يسوع وقائد المائة في كفر ناحوم - لوقا ٧: ١-١٠
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"فَمَضَى يَسُوعُ مَعَهُم. وَمَا إِن صَارَ غَيرَ بَعِيدٍ مِنَ البَيتِ، حَتَّى أَرسَلَ إلَيهِ قَائِدُ المِائَةِ بَعضَ أَصدِقَائِهِ يَقُولُ لَهُ: يَا رَبّ، لَا تُزعِجْ نَفسَكَ، فَإِنٍّي لَستُ أَهلًا لِأَن تَدخُلَ تَحتَ سَقفِي، وَلِذَلِكَ لَم أَرَنِي أَهلًا لِأَن أَجِيءَ إلَيكَ، وَلَكِن قُلْ كَلِمَةً يَشفَ خَادِمِي" (٦-٧).

١. ولما أتمَّ جميع كلامه بمسمع من الشعب، دخل كفرناحوم.
٢. وكان لقائد مائة خادم مريض قد أشرف على الموت، وكان عزيزًا عليه.
٣. فلما سمع بيسوع، أوفد إليه بعض أعيان اليهود يسأله أن يأتي فيُنقِذَ خادمه.
٤. ولما وصلوا إلى يسوع، سألوه بإلحاح قالوا: إنه يستحِقُّ أن تمنحه ذلك،
٥. لأنه يحب أُمَّتَنا، وهو الذي بنى لنا المجمع.
٦. فمضى يسوع معهم. وما إن صار غير بعيد من البيت، حتى أرسل إليه قائد المائة بعض أصدقائه يقول له: يا رب، لا تُزعِجْ نفسك، فإني لست أهلًا لأن تدخل تحت سقفي،
٧. ولذلك لم أَرَنِي أهلًا لأن أجيء إليك، ولكن قل كلمة يَشفَ خادمي.
٨. فأنا مرؤوس ولي جند بإمرتي، أقول لهذا: اذهَبْ! فيذهب، وللآخر: تعال! فيأتي، ولخادمي: افعَلْ هذا! فيفعله.
٩. فلما سمع يسوع ذلك، أُعجِبَ به والتفت إلى الجمع الذي يتبعه فقال: أقول لكم: لم أجِدْ مثل هذا الإيمان حتى في إسرائيل.
١٠. ورجع المـُرسَلون إلى البيت، فوجدوا الخادم قد رُدَّتْ إليه العافية.
"دَخَلَ كَفَرنَاحُوم. وكَانَ لِقَائِدِ مِائَةٍ خَادِمٌ مَرِيضٌ قَد أَشرَفَ عَلَى المـَوتِ... فَلَمَّا سَمِعَ بِيَسُوع، أَوفَدَ إلَيهِ بَعضَ أَعيَانِ اليَهُودِ يَسأَلُهُ أَن يَأْتِيَ فَيُنقِذَ خَادِمَهُ" (١-٣).
كفرناحوم. المدينة التي سكن فيها يسوع، بعد أن ترك الناصرة. كان فيها قائد مئة، من الجيش الروماني. غريب، ومن جنود الاحتلال والأعداء. لكن يسوع لا ينظر إلى كل ذلك. أمامه رجل يطلبه، يريد أن يراه، يؤمن به، على طريقته. رجل قريب من الحقيقة. غريب، لكن ليسوع، ولله خالق الكل ومُحِبّ البشر، لا أحد غريب.
قائد المئة الروماني، شعر بالمهابة وبشيء يفوق الإنسان في يسوع، فرأى نفسه غير مستحِقَ أن يذهب ليلاقيه، وغير مستحِقّ أن يأتي إليه يسوع. قائد مئة في الجيش الروماني، كبير بين الناس، ومع ذلك تواضع أمام يسوع.
"فَمَضَى يَسُوعُ مَعَهُم. وَمَا إِن صَارَ غَيرَ بَعِيدٍ مِنَ البَيتِ، حَتَّى أَرسَلَ إلَيهِ قَائِدُ المِائَةِ بَعضَ أَصدِقَائِهِ يَقُولُ لَهُ: يَا رَبّ، لَا تُزعِجْ نَفسَكَ، فَإِنٍّي لَستُ أَهلًا لِأَن تَدخُلَ تَحتَ سَقفِي، وَلِذَلِكَ لَم أَرَنِي أَهلًا لِأَن أَجِيءَ إلَيكَ، وَلَكِن قُلْ كَلِمَةً يَشفَ خَادِمِي" (٦-٧).
كبار هذا العالم، الحقيقيون، الصادقون، الذين يعرفون ما هم، الذين يعترفون بالله خالقهم وأبيهم، والقادرون على أن يقولوا: "لست مستحقًّا".
كل مؤمن يمكن أن يقول أمام الله: أنا، يا ربّ، لست كبيرًا. كل ما لي هو هبة منك. أنا وكل وجودي ملكٌ لك. لكن، مع ذلك، يمكن أن أضِلّ وأَتِيهَ في كبريائي أو في طلب مصالح هذا العالم. أنا ابن البيت، ابن عائلة الله، قد أفكر أحيانًا أني وحدي، وأنسى الله خالقي وأبي، وأنسى أن جميع الناس إخوتي... وحدي، على الأرض، لا أعرف من أنا، إلى أين يدعوني الله أبي. أنسى كل شيء. هذا أمر ممكن.
كيف أجد نفسي، في حقيقتي، ماذا أنا؟ أني ابن الله، وأخ لكل إخوتي؟ متواضع أمام الله، أبي: أبي، لست مستحقًّا حتى أن تفكِّر فيَّ، لكني ابنك. اشفِني. من بعيد. لكن لا تتركني وحيدًا بعيدًا عنك. اجذِبْني إليك. أنت خلَقْتَني، وأنا مِلكٌ لك. اشفِني وأعِدْني إلى حقيقتي، كما تريدني. أنا غير مستحق، لكنك تحِبُّني، وأنت رفَعْتَني إليك. شكرًا، أبت، لكل ما أعطيتني. أبت، إني أومن، زِدْني إيمانًا.
"فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوع ذَلِكَ، أُعجِبَ بِهِ، وَالتَفَتَ إلَى الجَمعِ الَّذِي يَتبَعُهُ فَقَالَ: أَقُولُ لَكُم: لَم أَجِدْ مِثلَ هَذَا الإِيمـَانِ حَتَّى فِي إسرَائِيل" (٩).
ربِّي يسوع المسيح، أُعجِبْتَ بإيمان الرجل الغريب، - مع أنه لك لا أحد غريب. كلنا أبناء الله، وأنت تُحِبُّنا جميعًا. كما تُحِبُّنا أنت، أعطِنا أن نُحِبَّ بعضنا بعضًا. لأننا كلنا بحاجة إلى الشفاء من هذا المرض، غياب المحبة. موتنا هو غياب المحبة في قلوبنا، غياب المحبة بين الإخوة. اشفِنا، يا ربّ، ضع الحب في قلوبنا، حتى يقدر كل واحد منَّا أن يعترف بك، وبكل إخوته. آمين.
الاثنين ١٨/٩/٢٠٢٣ الأحد ٢٤ من السنة/أ