الصدقة - متى ٦: ١-٤

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"إذَا تَصَدَّقْتَ فَلَا يُنفَخْ أمَامَكَ فِي البُوقِ... إذَا تَصَدَّقْتَ، فَلَا تَعلَمْ شِمَالُكَ مَا تَفعَلُ يَمِينُكَ، لِتَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الخُفيَةِ، وَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الخُفيَةِ يُجَازِيكَ" (٢-٤).

الصدقة - متى ٦: ١-٤

١ إياكم أن تعملوا بركم بمرأى من الناس لكي ينظروا إليكم، فلا يكون لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات.

٢. فإذا تصدقت فلا ينفخ أمامك في البوق، كما يفعل المراؤون في المجامع والشوارع ليعظم الناس شأنهم. الحق أقول لكم إنهم أخذوا أجرهم.

٣. أما أنت، فإذا تصدقت، فلا تعلم شمالك ما تفعل يمينك،

٤. لتكون صدقتك في الخفية، وأبوك الذي يرى في الخفية يجازيك.

"إيَّاكُم أَن تَعمَلُوا بِرَّكُم بِمَرأًى مِنَ النَّاسِ لِكَي يَنظُرُوا إلَيكُم، فَلَا يَكُونَ لَكُم أَجرٌ عِندَ أَبِيكُم الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ" (١).

انتهى زمن الأعياد. الأعياد زمن نعمة، ولقاء مع الله. وزمن أفراح خارجية، هذه تنتهي، ويتلوها زمن الجهد والعمل. أما زمن العيد الذي هو نعمة ولقاء مع الله، فلا ينتهي. كل يوم عيد. كل يوم لقاء مع الله، في كل أعمالنا البسيطة والروتينية، في كل حدث عادي أو خارق، لقاء مع الله، في نجاحنا وإخفاقنا، في السلام والحرب، لقاء مع الله. كل يوم عيد، كل يوم الله معنا، ونحن حاضرون أمامه، ونحيا حياتنا أمامه. في أيام العيد نجدد هذه الذكرى فينا، نجدِّد وَعيَنا لهذه الحقيقة أن الله معنا. ثم نعود إلى حياتنا العادية الروتينية، ونحن واعون أن الله معنا، ونحن معه وأمامه نصنع حياتنا.

ونتابع تأملنا في إنجيل القديس متى، في الفصل السادس. يسوع يعلِّم. قال: "إيَّاكُم أَن تَعمَلُوا بِرَّكُم بِمَرأًى مِنَ النَّاسِ لِكَي يَنظُرُوا إلَيكُم، فَلَا يَكُونَ لَكُم أَجرٌ عِندَ أَبِيكُم الَّذِي فِي السَّمَوَاتِ".

اعملوا الخير للناس، لأنهم كلهم أبناء الله، وإخوتكم. ودائمًا بلا تمييز، للقريب والبعيد. من كنيستك ومن كل الكنائس والديانات...

واعملوا الخير لتقتدوا بالله، هو الخير الأسمى، ومعطي كل الهبات للناس، لأبنائه الذين يحبهم. اعملوا الخير للناس، أعطوا، ساعدوا، علِّموا، اشفوا، ولا تطلبوا المجد من الناس. أجركم عند الله، وهو الباقي، وهو الأفضل. مجدكم الباطل يزول، به تنظرون إلى أنفسكم، فتكفون عن النظر إلى الله. انظروا إلى أنسكم، اهتموا بأنفسكم واصنعوا الخير لأنفسكم، لكن، بأن تبقوا ممسكين بيد الله، ناظرين إليه، مثل صغير ممسك بيد أبيه. يمسك بيد أبيه فلا يقع. وإن ترك يد أبيه، يقع. كذلك نحن، ما زلنا ممسكين بيد أبينا نصنع الخير فقطـ، إن ابتعدنا وسرنا وحدنا قد نتعثر.

لنعمل الخير، لنحِبَّ إخوتنا من أجل الله، لأنهم أبناء الله، حتى يبقى إخوتنا لنا طريقنا إلى الله. حبهم، مساعدتهم، آلامهم، الشدة التي تصيبهم، كل هذا نشاركهم فيه، لأننا إخوة، ناظرين إلى الله أبينا.

"إذَا تَصَدَّقْتَ فَلَا يُنفَخْ أمَامَكَ فِي البُوقِ... إذَا تَصَدَّقْتَ، فَلَا تَعلَمْ شِمَالُكَ مَا تَفعَلُ يَمِينُكَ، لِتَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الخُفيَةِ، وَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الخُفيَةِ يُجَازِيكَ" (٢-٤).

ربي يسوع المسيح، أعطني القوة لأن أقتدي بك، وأصنع الخير فقط لكل إخوتي، وأعطني أن أطلب مجدك لا مجد الناس. آمين.

الاثنين ٢/١/٢٠٢٣