لَيسَ الأصِحَّاءُ بِمُحْتاجينَ إِلى طَبيب، بَلِ المَرْضى - متى ٩: ٩-١٣
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٩ومَضى يسوعُ فَرأَى في طَريقِه رَجُلًا جالِسًا في بَيتِ الجِبايَةِ يُقالُ لَه مَتَّى، فقالَ لَه: «اتْبَعْني!» فقامَ فَتَبِعَه. ١٠وبَينَما هو على الطَّعامِ في البَيت، جاءَ كَثيرٌ مِنَ الجُباةِ والخاطِئين، فجالَسوا يسوعَ وتلاميذَه. ١١فلَمَّا رأَى الفَرِّيسِيُّونَ ذٰلك، قالوا لِتلاميذِه: «لِماذا يَأكُلُ مُعَلِّمُكم مَعَ الجُباةِ والخاطِئين؟» ١٢فَسَمِعَ يسوعُ كَلامَهم فقالَ: «لَيسَ الأصِحَّاءُ بِمُحْتاجينَ إِلى طَبيب، بَلِ المَرْضى. ١٣فهَلَّا تَتعلَّمونَ مَعْنى هٰذه الآية: «إِنَّما أُريدُ الرَّحمَةَ لا الذَّبيحَة»، فإِنِّي ما جِئتُ لِأَدعُوَ الْأَبْرارَ، بَلِ الخاطِئين».

الحرب. السنة الثانية – يوم ٢٦٦ – (في ١٨ آذار عادوا إلى الحرب من جديد) (وحالة الضفة على ما هي: اعتداءات على الناس، ودمار وأسرى وبدء إزالة لمخيمات اللاجئين).
"اللَّهُمَّ أَسرِعْ إِلى إِنْقاذي، يا رَبِّ إِلى نُصرَتي" (مزمور ٧٠: ٢). ارحمنا، يا رب. ارحمنا. أمس، يا رب، قتلوا طبيبًا وزوجته وأبناءه الخمسة، قصفوا بيته، وهم عالمون أنهم هناك. قتلوهم محبة بالقتل. وقصفوا أيضًا مقهى كان مكان تجمع لبعض المثقفين والصحفيين. وقتلوا منهم ٣٢، وهم يعرفون، محبة بالقتل فقط. ارحمنا، يا رب. متى تُوقِفُ قاين عن قتل أخيه؟ دماء غزة كلها، وفلسطين، والمنطقة كلها، تصرخ إليك، يا رب. ارحمنا، يا رب.
إنجيل اليوم
"ومَضى يسوعُ فَرأَى في طَريقِه رَجُلًا جالِسًا في بَيتِ الجِبايَةِ يُقالُ لَه مَتَّى، فقالَ لَه: «اتْبَعْني!» فقامَ فَتَبِعَه" (٩).
دعوة متى، وجوابه، قام وتبعه، من دون تردد ولا تحفظ. ترك كل شيء وتبعه.
نتبع يسوع من دون تردد، من دون أن أنظر إلى الوراء. أنظر إلى السماء وأرى الله. ولا رابط في الأرض يربطني ويعيقني. كل شيء في الحياة يصير نظرة إلى السماء، ورؤية الله في كل الظروف وأحداث الحياة.
في أرض مليئة بالشر، وبالحروب، وبقسوة الإنسان على أخيه الإنسان، أنظر إلى السماء وأرى الله. أمام البيوت المدمرة، والشهداء الذين ارتقوا إلى ربهم، والمستوطنين المخربين والقاتلين، أنظر إلى السماء وأرى الله.
هل هذا ممكن؟ نعم، لله كل شيء ممكن، والجميع، الأبرار والأشرار، الأصدقاء والأعداء، كلهم أبناء الله، الله الأب، ومُحِبّ البشر.
كان متى جالسًا في بيت الجباية. ترك كل شيء، رأى النور وتبع يسوع. كيف أتبع يسوع اليوم، كيف أكون مسيحيًّا اليوم؟ كيف أرى الله في جميع أبناء الله؟ وأصير مع يسوع مخلص كل الناس، الأبرار والأشرار، والذين يستحيل، مع الظروف الحاضرة، أن نعتبرهم أبناء الله؟ مع أن الله يمطر ويرسل شمسه على الأبرار والأشرار، كلهم بلا استثناء. يسوع قال: "أُريدُ الرَّحمَةَ لا الذَّبيحَة»، فإِنِّي ما جِئتُ لِأَدعُوَ الْأَبْرارَ، بَلِ الخاطِئين» (١٣).
وعندما نقول "الأشرار"، قد نفكر في الأشرار في أنحاء العالم، لا نعرفهم، ولا علاقة لنا بهم. بل يجب أن نفكر في الذين نعرفهم ويفرضون علينا الحرب وويلاتها... من الصعب أن ننظر إلى غزة ولا نحكم على القاتلين هناك. وعلى شر الإنسان. نريد أن نحيا مع الله؟ نريد أن نتبع يسوع من دون تحفظ؟ نسير في درب الصليب مع يسوع ونسير معه حتى الجلجلة. الأمر صعب؟ لكن الموقف: هو أن ننظر إلى السماء أو لا نتبع يسوع، ولا نرى الله.
ربي يسوع المسيح، تدعوني اليوم لأتبعك. دعوتني منذ سنين عديدة وتبعتك. أنا أيضًا تركت كل شيء. لكن في طريقي الطويل راكمت في نفسي أشياء كثيرة من الأرض. والحرب أيضًا جاءت. ربي يسوع المسيح، خلصني من كل العوائق التي تمنعني من الرؤية. احفظني في نورك، وفي محبتك. آمين.
الجمعة ٤/٧/٢٠٢٥ الأحد ١٣ من السنة/ج