جبل التطويبات المشرف على بحيرة طبريا
الكاتب : الأب رائد أبو ساحلية، راعي كنيسة القديس يوسف للاتين في الرينة
هنا علمنا السيد المسيح خلاصة المسيحية في عظة الجبل.. هنا لفظ التطويبات اي طريق السعادة الابدية.. هنا قال لنا أنتم ملح الارض ونور العالم.. هنا علمنا المحبة وخاصة محبة الاعداء..

هنا قال مرارا: سمعتم انه قيل لكم.. أما أنا فأقول لكم.. أي شريعته الجديدة..
أما عند الجبل فحدّث ولا حرج:
يقع جبل التطويبات على بعد اثني عشر كيلومترا من بحيرة طبريا، ويعلو عنها حوالي 150 مترا، ولكنه بالفعل يهبط تحت سطح البحر الأبيض المتوسط 62 مترا.
ذكرت الراهبة الاسبانية المدعوة اثاريا التي زارت الأرض المقدسة ما بين سنة 393-396م، أنها شاهدت على أسفل الجبل المغارة التي جلس عليها السيد المسيح عندما ألقى على الجموع الخطبة الشهيرة المعروفة بالتطويبات وأنه كان على المغارة كنيسة.
في سنه 1935 قام الآباء الفرنسيسكان بالتنقيب في المكان، فوجدوا أثار الكنيسة التي ذكرتها اثاريا مع المغارة، وكان طولها أحد عشر مترا وتسعون سم. وعرضها أربعة أمتار وأربعون سم، تزين أرضها الفسيفساء الجميلة تعود إلى ما بين القرن الرابع والسادس الميلادي.
يتضح أن المسيحيين بعد هدم وضياع الكنيسة اعتبروا الجبل بأكمله مكانا مقدسا، لأن المسيح كان يتردد إليه ويعتكف عليه للصلاة.
ومنذ القرن السادس اعتاد المسيحيون زيارتهم للمكان لغاية عام 1904، حيث تم استملاك الجبل الذي تبلغ مساحته 2910 دونماً بشرائه من قبل الجمعية الوطنية الايطالية التي ترعى شؤون المرسلين الايطاليين خارج بلادهم، فقامت ببناء نزل على قمة الجبل وعهدت به إلى راهبات الفرنسيسكان المدعوات على اسم قلب العذراء مريم. وفي سنة 1937 شيدت الجمعية الايطالية الكنيسة الحالية رائعة البناء إذ نشاهد قبتها الشامخة مزينة من الداخل بالفسيفساء الذهبية، تضيئها ثماني نوافذ كتب على زجاجها التطويبات باللاتينية؛ فالكنيسة مصممة على شكل مثمن، يتوسطها مذبح مزدوج يظلله قوس من المرمر الجميل.
والقبة ترتكز على ثماني أعمدة تشترك في أعلاها بأقواس تجعل منها إكليلا مستديرا حول المذبح، ونرى جدران الكنيسة الداخلية مزينة بصفائح الرخام من الأونكس، كما نشاهد في الجدران السفلى من الكنيسة ثماني نوافذ أخرى على شكل خندق حربي دفاعي يعطينا فكرة عن التطويبات الثمانية التي تدعم فلسفة الدفاع المسيحي ضد فلسفات العالم المادية. وقد أحاط المهندس برلوتسي الكنيسة من الخارج بأروقة ليتمكن الزائر من مشاهدة منظر بحيرة طبريا والمنطقة المحيطة بها. ومما تجدر الإشارة إليه أن البستان الواسع الذي يحيط بالمكان تظلله الأشجار الوارفة التي تنتصب تحتها أماكن متعددة خصصت للعبادة لمن شاء من أفواج الزائرين.