الله أحبَّ العالم - يوحنا ٣: ١٦-٢١

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"إنَّ الله أَحَبَّ العَالَمَ". الله مهتم بالأرض وبالإنسان عليها. مهتَمٌّ ومحِبٌّ، بكل ما خلق، ولا سيما بنا، نحن البشر. يحبُّنا. الإنسان إذا بحث عن نفسه وجد نفسه في حب الله له. وإذا بحث عن الحياة، وجدها في حب الله له.

الله أحبَّ العالم - يوحنا ٣: ١٦-٢١

 

 ١٦. فإن الله أحب العالم حتى إنه جاد بابنه الوحيد، لكيلا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية 

١٧. فإن الله لم يُرسِلْ ابنه إلى العالم ليَدِين العالم، بل ليخلِّص به العالم 

١٨. من آمن به لا يُدان، ومن لم يؤمن به فقد دِينَ منذ الآن، لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد. 

١٩. وإنما الدينونة هي أن النور جاء إلى العالم، ففضَّل الناس الظلام على النور، لأن أعمالهم كانت سيئة.

٢٠. فكل من يعمل السيئات يبغض النور، فلا يُقبِلُ إلى النور لئلّا تًفضَحَ أعماله. وأما الذي يعمل للحق فيُقبِلُ إلى النور

٢١. لتَظهَرَ أعماله، وقد صُنِعَت في الله.

 

        "إنَّ الله أَحَبَّ العَالَمَ حَتَّى إِنَّهُ جَادَ بِابنِهِ الوَحِيدِ، لِكَيلَا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤْمِنُ بِهِ، بَل تَكُونُ لَهُ الحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (١٦).

        نتابع التأمل في لقاء يسوع مع نيقوديمس، في الفصل الثالث من إنجيل القديس يوحنا. قال يسوع لنيقوديمس الخائف والمتردد كلامًا كثيرًا وجديدًا، له ولنا، حتى اليوم. نقرأه ونتأمل فيه حتى ندخل في سر الله، بقدر ما نسمح لأنفسنا بأن نرتفع قليلًا فوق أرضنا، وننظر إلى السماء. لأنه بقدر ما نجتهد نحن، يضاعف الله جهدنا، ويكلِّمنا بكلام جديد، غير كلام الأرض، أسمى من شؤون الأرض، كلام حياة لنا، كلام ينعشنا في مواجهة هموم الأرض وصعابها.

        "إنَّ الله أَحَبَّ العَالَمَ". الله مهتم بالأرض وبالإنسان عليها. مهتَمٌّ ومحِبٌّ، بكل ما خلق، ولا سيما بنا، نحن البشر. يحبُّنا. الإنسان إذا بحث عن نفسه وجد نفسه في حب الله له. وإذا بحث عن الحياة، وجدها في حب الله له.

الله أحبَّ العالم. الله أحبَّني، ويُحِبُّنِي. أنا أسعى إلى علاقات كثيرة مع الناس، - وكلهم أبناء الله، لكن العلاقة الرئيسية التي فيها الحياة، التي فيها أنا بكمالي، هي العلاقة مع الله. وهي العلاقة مع الناس أيضًا، على أن أرى فيهم أبناء الله، فتكون علاقتي معهم علاقة مع الله، لا علاقة تمنعني من رؤية الله، وتخرجني من الطريق إلى الله.   

        أحبَّنا "حَتَّى إِنَّهُ جَادَ بِابنِهِ الوَحِيدِ". في ضعفنا، وفي جهلنا، وفي اقتتالنا بعضنا مع بعض، وفي مصارعتنا للموت، وفي بُعدِنا عن الله، نحن بحاجة إلى خلاص، إلى من يُرجِعُنا إلى الله أبينا، فنعرفه أبًا لنا. نحن بحاجة إلى مخلص يخلصنا، فيعيدنا إليه، وإلى أنفسنا، وإلى ملء الحياة. لذلك أرسل الله ابنه الوحيد، كلمته الأزلي، ليصير إنسانًا مثلنا، ليعيد تعليمنا، العلم الصحيح الذي به نرى الله أبانا، وأننا كلنا أبناؤه وإخوة. صار إنسانًا وتألم ومات وقام، حتى يكفر عن خطايانا. أحبَّنا الله، فأراد أن يعيد إلينا الحياة الكاملة، والعلاقة الصحيحة معه، بعضنا مع بعض. صار كلمة الله إنسانًا، حتى لا يبقى أحد لا-إنسان، غارقًا في بعده عن الله، وفي قتال أي أخ له في البشرية.

حتى لا يبقى أحد لا-إنسان، " بَل تَكُونُ لَهُ الحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ"، بعد هذه الحياة، وفي أثناء هذه الحياة. بحب يسوع المسيح لنا، كلمة الله الأزلي، باستحقاقه هو، بآلامه وموته، منحنا القوة لأن نعود إلى الله وإلى أنفسنا، وإلى الحياة كلها، الحياة الأبدية، التي هي حياة مع الله أبينا، ومع الناس كلهم نرى فهيم أبناء الله وإخوة لنا.

ربي يسوع المسيح، أحبَبْتَني، صرت إنسانًا مثلي لتأخذ بيدي وتعيدني إليك، وتعلِّمَني الحياة من جديد. أعطني أن أقبل ما تعطيني، فأعود إليك فَرِحًا، وإلى جميع إخوتي. آمين. 

الأربعاء ١٩ /٤/٢٠٢٣