مرة ثانية، إنجيل الابن الضالّ - لوقا ١٥: ١-٣ و١١-٣٢
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
١وكانَ الجُباةُ والخاطِئونَ يَدنونَ مِنه جَميعًا لِيَستَمِعوا إِلَيه. ٢فكانَ الفِرِّيسِيُّونَ والكَتَبَةُ يَتَذَمَّرونَ فيَقولون: «هٰذا الرَّجُلُ يَستَقبِلُ الخاطِئينَ ويَأكُلُ مَعَهم!» ٣فضَرَبَ لَهم هٰذا المــَثَلَ قال: ١١وقال: «كانَ لِرَجُلٍ ابنان. ١٢فقالَ أَصغَرُهما لِأَبيه: يا أَبَتِ أَعطِني النَّصيبَ الَّذي يَعودُ علَيَّ مِنَ المال. فقَسَمَ مالَه بَينَهما. ١٣وبَعدَ بِضعَةِ أَيَّامٍ جَمَعَ الِابنُ الأَصغَرُ كُلَّ شَيءٍ لَه، وسافَرَ إِلى بَلَدٍ بَعيد، فَبدَّدَ مالَه هُناكَ في عيشَةِ إِسراف. ١٤فَلَمَّا أَنفَقَ كُلَّ شَيء، أَصابَت ذٰلكَ البَلَدَ مَجاعَةٌ شَديدة، فأَخَذَ يَشْكو العَوَز. ١٥ثُمَّ ذَهَبَ فالتَحَقَ بِرَجُلٍ مِن أَهلِ ذٰلكَ البَلَد، فأَرسَلَه إِلى حُقولِه يَرْعى الخَنازير. ١٦وكانَ يَشتَهي أَن يَملَأَ بَطنَه مِنَ الخُرنوبِ الَّذي كانتِ الخَنازيرُ تَأكُلُه، فلا يُعطيهِ أَحَد.

. ١٧فرَجَعَ إِلى نَفسِه وقال: كم أَجيرٍ لِأَبي يَفضُلُ عنه الخُبْزُ وأَنا أَهلِكُ هُنا جُوعًا! ١٨أَقومُ وأَمضي إِلى أَبي فأَقولُ لَه: يا أَبَتِ إِنِّي خَطِئتُ إِلى السَّماءِ وإِلَيكَ. ١٩ولَستُ أَهْلًا بَعدَ ذٰلك لِأَن أُدْعى لَكَ ابنًا، فاجعَلْني كأَحَدِ أُجَرائِكَ. ٢٠فقامَ ومَضى إِلى أَبيه. وكانَ لم يَزَلْ بَعيدًا إِذ رآه أَبوه، فتَحَرَّكَت أَحْشاؤُه وأَسرَعَ فأَلْقى بِنَفسِه على عُنُقِه وقَبَّلَه طَويلًا. ٢١فقالَ لَه الِابْن: يا أَبَتِ، إِنِّي خَطِئتُ إِلى السَّماءِ وإِلَيكَ، ولَستُ أَهْلًا بَعدَ ذٰلِكَ لِأَن أُدْعى لَكَ ابنًا. ٢٢فقالَ الأَبُ لِخَدَمِه: أَسرِعوا فأتوا بِأَفخَرِ حُلَّةٍ وأَلبِسوه، واجعَلوا في إِصبَعِه خاتَمًا وفي قَدَمَيه حِذاءً، ٢٣وأتوا بِالعِجْلِ المُسَمَّن واذبَحوه فنأكُلَ ونَتَنَعَّم، ٢٤لِأَنَّ ابنِي هٰذا كانَ مَيتًا فعاش، وكانَ ضالًّا فوُجِد. فأَخذوا يتَنعَّمون.
