الله صار إنسانًا، ولم يدركه الناس - مرقس٣: ٢٠-٢١

٢٠ وجاءَ إِلى البَيت، فعادَ الجَمعُ إِلى الازدِحام، حتَّى لم يَستَطيعوا أَن يَتنَاوَلوا طَعامًا. ٢١ وبَلَغَ الخَبَرُ ذَويه فَخَرَجوا لِيُمسِكوه، لِأَنَّهم كانوا يَقولون: إِنَّه ضائِعُ الرُّشْد".

الله صار إنسانًا، ولم يدركه الناس -  مرقس٣: ٢٠-٢١

الحرب. اليوم ١٠٥

        "إلهي، في النَّهارِ أَدْعو فلا تُجيب وفي اللَّيل لا سَكينَةَ لي. لا تَتَباعَدْ عنِّي فقدِ اْقتَرَبَ الضِّيقُ ولا مُعين. لَك تَحْيا نَفْسي" (مزمور ٢٢: ٣و١٢و٣١).

        ارحمنا، يا رب. نحن في الحرب. يريدون الإبادة في غزة. القلوب مليئة بالكراهية وبالموت. والصراع نفسه بين الشعبين قائم لا حل له. بدأوا يطرحون السؤال؟ ماذا بعد الحرب؟ لكنهم لا يفكرون في الحل العادل والنهائي للشعبين. ما زالوا يفكرون في الإبادة، للشعب الفلسطيني. لكن الموت ليس هو الحل. حتى أقوياء هذا العالم، لا يقدرون. يظنون أنهم يقدرون، لكنهم لا يقدرون. الموت ليس هو الحل. الحياة هي الحل. للقوي والضعيف. اللهم، أعط الأقوياء أن يروا أنهم لا يقدرون أن يصنعوا بالموت إلا مزيدا من الموت في أنفسهم وفي غيرهم، ولا يجدون حلًّا للصراع. أعطهم يا رب أن يروك، أن يروا قداسة هذه الأرض، وما هي مقتضيات قداستك أنت في هذه الأرض: الحياة للجميع. لا أحد يظلم أحدًا. يا رب، ارحم.

        انجيل اليوم

        "وجاءَ إِلى البَيت، فعادَ الجَمعُ إِلى الازدِحام، حتَّى لم يَستَطيعوا أَن يَتنَاوَلوا طَعامًا. وبَلَغَ الخَبَرُ ذَويه فَخَرَجوا لِيُمسِكوه، لِأَنَّهم كانوا يَقولون: إِنَّه ضائِعُ الرُّشْد" (٢٠-٢١).

        الإنجيل اليوم قصير جدًّا. ويشير إلى لحظة من لحظات الرفض في البشرية، أمام أعمال الله. من جهة الجموع حول يسوع جاءت تسمعه وتطلب الشفاء، ومن جهة أخرى، إشاعة تسري أنه "رجل فاقد الرشد". وصدَّق أهله وذووه الإشاعة فجاؤوا ليرجعوا به إلى البيت.

        مريم العذراء أمه، بكل تأكيد لم تصدق الإشاعة. كانت تعلم أنها لا تفهم كل شيء في حياة يسوع ابنها، منذ أحداث الطفولة، وحتى اليوم بعد أن بدأ حياته العامة "ليكون في ما هو لأبيه". أما سائر الأقارب، فصدقوا الإشاعة.

        من الصعب على الإنسان أن يفهم نفسه، من الصعب عليه أن يعيش كإنسان، فمن الطبيعي أن يكون صعبًا عليه أن يفهم سر الله.

        ونحن اليوم، ما زلنا أمام سر يسوع نفسه. الله صار إنسانًا، ولم يدركه الناس. قال يوحنا في الفصل الأول من إنجيله: " جاءَ إِلى بَيتِه. فما قَبِلَه أَهْلُ بَيتِه." (يوحنا ١: ١١). لم يقبلوه، وحكموا عليه بالموت... الجهل نفسه يخيم حتى اليوم على الكثيرين الكثيرين، حتى بين المؤمنين، وأهل البيت. الله يعطي والإنسان يرفض أن يأخذ. الله يحب والإنسان يجهل.

        في هذا الجهل البشري الكبير، أين أنا؟ اختارني يسوع، وأعطاني النعمة لأن أعرفه، وأومن به، وأتبعه، وأكرس حياتي لتكميل عمله، ولتبليغ كلمته ومحبته إلى البشرية. هل أعي هذا وعيًا كاملًا؟ هل أعيش في هذا المنطق، اختارني وأحبني وأرسلني؟ ومات من أجلي ومن أجل جميع الناس لأمنح أنا حياة جديدة للناس؟

        "كانوا يَقولون: إِنَّه ضائِعُ الرُّشْد"، لأن أعماله وتعاليمه كانت فوق مستوى الناس. خارج منطق الناس. كانوا عاجزين عن رؤية الله وسماعه. وهو العجز نفسه في الكثيرين اليوم، وخاصة في الذين يظنون أنهم يعرفون وأنهم قادة البشرية. ونحن الذين أنعم الله علينا بأن نعرف، قد نقع نحن أيضًا في العجز نفسه. يجب أن نطرح على أنفسنا الأسئلة: أين أنا؟ هل أجتهد لكي أبقى في السر الذي أدخلني فيه الله؟ هل أبقى على مستوى الارتفاع الذي رفعني إليه الله؟

        ربي يسوع المسيح، أريد أن أبقى مع الجموع البسيطة، التي آمنت وتبعتك. أريد أن أبقى صغيرًا قادرًا على رؤيتك وسماعك واتباعك، واعيًا دائمًا لما صنعتني، ولما تريده مني. ربي يسوع المسيح، أعطني النعمة لأن أبقى دائمًا واعيًا، في نورك. آمين.

السبت ٢٠/١/ ٢٠٢٣             الأسبوع الثاني من السنة/ي