بعد الأحد الثاني في زمن الصيام- كلمة الله - متى ٢٠: ١٧-٢٨

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

زمن الصوم. زمن لمعرفة يسوع المسيح. لمعرفة الله أبينا، وحبه لنا إلى حد أنه أرسل إلينا ابنه الوحيد، كلمته الأزلي، ليصير إنسانًا وليموت على يد الناس، بل على يد من علَّمَهم الله بواسطة الأنبياء، حُرَّاس شريعة موسى، معلِّمي شعب الله، هم يحكمون عليه بالموت، "وَيُسلِمُونَهُ إلَى الوَثَنِيِّينَ، لِيَسخَرُوا مِنهُ وَيَجلِدُوهُ وَيَصلِبُوهُ، وَفِي اليَومِ الثَّالِثِ يِقُومُ" (١٠).

بعد الأحد الثاني في زمن الصيام- كلمة الله - متى ٢٠: ١٧-٢٨

 

 ١٧. وأوشك يسوع أن يصعد إلى أورشليم، فانفرد بالاثني عشر، وقال لهم في الطريق: 

١٨. ها نحن صاعدون إلى أورشليم، فابن الإنسان يسلم إلى عظماء الكهنة والكتبة، فيحكمون عليه بالموت 

١٠. ويسلمونه إلى الوثنيين، ليسخروا منه ويجلدوه ويصلبوه، وفي اليوم الثالث يقوم. 

٢٠. فدنت إليه أم ابني زبدى ومعها ابناها، وسجدت له تسأله حاجة. 

٢١. فقال لها: ماذا تريدين؟ قالت: مر أن يجلس ابناي هذان أحدهما عن يمينك والآخر عن شمالك في ملكوتك. 

٢٢. فأجاب يسوع: إنكما لا تعلمان ما تسألان: أتستطيعان أن تشربا الكأس التي سأشربها؟ قالا له: نستطيع. 

٢٣. فقال لهما: أما كأسي فسوف تشربانها، وأما الجلوس عن يميني وعن شمالي، فليس لي أن أمنحه، بل هو للذين أعده لهم أبي. 

٢٤. وسمع العشرة ذلك الكلام فاستاؤوا من الأخوين. 

٢٥. فدعاهم يسوع إليه وقال لهم: تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونها، وأن أكابرها يتسلطون عليها. 

٢٦. فلا يكن هذا فيكم، بل من أراد أن يكون كبيرا فيكم، فليكن لكم خادما. 

٢٧. ومن أراد أن يكون الأول فيكم، فليكن لكم عبدا: 

٢٨. هكذا ابن الإنسان لم يأت ليخدم، بل ليخدم ويفدي بنفسه جماعة الناس.

 

"هَا نَحنُ صَاعِدُونَ إلَى أُورَشَلِيم، فَابنُ الإنسَانِ يُسلَمُ إلَى عُظَمَاءِ الكَهَنَةِ وَالكَتَبَةِ، فَيَحكُمُونَ عَلَيهِ بِالمـَوتِ" (١٨). 

زمن الصوم. زمن لمعرفة يسوع المسيح. لمعرفة الله أبينا، وحبه لنا إلى حد أنه أرسل إلينا ابنه الوحيد، كلمته الأزلي، ليصير إنسانًا وليموت على يد الناس، بل على يد من علَّمَهم الله بواسطة الأنبياء، حُرَّاس شريعة موسى، معلِّمي شعب الله، هم يحكمون عليه بالموت، "وَيُسلِمُونَهُ إلَى الوَثَنِيِّينَ، لِيَسخَرُوا مِنهُ وَيَجلِدُوهُ وَيَصلِبُوهُ، وَفِي اليَومِ الثَّالِثِ يِقُومُ" (١٠). 

نتأمل أولا في هذه الحقيقة: الله يحِبُّنا. أحبَّنا فخلقنا ثم خطئنا. وأحبَّنا فعاد إلينا ليخلِّصنا من الخطيئة، وبطريقة عجيبة مذهلة، رأيناها بأعيننا وأحاسيسنا، يسوع الإله الحق، والإنسان الحق، أُسلِم إلى الموت. في يوم معموديته، سمعنا صوت الآب يقول: "هذا هو ابني الحبيب". وفي يوم التجلي على جبل طابور، سمعنا صوت الآب نفسه يكرر: "هذا هو ابني الحبيب". واليوم يسوع، كلمة الله الأزلي، الابن الحبيب، يقول لنا، إنه سيُصلَب ويموت. هكذا الله أحبنا. لماذا هكذا؟ لماذا بالآلام؟ لماذا بالموت؟ نحن نعلم شيئًا واحدًا أن كل ذلك تمَّ بسبب حبِّنا، من أجل خلاصنا من الحطيئة فينا. لنترُكْ كل سؤال. لن نفهم إلا ما يريد الله نفسه أن يعلِّمَنا في الكتب المقدسة. لنترُكْ كل سؤال. ولنقُلْ: إلهي، أبي، شكرًا لكل ما صنعت حبًّا لي. أعطني أن أقبل نعمتك. أعطني أن أحبك، كما أحببتني.

أولا، من كلام يسوع ينبئ تلاميذه أنه سيتألم ويموت، نَعلَم أن الله يحبنا. نَعلَم ونتأمل. ونصلي بصمت.

ثانيا، بهذا الكلام أراد يسوع أن يُعلِّم رسله من هو. ليس المسيح الزمني المظفَّر، ليس قاهر الجيوش الرومانية، ليس المحرر السياسي لشعبه. ليس فقط صانع العجائب الذي تتهافت إليه الجماهير... إنه كلمة الله. إنه ابن الله، صار إنسانًا ليتألم ويموت ثم يقوم. هذا هو يسوع المعلِّم. سيموت. ثم يقوم ممجدًا، لكن لا بمجد الناس، بل بمجد الله. وسيغلب العالم، لا بالحروب، ولا بموت الناس، - بل بموت نفسه فقط-، وبذلك سيبدِّل القلوب، سيُوجِد الإنسان الجديد، القادر على تحرير نفسه من الخطيئة، القادر على تحرير الإنسانية كلها من الخطيئة. لكن مَن أراد فقط، فهو الذي يدخل في هذه الإنسانية الجدية. مرغمًا لا أحد يخلص. الله يعطي نعمته، بعطي لكل من أراد. لكل من أراد أن يخلص، أن يعرف حب الله، وأن يحب كما يحب الله، فيحب جميع إخوته أيضًا، فتنتفي الخطيئة، ويصبح الإنسان صانع سلام، ويعيش حياة الإنسان الذي هو أقوى من كل شر وخطيئة.

اللهم أعطني أن أقبل ما تعطيني. أن أدخل في حبك، فأحب كل إخوتي، وأصير صانع سلام فقط، في كل علاقاتي مع كل إخوتي. آمين.

الأربعاء ٨/٣/٢٠٢٣