رسالة الأب ايلي كرزم، مدير عام مدارس البطريركية اللاتينية في الجليل عشية السنة الدراسية

القيامة – ننشر فيما يلي الرسالة التي وجهها الأب ايلي كرزم، مدير عام مدارس البطريركية اللاتينية في الجليل للطلاب والهيئات التدريسية والأهالي عشية افتتاح السنة الدراسية الجديدة، وقد أجرى موقع "القيامة" لقاء خاصا مع الأب ايلي كرزم بهذه المناسبة تقرأونه في باب "لقاءات ومقابلات".

رسالة الأب ايلي كرزم، مدير عام مدارس البطريركية اللاتينية في الجليل عشية السنة الدراسية

السادة أعضاء الهيئتين الإدارية والتدريسية، الطلبة الأعزاء، أولياء الأمور الطيبين

تحية محبة وامتنان؛

مع بداية عامنا الدراسي الجديد، نستقبلكم بقلوب الحب والفرح بعد إجازة صيفية سعيدة، فلنحرص جميعًا أن يكون شعارنا الامتياز والتميّز.

لنتأمل معا في نص من بشارة الانجيلي لوقا، والذي يتحدث فيه عن قراءة السيد المسيح لمقطع من سفر النبي أشعياء.

"وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ حَيْثُ كَانَ قَدْ نَشَأَ، وَدَخَلَ الْمَجْمَعَ، كَعَادَتِهِ، يَوْمَ السَّبْتِ، وَوَقَفَ لِيَقْرَأَ. فَقُدِّمَ إِلَيْهِ كِتَابُ النَّبِيِّ إِشَعْيَاءَ، فَلَمَّا فَتَحَهُ وَجَدَ الْمَكَانَ الَّذِي كُتِبَ فِيهِ: «رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْفُقَرَاءَ؛ أَرْسَلَنِي لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاقِ وَلِلْعُمْيَانِ بِالْبَصَرِ، لأُطْلِقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَاراً، وَأُبَشِّرَ بِسَنَةِ الْقَبُولِ عِنْدَ الرَّبِّ». ثُمَّ طَوَى الْكِتَابَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْخَادِمِ، وَجَلَسَ. وَكَانَتْ عُيُونُ جَمِيعِ الْحَاضِرِينَ فِي الْمَجْمَعِ شَاخِصَةً إِلَيْهِ. فَأَخَذَ يُخَاطِبُهُمْ قَائِلاً: «الْيَوْمَ تَمَّ مَا قَدْ سَمِعْتُمْ مِنْ آيَاتٍ...»

 (من بشارة الانجيلي لوقا البشير- الفصل الرابع والآيات 17-22).

نرى ان السيد المسيح له المجد هو المعلم الأول والأوحد، فهو يفتح سفرا من أسفار العهد القديم لان به، يُوضَح ويُفهَم هذا العهد. ويغلق السفر لأنه يبدأ بعهد جديد. ثم يجلس كي يُعلم. وبعد ان قرأ نص اشعيا يقول: اليوم تم ما سمعتم من آيات… فقد اتى للفقير، الذي ليس له ما يعطيه لله، ويقول له أنت موضع محبة الله، والله يحبك لأنك تعلم ان ليس لديك ما تعطيه لله بعكس الكتبة والفريسيين الممتلئين من ذواتهم. لقد أتى يعطي الحرية للأسرى، فالأسير المكبل بالحديد لا يستطيع ان يركض الى الله، ومع ذلك أتى لينزع عنه كل ما يمنعه من الجري والسير الى الله تعالى، والى القريب. أتى ليفتح عيون العميان، الذين يسيرون دون رؤية الى الامام، ان يعطيهم معنى لحياتهم ليسيروا الى الله تعالى، ليروا ويميزوا بين الخير والشر.

وأن يطلق المسحوقين والمتعبين من الهموم المختلفة من ثقل الحياة. وأخيرا أن يدعو بسنة مقبولة، أي سنة يوبيل التى فيها يتذكر الانسان انه لا يملك شيئا ويعيد الأرض لله تعالى.

اخوتي واخواتي المدراء والمعلمين، نحن ايضا بحاجة لان نتعلم من معلمنا الالهي كيف نعلم ونعطي طلابنا المحبة، لكل طالب يأتي الينا لطلب العلم، فالمحبة هي المعلم الاول.

نعطي طلابنا بأن يتحرروا من المفاهيم السابقة والأحكام المسبقة عن الله والكنيسة، التي تكبلهم وتمنعهم من السير والجري نحو الله والكنيسة.

نفتح عيونهم لكي يسيروا في طريق الخير، ونساعدهم لتكوين شخصيتهم الخاصة بهم وليس شخصيتي أنا (المعلم).

دوري أن أساعد في بناء الضمير وان لا اكون أنا ضميرهم. أن أكون سند المسحوقين المتعبين، فكم من الطلبة اليوم بحاجة لنا كي ندعمهم في أزماتهم وصعوباتهم في الحياة والمجتمع والعائلة. وأخيرا نتذكر ان كل ما لدينا هو من الله تعالى علينا ان نعيده له، بأجمل وجه، وان نعمل من هذه السنة مع طلابنا أجمل هدية نقدمها لله تعالى. أجمل هدية علم معرفة ثقافة محبة وانسانية لله والانسان.

الأهل الكرام معاً نسير ونربي أبناءنا في طريق المحبة، نحو الانسان والله، ونبني مستقبلا لأولادنا مبنيا على ضمير حي وواع لاختيار الخير فقط، لان الانسان لا يمكنه أن يختار الشر، فالشرّ يحط من قيمته الانسانية، ويشوه صورته كانسان. فهكذا نسهم مع معلمنا الالهي بأن نغني أولادنا بالمحبة، ليتحرروا ويفتحوا عيونهم داعينهم أن يقفوا منتصبين في هذا العالم رافعين رؤوسهم شاكرين لله عطيته لانهم مدركين ان كل شيء هو من الله.

واخيرا انتم طلابنا الاعزاء، أعزاء الكنيسة، أقول لكم، أينما كنتم ومهما كنتم ومن كنتم فالله تعالى يحبكم ونحن أيضا ككنيسة وكطاقم تعليمي نحبكم لأنكم هدف محبة الله. ومحبة ذويكم، فمعا نريد أن نبدأ سنة جديدة مباركة، ننمو فيها بالسن والنعمة والحكمة أمام الله والناس، فنبني انسانا متكاملا، يعرف ويحب الله والانسان.

أتمنى لكم سنة دراسية جديدة سعيدة ممتلئة بالعلم والعمل والمعرفة، وكل عام وأنتم بألف خير ودائما الى الامام، للتميز بالمحبة والمعرفة والانسانية.