اليوم عيد صعود الرب يسوع المسيح إلى السماء - مرقس ١٦: ١٥-٢٠

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

١٥ وقالَ لَهم: اذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين. ١٦ فمَن آمَنَ واعتَمَدَ يَخلُص، ومَن لَم يُؤمِنْ يُحكَمْ عَليه. ١٧ والَّذينَ يُؤمِنونَ تَصحَبُهم هذهِ الآيات: فبِاسْمي يَطرُدونَ الشَّياطين، ويَتَكَلَّمون بِلُغاتٍ لا يَعرِفونَها، ١٨ ويُمسِكونَ الحَيَّاتِ بِأَيديهِم، وإِن شَرِبوا شَرابًا قاتِلًا لا يُؤذيهِم، ويضَعونَ أَيديَهُم على المَرْضى فَيَتَعافَون. ١٩ وبَعدَ ما كَلَّمَهُمُ الرَّبُّ يسوع، رُفِعَ إِلى السَّماء، وجَلَس عَن يَمينِ الله. ٢٠ فذَهَبَ أُولئِكَ يُبَشِّرونَ في كُلِّ مكان، والرَّبُّ يَعمَلُ مَعَهم ويُؤَيِّدُ كَلِمَتَه بِما يَصحَبُها مِنَ الآيات.

اليوم عيد صعود الرب يسوع المسيح إلى السماء - مرقس ١٦: ١٥-٢٠

 

        الحرب ٢١٣

        أُزقزِقُ كالسُّنونو الرَّحَّال وأَنوحُ كالحَمامة. قد كَلَّت عَينايَ مِنَ النَّظَرِ الى العَلاء. يا رَبِّ، إِنِّي مَظْلوم، فكُنْ لي كَفيلًا... عافِني، وأَحْيِني" (أشعيا ٣٨: ١٤-١٥).

        ارحمنا، يا رب. اليوم عيد صعودك إلى السماء. في المجد. عيد انتصارك على الخطيئة والشر، وشر الحرب أيضًا. لكن انظر، يا رب، هذه الأرض نفسها التي شهدَتْ موتك، ومجد قيامتك وصعودك، ليس المجد فيها اليوم، بل خطيئة الإنسان، وشره ودمار الحرب والموت. انظر، يا رب، إلى العائلات، في رفح، اليوم، تُقصَف بلا رحمة، فيتنقل الناس بين الأنقاض، رجالًا ونساء وصغارًا، يبحثون عن مأوى، هاربين من القصف والموت. ربنا، أبانا، أنت الإله الصالح والقدير، اجعل صلاحك ينتصر، ومجدك، ورحمتك، على خطيئة الإنسان في رفح وفي كل غزة. " أُزقزِقُ كالسُّنونو الرَّحَّال وأَنوحُ كالحَمامة. قد كَلَّت عَينايَ مِنَ النَّظَرِ الى العَلاء. يا رَبِّ، إِنّا مَظْلومون، فكُنْ لنا حاميًا". ارحمنا، يا رب.

        إنجيل اليوم

        اليوم عيد صعود الرب يسوع المسيح إلى السماء. رجع الرب يسوع إلى مجده، لكنه لم يغادرنا، بل بقي معنا. هو كلمة الله الأزلي، الذي صار إنسانًا مثلنا، إنه باقٍ معنا، بحضوره في سر القربان، وبحضوره بقدرته وحبِّه. 

        الرب معنا. العالم ما زال في حاجة إلى الفداء، والخطيئة ما زالت في العالم ويجب التغلب عليها. والمعركة مع الشر مستمرة. وقد وعدنا يسوع بأنه باقٍ معنا وبأننا نقدر معه أن ننتصر على الشر والخطيئة.

        المعركة مستمرة، وحروبنا مستمرة، ورجاؤنا أيضا مستمر. نؤمن ونرجو.

        لهذا أرسل يسوع رسله يكرزون بالإنجيل، أرسَلَ كل الذين يؤمنون به ليحملوا نوره إلى العالم. وهو معنا حتى نهاية المعركة في هذا العالم.

        "وقالَ لَهم: اذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين. فمَن آمَنَ واعتَمَدَ يَخلُص، ومَن لَم يُؤمِنْ يُحكَمْ عَليه" (١٥-١٦).

        اذهبوا إلى العالم كله. اذهبوا أولا إلى أنفسكم، إلى أعماق ضميركم، وقلبكم، وعواطفكم، وأقوالكم وأعمالكم. انظروا ما فيها، ولتكُنْ المحبة فيها. آمنوا بي، وتعالوا إليَّ أنا الوديع والمتواضع القلب. إن نيري ليِّن وحملي خفيف. احملوا صليبكم واتبعوني، حتى تقدروا أن تساعدوا إخوتكم وأخواتكم في حمل صليبهم.

        اذهبوا إلى أنفسكم، واذهبوا إلى الأقربين منكم، وإلى جميع الذين وُكِلُوا إليكم، وإلى جميع الذين يمكن أن تصل إليهم كلمتكم. اكرزوا بالإنجيل. عرِّفوا الناس ما عرفتم، عرِّفُوهم الحياة الجديدة التي منحتكم إياها على الأرض.

        اعرفوا وأخبروا الجميع أني معكم، وأنكم تقدرون أن تنتصروا على الشر والخطيئة، حتى على الحرب، ومن دون أسلحة الناس، ويمكنكم أن تخلقوا معي أرضًا جديدة، في أرضكم وفي كل أنحاء العالم، انطلاقًا من أرضكم التي قدَّسْتُها وطهرتها بحضوري وبموتي وقيامتي.

        "مَن آمَنَ واعتَمَدَ يَخلُص، ومَن لَم يُؤمِنْ يُحكَمْ عَليه".  الجميع مدعُوّون إلى الخلاص. فأعلنوا البشارة إلى الناس أجمعين. من آمن يخلص. والذين يرفضون يحكمون هم على أنفسهم. لكن الأرض تبقى أرضًا للمغفرة والخلاص، ما زال الإنسان فيها. الجميع على الأرض قادرون على التوبة وعلى أن ينالوا المغفرة.

        آمنوا، أنتم، وأعطوا مما أخذتم.

        "فذَهَبَ أُولئِكَ يُبَشِّرونَ في كُلِّ مكان، والرَّبُّ يَعمَلُ مَعَهم ويُؤَيِّدُ كَلِمَتَه بِما يَصحَبُها مِنَ الآيات" (٢٠) "والرب يعمل معهم"، بعد صعوده إلى السماء. الرب دائمًا معنا، هو الذي يعمل ويغيِّر القلوب. هو الذي يخلق الأرض باستمرار ويعيد خلقها ويعيدها إلى صلاحها الأول، بواسطة عملنا المتواضع والمتردد والمتعثر. الرب يعمل معنا. لنعمل نحن معه.

        ربي يسوع المسيح، نحتفل اليوم يعيد صعودك إلى السماء، بعد أن أتممت مشيئة الآب، وخلَّصْتَ البشرية بموتك وقيامتك. ربي يسوع المسيح، زدني إيمانًا. أعطني أن أبقى دائمًا معك، كما أنك أنت دائمًا معي. آمين.

الخميس ٩/٥/ ٢٠٢٤              عيد الصعود