طوبى للفقراء والويل لكم أيها الأغنياء - لوقا ٦: ٢٠-٢٦
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"طُوبَى لَكُم إذَا أَبغَضَكُم النَّاسُ وَرَذَلُوكُم وَشَتَمُوا اسمَكُم وَنَبَذُوهُ عَلَى أنَّهُ عَارٌ، مِن أجلِ ابنِ الإنسَانِ. افرَحُوا فِي ذَلِكَ اليَومِ وَاهتَزُّوا طَرَبًا، فَهَا إنَّ أَجرَكُم فِي السَّمَاءِ عَظِيمٌ" (٢٢-٢٣).

٢٠. ورفع عينَيْهِ نحو تلاميذه وقال: طوبى لكم، أيها الفقراء، فإن لكم ملكوت الله.
٢١. طوبى لكم أيها الجائعون الآن فسوف تشبعون. طوبى لكم أيها الباكون الآن فسوف تضحكون.
٢٢. طوبى لكم إذا أبغضكم الناس ورذلوكم وشتموا اسمكم ونبذوه على أنه عار من أجل ابن الإنسان.
٢٣. افرحوا في ذلك اليوم واهتزُّوا طربًا، فها إن أجركم في السماء عظيم، فهكذا فعل آباؤهم بالأنبياء.
٢٤. لكن الويل لكم، أيها الأغنياء، فقد نلتم عزاءكم.
٢٥. الويل لكم، أيها الشباع الآن فسوف تجوعون. الويل لكم، أيها الضاحكون الآن فسوف تحزنون وتبكون.
٢٦. الويل لكم إذا مدحكم جميع الناس، فهكذا فعل آباؤهم بالأنبياء الكذَّابين.
"وَرَفَعَ عَينَيْهِ نَحوَ تَلَامِيذِهِ وَقَالَ: طُوبَى لَكُم، أَيُّهَا الفُقَرَاءُ، فَإِنَّ لَكُم مَلَكُوتَ الله" (٢٠).
"لَكِن الوَيلُ لَكُم، أَيُّهَا الأَغنِيَاءُ، فَقَد نِلتُم عَزَاءَكُم" (٢٤).
التطويبات بحسب إنجيل لوقا، يتبعها "الويل لكم". طوبى لكم أيها الفقراء، والويل لكم أيها الأغنياء. لكن، أي فقراء وأي أغنياء؟
الفقراء الذين تركوا كل شيء من أجل الله، الذين باعوا كل ما يملكون، ووزَّعوا كل شيء للفقراء، في حب الملكوت. طوبى للفقراء الذين حرمهم الناس خيرات الأرض، بسبب توزيع غير عادل من قبل الناس. الناس في نظامهم الاقتصادي رفضوهم، والله في حبه استقبلهم. لأنهم أبناء الله. الفقراء الذين لا ننظر إليهم كإخوة، والذين لا نشارك معهم ما منحنا إياه الله، لنا ولهم.
طوبى للفقراء الذي يختارون طريق الفقر ليكونوا أحرارًا ويسيرون أحرارًا، ونظرهم مثبَّت في الله. فقراء وأحرار، على طرق الله.
والويل لكم أيها الأغنياء. ليس بالضرورة كل من اغتنى بمال الأرض. لكن الذين يملكون ولا يشركون غيرهم فيما وهبهم إياه الله. الويل لهم إن أصبح المال سيِّدًا، وأعماهم، وصاروا غير قادرين على رؤية الله وإخوتهم الفقراء. الويل لمن لا يعمل على تثبيت عدالة اجتماعية وتوزيع عادل لخيرات الأرض. الويل للأغنياء الذين صاروا عبيدًا للمال، ولم يبقوا رجالًا أحرارًا، بسبب المال. الذين أصبحوا غير قادرين على رؤية الفقير القريب منهم، كما جاء في مَثَل الإنجيل، لعازر الفقير والغني الذي لم يتنازل أن ينظر إلى لعازر الفقير الملقى ببابه.
هؤلاء الويل لهم. وإلا فالأغنياء أيضًا هم أبناء الله، مهما كثرت أموالهم، ما زالوا هم ابناء لله وإخوة لكل إخوتهم، يشركونهم في خيراتهم، وظلُّوا أحرارًا، ويسيرون أحرارًا في طرق الله. هؤلاء أيضًا لهم ملكوت السماوات.
"طُوبَى لَكُم، أيُّها الجَائِعُونَ الآنَ فَسَوفَ تُشبَعُونَ. طُوبَى لَكُم، أيُّهَا البَاكُونَ الآنَ، فَسَوفَ تَضحَكُونَ" (٢١).
الجائعون، كل المعذبين على الأرض، والمرضى وضحايا الحروب، وضحايا ظلم الإنسان، كل ضحايا إخوتهم، كل هؤلاء المعذبين، الله أبوهم، سيقيم العدل لهم، ويستقبلهم في ملكوته.
"طُوبَى لَكُم إذَا أَبغَضَكُم النَّاسُ وَرَذَلُوكُم وَشَتَمُوا اسمَكُم وَنَبَذُوهُ عَلَى أنَّهُ عَارٌ، مِن أجلِ ابنِ الإنسَانِ. افرَحُوا فِي ذَلِكَ اليَومِ وَاهتَزُّوا طَرَبًا، فَهَا إنَّ أَجرَكُم فِي السَّمَاءِ عَظِيمٌ" (٢٢-٢٣).
الذين يؤمنون بيسوع، قد يَلقَوْن بسبب إيمانهم، كراهية، وإقصاء، وتفرقة، ونقص في الحقوق، وإهانات، اعتداءات... أيُّ موقف يتخذ المؤمن مقابل ذلك؟ يبكي، ويشكي، ويندب حظه، ويخاف، وينغلق على نفسه؟ كلا، بل البقاء في الحقيقة: إن حدث هذا كله "مِن أجلِ ابنِ الإنسَانِ"، إذًا " افرَحُوا فِي ذَلِكَ اليَومِ وَاهتَزُّوا طَرَبًا، فَهَا إنَّ أَجرَكُم فِي السَّمَاءِ عَظِيمٌ". افرحوا أمام الله، وظلوا في الحقيقة، أنتم مؤمنون بيسوع المسيح، وتتعاملون مع الله أولا لا مع الناس، والله أقوى من الناس. فإن عشتم بحسب إيمانكم، وجدَّدْتم إيمانكم، عند كل شدة، وجدَّدْتم عِلمَكم أنكم أبناء الله، إذاك اعملوا على صعيد البشر، كل ما يجب عمله، كل ما في وسعكم لاستعادة حقوقكم. أما الكراهية فقاوموها بالحب. وإن لزم أن تتألموا، لأنكم تؤمنون بيسوع المسيح، تألموا، عارفين أنكم لستم وحدكم: يسوع الذي يحمل صليبه هو معكم. تعلَّموا أن تتألموا مع يسوع حاملًا صليبه، وتعلَّموا أن تعيشوا مع يسوع الذي غلب الموت.
ربي يسوع المسيح، وعدتنا بملكوت السماء، مع كثير من الأوجاع على الأرض. أعطنا أن نعرف أن نعيش حياتنا على الأرض معك، ومعك نبقى أناسًا أحرارًا، فرحين، نسير دائمًا إليك، وفي الوقت نفسه نبني الأرض. معك. آمين.
الأربعاء ١٣ /٩/٢٠٢٣ الأسبوع ٢٣ من السنة/أ