عيد القديس متى الرسول - متى ٩: ٩- ١٣

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

ربي يسوع المسيح، دعوتني. فآمنت. وتبعتك. علِّمني. اجعلني أكون تلميذًا لك، وأكمِّل عملك بين إخوتي، وأن أحبك، وعلى الأرض، ربي يسوع المسيح، بدل كل الويلات وكل الخروب، ببشَرٍ يحِبَّون بعضُهم بعضًا. آمين.

عيد القديس متى الرسول - متى ٩: ٩- ١٣

٩. ومضى يسوع فرأى في طريقه رجلًا جالسًا في بيت الجباية، يُقالُ له متَّى، فقال له: اتبعني! فقام فتبعه.

١٠. وبينما هو على الطعام في البيت، جاء كثير من الجباة والخاطئين، فجالسوا يسوع وتلاميذه.

١١. فلمَّا رأى الفَرِّيسيُّون ذلك، قالوا لتلاميذه: لماذا يأكل معلِّمكم مع الجباة والخاطئين؟

١٢. فسمع يسوع كلامهم فقال: ليس الأصحَّاءُ بمحتاجين إلى طبيب، بل المرضى.

١٣. فهلَّا تتعلَّمون معنى هذه الآية: إنما أريد الرحمة لا الذبيحة، فإني ما جِئْتُ لأدعُوَ الأبرار، بل الخاطئين.

اليوم عيد القديس متى الرسول.

"وَمَضَى يَسُوع فَرَأَى فِي طَرِيقِهِ رَجُلًا جَالِسًا فِي بِيتِ الجِبَايَةِ، يُقَالُ لَهُ مَتَّى، فَقَالَ لَهُ: اتبَعْنِي! فَقَامَ فَتَبِعَهُ.

"رَأَى فِي طَرِيقِهِ رَجُلًا". يسوع يعرفه. منذ الأزل يعرفه. أمَّا هو متَّى فلا يعرفه. لربما سمع عنه. يسوع يعرف أنه من فئة من الناس محتقرة، ويعتبره الناس خاطئًا، لأنه يجبي الضرائب للعدوِّ الروماني. لكن يسوع يعرف أيضًا أنه إنسان، خلقه الله على صورته، ويُحِبُّه. يسوع يريد أن يجعله رسولًا ليكمِّل عمله في العالم، وفي الأجيال المقبلة. قال له يسوع ببساطة: اتبَعْنِي. كل القصة، كل مصير متَّى، لخَّصها الإنجيل الذي كتبه هو نفسه، في هذه الكلمات الثلاث: "اتبَعْنِي! فَقَامَ فَتَبِعَهُ".

يسوع دعانا يومًا، كهنةً وكهنةَ رعايا، ورهبانًا وراهبات، وكلَّ المكرسين، وكلَّ العلمانيين المؤمنين بيسوع. كلنا مدعوُّون لنتبع يسوع في حياتنا.

دعانا وتبعناه من دون نقاش. قضينا، نعم، زمنًا في تحضير أنفسنا، في الإكليركية أو في دار الابتداء... وتبعنا يسوع. وآمنَّا به. لنعرفه، ولنجعل الناس يعرفونه. لنتعلَّم من يسوع كلمة الله، الذي اختارنا منذ الأزل. مدعوُّون، لنبقى على الأرض، لكن لنعرف السماء، ولندخل في الأبدية، ولكي نجعل الناس أيضًا يعرفون الأبدية، ولنفتح قلوب الكثيرين على حضور الله بيننا على الأرض. كلمة الله، هو الله، صار إنسانًا، هذا هو سر التجسد، ليكون مثلنا ومعنا. وسر الفداء: تألم ومات من أجلنا ومن أجل خلاصنا. أن نعرف كل ذلك، وأن نعيش كل ذلك، في وسط هموم الأرض، وبين خطايا الأرض، خطايانا وخطايا إخوتنا. تجسَّد، وصار إنسانًا مثلنا. ثم أُسلِمَ إلى أيدي الناس، ليسخروا منه، ويحكموا عليه بالموت. ثم قام من الموت ممجَّدًا. قهر الموت. وخلقنا خلقًا جديدًا، إنسانًا جديدًا.

آمنَّا. وتبعناه. نحن إنسان جديد. الله معنا. ألله يُحِبُّنا. الله مات من أجلنا وقهر الموت وقام من بين الأموات ممجَّدًا. أن نعرف ذلك وأن نعيش ذلك. أن نتبع يسوع، ونعرفه، كلمة الله، فنسجد له ونُحِبُّه، ونترك كل شيء ونتبعه، ونتعلَّم منه، فنعلِّم إخوتنا. وكما صلَّى هو، وبذل حياته من أجلنا، وتشفَّع بنا، نصلِّي نحن أيضًا معه، من أجل أنفسنا، ومن أجل كل من نحن مسؤولون عنهم، من أجل رعيتنا، من أجل البلد كله، من أجل البشرية كلها. نعمل ما نقدر أن نعمله، ونجعل كل نشاطاتنا صلاة وشفاعة. كهنة رعايا، ورهبان وراهبات ومكرسون، وعلمانيون مؤمنون، كلنا شفعاء لبلدنا، وللبشرية.

أن نتبع يسوع، مثل متّى وسائر الرسل، ونعطي حياتنا من أجل يسوع. نعطي فقط. من دون أن نأخذ شيئًا. كما يعطي الله، ولا ينتظر شيئًا منّا. نعطي لإخوتنا، فنعطي لله. وأن نكون حاضرين أمام الله، وأن نعمل معه، ونجعل إخوتنا حاضرين أمام الله، أن نجعلهم قادرين على أن يُحِبُّوا، كما يُحِبُّ الله: إلى هذا نحن مدعوُّون ولهذا تبعنا يسوع.

ربي يسوع المسيح، دعوتني. فآمنت. وتبعتك. علِّمني. اجعلني أكون تلميذًا لك، وأكمِّل عملك بين إخوتي، وأن أحبك، وعلى الأرض، ربي يسوع المسيح، بدل كل الويلات وكل الخروب، ببشَرٍ يحِبَّون بعضُهم بعضًا. آمين.

 

الخميس ٢١/٩/٢٠٢٣                 الأحد ٢٤ من السنة/أ