يسوع، أنه رجل من الناصرة، لكنه أيضًا قُدُّوسُ الله. في الناصرة، مواطنو يسوع لم يقدروا أن يروا أكثر من أنه ابن يوسف النجار. أما الروح النجس فعرف وأطاع. وخرج من الرجل، الذي عاد معافًى في نفسه وجسده.

جاء يسوع ليشفي الإنسان كله. ويعيده إلى صلاحه الأصلي. لأن الله خلقه صالحًا. ثم جرحَتْنا الخطيئة، والجرح بليغ، وصرنا نحمل ضعفًا كثيرًا، وشرًّا كثيرًا لأنفسنا ولإخوتنا. وجاء يسوع ليشفينا. وهو دائمًا هنا ليساعدنا في الشفاء.

لكن الله يتركنا لحريتنا. ونحن في حريتنا يجب أن نسهر ونحذر لنكون واعين ونعرف أي خيار نختار، هل نختار الله أم نختار ذاتنا، وضعفنا وشرَّنا؟ حريتنا هي مقدرة لكي نختار الخير. لكن مع الجرح في طبيعتنا، صارت مقدرة على الاختيار بين الخير والشر أيضًا.

حياتنا هي سؤال: هل نعرف أنفسنا؟ هل ندرك ماذا نقول وماذا نعمل؟ هل نعلم من نحن فنقدر أن نختار الخير؟

دائمًا في حالة إصغاء إلى الله، لنكون قادرين لنصغي إلى أنفسنا، لنعرف هل نحن نسير حقًّا مع الله، أم ابتعدنا، وصرنا وحدنا؟ ولنجدد خيارنا الحر: الله والصلاح فينا وفي إخوتنا.

الحياة معركة. وإذا سرنا مع الله، أمكننا أن نقاتل وأن نبني عالمــًا يحسُنُ العيشُ فيه؟ من دون الله، العالم لا يحسن للعيش. إننا نعرُج في مسيرتنا في الحياة، ونتردد، ونكون مرارًا بين بين، بين الله وبين أنفسنا. في هذه الحال، العالم هو ما نراه اليوم، خير وشر، وكثير من الآلام والحروب والمظالم الخ...

في واقع الشر هذا، نقدر لو شئنا، أن نحيا واقع صلاح، مع الله. نقدر أن نتعلَّم وأن نُعلِّم إخوتنا كيف تكون الحياة مع الله. يسوع، قدوس الله، جاء وهو دائمًا معنا، ليأخذ بيدنا، وليأمر الشر فينا أن يخرج، فيعافينا نفسًا وجسدًا.

نحيا مع يسوع، واعين جدًّا لحضوره، وكلامه. لا نضيع في رتابة الحياة والعوائد والتقاليد، أو في شرنا في كل يوم، ونصير بكل بساطة جزءًا من الشر. بل نحن أعضاء في جسد المسيح. ونحن مُرسَلون لنقدِّس العالم، ولنخلِّصه من خطيئته، لنَفدِيَهُ بدم يسوع المسيح، ولنقدِّم ذبيحة الفداء، ذبيحة المسيح في كل يوم.

مُرسَلون لنحيا واقع حياة إلهية، ورسالتنا هي أن نفيض حياة الله في العالم، لنساعده ونُقِيلَه عثرته، ولنُخرِج روح الشر منه.

كم أنا واع لذلك؟ كم أحيا ذلك؟ كيف أحرِّر الأرض من روح الشر فيها؟ أسئلة أطرحها على نفسي، لأعرف من أنا، أين أنا، ولأضع نفسي في النور وأترك يسوع يهديني.

ربي يسوع المسيح، أنت أمرت الروح النجس، فأخرجته من الرجل الممسوس. ربي يسوع المسيح، نجِّني من كل شر، وأعطني أن أختار الخير فقط. أرسَلْتَني لأخلِّص البشرية معك، أعطني النور والقوة لأتمـِّم رسالتي هذه. آمين.

الثلاثاء ٣/٩/ ٢٠٢٤              بعد الأحد ٢٢ من السنة/ب