يسوع ابن الله وابن الإنسان - يوحنا ١٦: ٥-١١
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"أَمَّا الآنَ، فَإِنِّي ذَاهِبٌ إلَى الَّذِي أَرسَلَنِي، وَمَا مِن أَحَدٍ مِنكُم يَسأَلُنِي: إلَى أَينَ تَذهَبُ؟ لَا بَل مَلَأَ الحُزنُ قُلُوبَكُم لِأَنِّي قُلْتُ لَكُم هَذِهِ الأَشيَاءَ" (٥-٦). "غَيرَ أَنِّي أَقُولُ لَكُمُ الحَقَّ: إنَّهُ خَيرٌ لَكُم أَن أَذهَبَ. فَإِنْ لَم أَذهَبْ، لَم يَأْتِكُم المـُؤَيِّدُ. أمَّا إذَا ذَهَبْتُ فَأُرسِلُهُ إلَيكُم" (٧).

.٥. أما الآن، فإني ذاهب إلى الذي أرسلني وما من أحد منكم يسألني: إلى أين تذهب؟
٦. لا بل ملأ الحزن قلوبكم لأني قلت لكم هذه الأشياء.
٧. غير أني أقول لكم الحق: إنه خير لكم أن أذهب. فإن لم أذهب، لم يأتكم المؤيد. أما إذا ذهبت فأرسله إليكم.
٨. وهو، متى جاء أخزى العالم على الخطيئة والبر والدينونة:
٩. أما على الخطيئة فلأنهم لا يؤمنون بي.
١٠. وأما على البر فلأني ذاهب إلى الآب فلن تروني.
١١. وأما على الدينونة فلأن سيِّد هذا العالم قد دِينَ.
"أَمَّا الآنَ، فَإِنِّي ذَاهِبٌ إلَى الَّذِي أَرسَلَنِي، وَمَا مِن أَحَدٍ مِنكُم يَسأَلُنِي: إلَى أَينَ تَذهَبُ؟ لَا بَل مَلَأَ الحُزنُ قُلُوبَكُم لِأَنِّي قُلْتُ لَكُم هَذِهِ الأَشيَاءَ" (٥-٦).
يسوع، في عشية موته، يودِّع تلاميذه. ويبيِّن لهم حقيقة الأمور، أنَّ الآب أرسله، أنه ابن الله وابن الإنسان، وليس المسيح الزمني الذي كانوا ينتظرونه. كان التلاميذ يشعرون بأمر ما غير عادي، أن شيئًا ما ينتهي. لكنهم لا يعرفون ما الذي يجري، أو ماذا سيجري. وملأ الحزن قلوبهم.
"غَيرَ أَنِّي أَقُولُ لَكُمُ الحَقَّ: إنَّهُ خَيرٌ لَكُم أَن أَذهَبَ. فَإِنْ لَم أَذهَبْ، لَم يَأْتِكُم المـُؤَيِّدُ. أمَّا إذَا ذَهَبْتُ فَأُرسِلُهُ إلَيكُم" (٧). الحق هو ما يختص برسالة يسوع، التي ما زال التلاميذ لا يعرفونها كما هي. قال لهم: يجب أن أتمِّم مشيئة أبي، يجب أن أقبَلَ الموت في هذه الأرض، وهذا ما زال التلاميذ لا يفهمونه. سيفهمون فيما بعد. قال لهم يسوع: إذا ذهبت أرسل إليكم الروح المؤيد، الذي يُفهِمُكم كل شيء، فيما يختص برسالتكم، وبحقيقة العالم كله، لتعرفوا كيف تتعاملون معه، وكيف تغيِّرونه وتفيضون فيه الحياة الجديدة.
"وَمَتَى جَاءَ أَخزَى العَالَمَ عَلَى الخَطِيئَةِ وَالبِرِّ وَالدَّينُونَةِ" (٨). عندما تتِمُّ مشيئة الآب، ستنكشف خطيئة العالم. وسيظهر البِرّ، في بِرِّ يسوع وقيامته. وسيُحكَمُ على خطيئة العالم وشرِّه. الآن يبدو أن العالم ينتصر، وسلطات العالم، الدينية والسياسية اجتمعت وحكمت على يسوع بالموت. ويسوع يشعر بأن الله تركه. والتلاميذ يهربون.
لكن العالم لم ينتصر. وسينال حكمه أو فداءه. أنتم تحكمون عليه، وأنتم الذي تخلِّصونه من الشر الذي فيه. ستُظهِرون له البِرّ الساطع في القيامة، وفي إيمان الكثيرين الذين سيؤمنون.
أنا "ذَاهِبٌ إلَى الآبِ فَلَن تَرَوْنِي" (١٠).، لكن ستُملَأون بالروح القدس، وسيرسلكم الروح تعلِّمون وتعمِّدون العالم الذي حكم عليَّ بالموت. لأنّ "سَيِّدَ هَذَا العَالَمَ قَد دِين" (١١). كلا، العالم لن ينتصر. بل رب العالم ينتصر، على الموت، وعلى شر الإنسان نفسه الذي حكم على يسوع بالموت. وأنتم الذين كنتم معي، ستكونون الشهود لي، وأنتم الذين تحكمون على العالم وتغيِّرونه، وتُحيُونه بحياة جديدة.
تمَّت رسالة يسوع. فبدأت رسالة التلاميذ. ورسالتنا. مثلها. معركة مع الموت. سيكون فيها موت كثير، وشهداء كثيرون، لكن أيضًا حياة جديدة فائضة. سيكون فيها الإنسان الجديد الذي يعرف يسوع القائم من بين الأموات، ابن الله، وسينشرون النبأ السارّ أننا كلنا مدعوُّون إلى القيامة نفسها.
ربي يسوع المسيح. أنا من العالم الذي حكم عليك بالموت. وأنت اخترتني من هذا العالم وأرسلتني إليه لأشهد للقيامة. املأني بروحك القدوس حتى أكمِّل رسالتك، وحتى أفيض في العالم الحياة التي جئتَ بها. آمين.
الثلاثاء ١٦/٥/٢٠٢٣ بعد الأحد السادس في زمن الفصح