٢٥وكانَ ابنُه الأَكبَرُ في الحَقْل، فلمَّا رَجَعَ واقتَرَبَ مِنَ الدَّار، سَمِعَ غِناءً ورَقْصًا. ٢٦فدَعا أَحَدَ الخَدَمِ واستَخبَرَ ما عَسَى أَن يَكونَ ذٰلك. ٢٧فقالَ لَه: قَدِمَ أَخوكَ فذَبَحَ أَبوكَ العِجْلَ المــُسَمَّن لِأَنَّه لَقِيَه سالِمًا. ٢٨فغَضِبَ وأَبى أَن يَدخُل. فَخَرَجَ إِلَيه أَبوهُ يَسأَلُه أَن يَدخُل، ٢٩فأَجابَ أَباه: ها إِنِّي أَخدُمُكَ مُنذُ سِنينَ طِوال، وما عَصَيتُ لَكَ أَمرًا قَطّ، فما أَعطَيتَني جَدْيًا واحِدًا لِأَتَنَعَّمَ بِه مع أَصدِقائي. ٣٠ولمــَّا قَدِمَ ابنُكَ هٰذا الَّذي أَكَلَ مالَكَ مع البَغايا، ذَبَحتَ له العِجْلَ المــُسَمَّن! ٣١فقالَ له: يا بُنَيَّ، أَنتَ مَعي دائمًا أَبدًا، وجَميعُ ما هو لي فهُو لَكَ. ٣٢ولٰكِن قد وَجَبَ أَن نَتَنَعَّمَ ونَفرَح، لأَنَّ أَخاكَ هٰذا كانَ مَيتًا فعاش، وكانَ ضالًّا فوُجِد»
إنجيل اليوم.
"وكانَ الجُباةُ والخاطِئونَ يَدنونَ مِنه جَميعًا لِيَستَمِعوا إِلَيه. فكانَ الفِرِّيسِيُّونَ والكَتَبَةُ يَتَذَمَّرونَ فيَقولون: «هٰذا الرَّجُلُ يَستَقبِلُ الخاطِئينَ ويَأكُلُ مَعَهم!" (١-٢).
مرة ثانية هذا الإنجيل نفسه، إنجيل الابن الضالّ.
كيف ننظر إلى الخطأة؟ كل إنسان هو على صورة الله، وكرامته من كرامة الله. والله يحب كل إنسان. وكلنا أبناء الله. هذه هي النظرة الأساسية لكل إنسان.
الإنسان الذي وقع في الشر، الله ينهضه ويصلحه. الله ينتظر عودته وتوبته، ويغفر له. ونحن يجب أن نكون مثل الله، نقتدي بالله في ترحيبه بالخطأة ورحمته لهم.
بل ونساعدهم ليتوبوا عن خطيئتهم، وعن الشر الذي فيهم. نحن مُرسَلون إليهم، لنساعدهم ليرجعوا. أمام الله، لا أحد ميؤوس منه. ما زال فيه نفَس ويقول: ارحمني يا الله، الله يرحمه ويغفر له.
"كانَ الفِرِّيسِيُّونَ والكَتَبَةُ يَتَذَمَّرونَ فيَقولون: «هٰذا الرَّجُلُ يَستَقبِلُ الخاطِئينَ ويَأكُلُ مَعَهم!". "الكبار" في زمن يسوع، منتفخون بأنفسهم، لا يسيرون في طرق الله، ومواقفهم مختلفة عن مواقف الله. فهم يحتقرون الخطأة، ويتركونهم في خطيئتهم... الله يرى غير ذلك. ونحن أيضًا، إن أردنا أن نسير في طرق الله نحب إخوتنا ولو خطئوا، ومثل الله، نحن أيضًا نرحمهم ونريهم طريق الرجوع إلى الله، وإلى الإخوة.
3 / 5
ثم نتذكر أننا نحن المدعُوِّين لنكون قديسين كما أن الله قدوس، يمكننا أيضًا أن نقع في الخطيئة، مثل كل إخوتنا. لسنا أفضل من غيرنا. كل ما هو صالح فينا هو من الله. وكل شر يأتي من ضعفنا. لكن إذا سرنا في نور الله فإننا نرجو أن ننهض ونرجع إلى أبينا.
توجد الخطيئة في تاريخ كل البشرية. الحرب خطيئة. الجوع والعطش اللذان يُفرَضان على بعض الإخوة خطيئة. كل عمل حرب خطيئة. في هذا المجال، في خطيئة الحرب هذه، الإنسانية مَدعُوَّة إلى مقاومة "أهل الحرب"، وإلى الرجوع إلى الله وإلى جميع الإخوة. الله ينتظر البشرية كلها لترجع إليه. انتظار الله هذا هو أساس الرجاء والأمل في الجميع. مهما كان شر الإنسان، صلاح الله أكبر. لهذا نرجو وننتظر السلام والعدل. ننتظر نور الله وحب الله. في حربنا اليوم، في خطيئة الحرب، نسير ثابتين إلى نور الله، نحو السلام والعدل.
ربي يسوع المسيح، أعطني أن أحب كل إخوتي، وأن أقودهم إليك، إن وقعوا. وأعطني أن أزرع الأمل حيثما كنتُ بالرغم من كل شر الناس. آمين.
الأحد ٣٠/٣/٢٠٢٥ الأحد الرابع من الصوم - السنة/ج