أَحِبُّوا أَعدَاءَكُم، وَصَلُّوا مِن أَجلِ مُضطَهِدِيكُم - متى ٥: ٤٣-٤٨

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"سَمِعْتُم أَنَّهُ قِيلَ: أَحبِبْ قَرِيبَكَ وَأَبغِضْ عَدُوَّكَ. أمَّا أنَا فَأقُولُ لَكُم: أَحِبُّوا أَعدَاءَكُم، وَصَلُّوا مِن أَجلِ مُضطَهِدِيكُم، لِتَصِيرُوا بَنِي أَبِيكُم الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ، لِأَنَّهُ يُطلِعُ شَمسَهُ عَلَى الأَشرَارِ وَالأَخيَارِ، وَيُنزِلُ المـَطَرَ عَلَى الأَبرَارِ وَالفُجَّارِ" (٤٣-٤٥).

أَحِبُّوا أَعدَاءَكُم، وَصَلُّوا مِن أَجلِ مُضطَهِدِيكُم - متى ٥: ٤٣-٤٨

 

٤٣. سمعتم أنه قِيل: أحبِبْ قريبك وأبغِض عدوَّك. 

٤٤. أما أنا فأقول لكم: أحِبّوا أعداءكم، وصَلُّوا من أجل مضطهِدِيكم، 

٤٥. لتصيروا بني أبيكم الذي في السموات، لأنه يُطلِعُ شمسَه على الأشرار والأخيار، ويُنزِل المطر على الأبرار والفجار. 

٤٦. فإن أحبَبْتُم من يُحِبُّكم، فأيُّ أجرٍ لكم؟ أوليس الجباة يفعلون ذلك؟ 

٤٧. وإن سلَّمْتُم على إخوانكم وحدهم، فأيًّ زيادة فعَلْتُم؟ أوليس الوثنيون يفعلون ذلك؟ 

٤٨. فكونوا أنتم كاملين، كما أنَّ أباكم السماويَّ كامل.

"سَمِعْتُم أَنَّهُ قِيلَ: أَحبِبْ قَرِيبَكَ وَأَبغِضْ عَدُوَّكَ. أمَّا أنَا فَأقُولُ لَكُم: أَحِبُّوا أَعدَاءَكُم، وَصَلُّوا مِن أَجلِ مُضطَهِدِيكُم، لِتَصِيرُوا بَنِي أَبِيكُم الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ، لِأَنَّهُ يُطلِعُ شَمسَهُ عَلَى الأَشرَارِ وَالأَخيَارِ، وَيُنزِلُ المـَطَرَ عَلَى الأَبرَارِ وَالفُجَّارِ" (٤٣-٤٥). 

اقتدوا بالله. هذا هو المبدأ. هذا هو الطريق. مثل الله. لا نقول: هذا عالٍ جدًّا: هذا صعب جدًّا. نعم، هذا عالٍ، وصعب. لكنَّ الله إلى هذا يدعونا. وبما أنّ الله قريب منَّا، كل شيء يصبح ممكنًا لنا.

مِثلَ الله، يقول يسوع لنا أن نُحِبَّ أعداءنا. لأنهم لله، ليسوا أعداء. يمكن أن يكونوا أشرارًا، لكنهم ما زالوا في "الزمن"، فهم قادرون على التوبة. وهم دائمًا أبناء الله، وهم دائمًا إخوتك، ولو صاروا أعداءك، واعتدوا عليك.

قال يسوع: "أمَّا أنَا فَأقُولُ لَكُم: أَحِبُّوا أَعدَاءَكُم، وَصَلُّوا مِن أَجلِ مُضطَهِدِيكُم".

العدوّ هو الذي اعتدى عليَّ. لكنه أيضًا خليقة الله، وهو على صورة الله، مثلي. نحن أولًا إخوة. إن هو جعل نفسه عدوًّا، أنت لا تجعل نفسك عدوًّا. أنت على صورة الله، وأنت أخ. طالِبْ بما هو حقٌّ لك، طالب بالتعويض. أما أن تحقد، وأن تكره، فهذا لا يعوِّضُك شيئًا، ولا يصنع شيئًا لعدوِّك، وفيك يدمِّرُ صورة الله.

ونعود إلى السؤال الكبير: وإن كان العدُوُّ عدُوَّ حرب؟ وإن كان الموضوع موضوع صراع مثل الذي نحن فيه فلسطينيين وإسرائيليين؟ هنا أيضُا، طالِبْ بالعدل، بأفضل الطرق، ليس بطرق الدم. لكن إنْ فرَضَ العدُوُّ عليك طرق الدم، فأنت تدخلها، إنسانًا، عارفًا كرامة الإنسان فيك وفي عدُوِّك، وأنك على صورة الله، ومدعُوٌّ إلى أن تكون مثل الله: " لِتَصِيرُوا بَنِي أَبِيكُم الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ". عندما يفرض العدُوُّ عليك الحرب، أنتَ تدخلها. وعندما يصير الناس "وحوشًا ضارية" يقتتلون، وأنت في المعركة، حاول أن تضع فيها رؤيةً إنسانية، وأن الله أبونا جميعًا. كلام مستحيل؟ في واقع الحرب؟ في المستحيل، عُدْ إلى نفسك، عُدْ إلى الله، أبيك الذي في السماء، واسأله ماذا يمكن أن تصنع في مستحيل الناس.

ولا تنسَ الجوهر. مهما كان ضلال الجميع، ابقَ ما أنتَ، على صورة الله، وأخًا لكل إخوتك. "أمَّا أنَا فَأقُولُ لَكُم: أَحِبُّوا أَعدَاءَكُم"، ولا تنسَ الأمر الثاني الذي يبدو أيضًا مستحيلًا: "كُونُوا أَنتُم كَامِلِين، كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ كَامِلٌ"(٤٨). في هذه الأوامر، اعرِفْ مكانك. ومع الله، لا تقُلْ: مستحيل، ولا هذا عالٍ جدًّا. إلى هذا العُلُوِّ المستحيل أنتَ مدعُوّ.

        ربي يسوع المسيح، إنك تدعوني إلى ما هو عالٍ جدًّا. أنا وحدي، لا أقدر أن أصعد إلى هذا العُلُوّ. أنت، خُذْ بيدي. ارفَعْني، لكن أيضًا، ارحَمْ البشرية، خلِّصْها من شرورها، ومن حروبها. آمين.

الثلاثاء ٢٠/٦/٢٠٢٣                             الأسبوع ١١ من السنة/أ