يسوع على الجبل وحده، يصلِّي - لوقا ٦: ١٢-١٩
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُم، فَوَقَفَ فِي مَكَانٍ مُنبَسِطٍ، وَهُنَاكَ جَمعٌ كَثِيرٌ مِن تَلَامِيذِهِ، وَحَشدٌ كَبِيرٌ مِنَ الشَّعبِ مِن جَمِيعِ اليَهُودِيَّةِ وَأُورَشَلِيم، وَسَاحِلِ صَورَ وَصَيدَا، وَلَقَد جَاؤُوا لِيَسمَعُوهُ وَيَبرَأُوا مِن أَمرَاضِهِم. وَكَانَ الَّذِينَ تَخبِطُهُم الأَروَاحُ النَّجِسَةُ يَشفَوْنَ" (١٧-١٨).

١٢. وفي تلك الأيام ذهب إلى الجبل ليصلِّي، فأحيا الليل كله في الصلاة لله.
١٣. ولـما طلع الصباح دعا تلاميذه، فاختار منهم اثني عشر سمَّاهم رسلًا وهم:
١٤. سمعان وسمَّاه بطرس، وأندراوس أخوه، ويعقوب ويوحنا، وفيلبس وبرتلماوس،
١٥. ومتى وتوما، ويعقوب بن حَلفَى وسمعان الذي يقال له الغيور،
١٦. ويهوذا بن يعقوب ويهوذا الإسخريوطي الذي انقلب خائنًا.
١٧. ثم نزل معهم فوقف في مكان منبسط، وهناك جمع كثير من تلاميذه، وحشد كبير من الشعب من جميع اليهودية وأورشليم، وساحل صور وصيدا،
١٨. ولقد جاؤوا ليسمعوه ويبرأوا من أمراضهم. وكان الذين تَخبِطُهم الأرواح النجسة يَشفَوْن،
١٩. وكان الجمع كله يحاول أن يلمسه، لأن قوة كانت تخرج منه فتُبرِئُهم جميعًا.
"وَفِي تِلكَ الأَيَّامِ ذَهَبَ يَسُوع إلَى الجَبَلِ لِيُصَلِّي، فَأَحيَا اللَيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلَاةِ لله" (١٢).
يسوع على الجبل وحده، يصلِّي. وحده مع الآب. الله، على أرضنا، يصلِّي. يصلِّي من أجل البشرية كلِّها. حاضر أمام الآب، يعوِّض عن غياب البشرية وبعدها عن الله. واحد مع الآب، كلمة الله الأزلي، إله حق، وإنسان حق، مثل كل واحد منَّا، هو وسيط لنا لدى الآب. " أحيَا اللَيْلَ كُلَّهُ على الجبل وحده فِي الصَّلَاةِ لله".
نحن تلاميذ يسوع، لنتعلَّم أن "نذهب إلى الجبل" لنصلي. لنتعلَّم أن نقضي بعض الأوقات لنصلي أمام الله، مع يسوع كلمة الله، وأخينا البكر. ومعه، نتشفَّع، لكل من نحن مسؤولون عنهم، ولكل البشريّة.
أن نصلّي. أن نتعلّم أن نصلِّي. أن نذهب إلى مكان قفر، أن ندخل في الليل، لنكون وحدنا مع الله، نصلِّي، ونسبِّح، ونشكر، ونبتهل، ونستغفر، ونكون حاضرين أمام الله أبينا. البشرية بحاجة إلى صلاة، بحاجة إلى من يجعلها حاضرة أمام رَبِّها. هذه هي دعوتنا، لهذا دعانا الله، لنجعل البشرية حاضرة أمام ربِّها.
"وَلَـمَّا طَلَعَ الصَّبَاحُ دَعَا تَلَامِيذَهُ، فَاختَارَ مِنهُم اثنَيْ عَشَرَ سَمَّاهُم رُسُلًا " (١٣).
يسوع، كلمة الله الأزلي، بين الناس، ويريد أن يدعو تلاميذ يعرفون أن يصلُّوا مثله، ويشفعوا بالبشرية مثله، ويعلِّموا، ويحِبُّوا ويموتوا أيضًا، مثله، لمجده ومن أجل خلاص البشرية. لذلك اختار الاثنَيْ عشر، وخلفاءهم.... ليتابعوا صلاته، وليظَلُّوا، مع البشرية، حاضرين أمام الله، وليعودوا بها إلى ربِّها، خالقها وأبيها. كل مؤمن بيسوع المسيح، يشارك في الرسالة نفسها، في صلاة يسوع. كل مؤمن بيسوع المسيح مدعٌوٌّ إلى أن يصلِّي، أن يسأل رحمة الله، أن يتابع صلاة يسوع، من أجل كل البشرية.
اختار يسوع اثني عشر سمَّاهم رُسُلًا. منذ الأزل، أنا أيضًا، أَحبَّني الله واختارني. وحياتي هي جواب لنداء الله، جواب يقول: نعم، يا رب، لندائك وحبِّك. حياتي هي أن أدخل في حب الله الأزلي. أمور كثيرة يجب أن أقوم بها على الأرض؟ يجب أن أكون حاضرًا في مجتمع الناس، ومشاركًا في بناء المجتمع؟ كل ذلك، أعمله انطلاقًا من صلاتي، ومن حضوري أمام الله. حاضر أمام الله، حاضر مع الناس. كلما ازداد حضوري أمام الله، ازداد حضوري بين الناس، بين كل إخوتي وأخواتي.
"ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُم، فَوَقَفَ فِي مَكَانٍ مُنبَسِطٍ، وَهُنَاكَ جَمعٌ كَثِيرٌ مِن تَلَامِيذِهِ، وَحَشدٌ كَبِيرٌ مِنَ الشَّعبِ مِن جَمِيعِ اليَهُودِيَّةِ وَأُورَشَلِيم، وَسَاحِلِ صَورَ وَصَيدَا، وَلَقَد جَاؤُوا لِيَسمَعُوهُ وَيَبرَأُوا مِن أَمرَاضِهِم. وَكَانَ الَّذِينَ تَخبِطُهُم الأَروَاحُ النَّجِسَةُ يَشفَوْنَ" (١٧-١٨).
ذهب يسوع إلى الجبل ليصلي. ثم عاد إلى الناس، ليَشفِيَهم من "كل مرض وعلة". كان "هُنَاكَ جَمعٌ كَثِيرٌ مِن تَلَامِيذِهِ، وَحَشدٌ كَبِيرٌ مِنَ الشَّعبِ"، من كل بلد. من أجلهم يسوع صلَّى. وإليهم يعود. إلى آلامهم، وأمراضهم، إلى كل شر يدمِّرُهم، عاد إليهم ليَشفِيَهم. كان يعتزل الجماهير أحيانًا، ويدعو رسله ليستريحوا قليلًا. لكنه كان يعود دائمًا إلى الجماهير. من أجلهم جاء. – ونحن أيضًا، لإخوتنا، وللبشرية كلها، لنصلِّي ولنشفي. أنا مسؤول عن إخوتي. أنا مسؤول عن البشرية. لهذا أنا موجود، ولهذا أنا أؤمن..
ربي يسوع المسيح، أعطني أن أعيش وأحمل مسؤوليتي تجاه إخوتي. أعطني أن أبقى مبتهلا إليك من أجلهم، وحاضرًا معهم أمامك. آمين.
الثلاثاء ١٢ /٩/٢٠٢٣ الأسبوع ٢٣ من السنة/أ