نقتدي بيسوع، فنقتدي بالله - يوحنا ١٥: ٩-١٧
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٩كما أَحَبَّني الآب فكذلكَ أَحبَبتُكم أَنا أَيضًا. اثبُتوا في مَحَبَّتي. ١٠ إِذا حَفِظتُم وَصايايَ تَثبُتونَ في مَحَبَّتي كَما أَنِّي حَفِظتُ وَصايا أَبي وأَثبُتُ في مَحَبَّتِه. ١١ قُلتُ لَكم هذهِ الأشياءَ لِيَكونَ بِكُم فَرَحي فيَكونَ فَرحُكم تامّاً.١٢ وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا كما أَحبَبتُكم. ١٣ لَيسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعظمُ مِن أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أَحِبَّائِه. ١٤ فَإِن عَمِلتُم بِما أُوصيكم بِه كُنتُم أَحِبَّائي. ١٥ لا أَدعوكم خَدَمًا بعدَ اليَوم لِأَنَّ الخادِمَ لا يَعلَمُ ما يَعمَلُ سَيِّدُه. فَقَد دَعَوتُكم أَحِبَّائي لأَنِّي أَطلَعتُكم على كُلِّ ما سَمِعتُه مِن أَبي. ١٦ لم تَخْتاروني أَنتُم، بل أَنا اختَرتُكم وأَقمتُكُم لِتَذهَبوا فَتُثمِروا ويَبْقى ثَمَرُكم فيُعطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ ما تَسأَلونَهُ بِاسمي. ١٧ ما أُوصيكُم بِه هو: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا.

الحرب ٢٠٩
" أَنتَ رَهيبٌ، فمَن يَقِف أَمامَ وَجهِكَ عِندَ غَضَبِكَ؟ مِنَ السَّماءِ أَسمَعتَ حُكمًا فخافَتِ الأرضُ وسَكَنَت، عِندَما قامَ اللهُ لِلقَضاء لِيُخَلِّصَ وُضَعاءَ الأَرضِ جَميعًا" (مزمور ٧٦: ٨-١٠).
"خافَتِ الأرضُ وسَكَنَت، عِندَما قامَ اللهُ لِلقَضاء لِيُخَلِّصَ وُضَعاءَ الأَرضِ جَميعًا". نعم، يا ربنا وأبانا، زمننا هذا، الموت فيه والدمار، واللاإنسانية في غزة ورفح، كل هذا يصرخ يطلب حضورك حتى يخاف أهل الحرب وظالمو إخوتهم. قم، يا رب، واحكم في ما يجري في غزة وخلِّص المتواضعين في الأرض. وأوقع خوفك على أهل الحرب، وليعلم المتواضعون أن لهم إلهًا يحميهم. "أَنتَ رَهيبٌ، فمَن يَقِف أَمامَ وَجهِكَ عِندَ غَضَبِكَ؟" ليعلم الأقوياء والظالمون، أنك فوقهم، وأنك الحاني على كل فقير والحامي لكل ضعيف. ارحمنا يا رب، جميعًا، ارحمنا وارحم الذين يرونك والذين لا يرونك.
إنجيل اليوم
"إِذا حَفِظتُم وَصايايَ تَثبُتونَ في مَحَبَّتي كَما أَنِّي حَفِظتُ وَصايا أَبي وأَثبُتُ في مَحَبَّتِه. وصِيَّتي هي: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا كما أَحبَبتُكم" (١٠ و١٢).
نحفظ وصايا يسوع، هو الذي صار إنسانًا مثلنا، وحفظ وصايا أبيه، قدوس مثل أبيه، وصالح، ومحبٌّ، وهو الحق.... ونحن، تلاميذ يسوع، نقتدي بيسوع ونحفظ وصاياه، ونجتهد لأن نكون قديسين مثله، وصالحين مقيمين في الحق مثله، ومحبين مثله. نقتدي بيسوع، فنقتدي بالله. إلى هذا السمو نرتفع. نحن على الأرض، لكنا ننظر إلى ما هو أعلى، ولو كان أعلى منا بكثير، ننظر إلى الله أبينا، المتعالي، وفي الأعالي، في الحق الذي هو الله، وفي حبه نقيم.
يبدو هذا أمرًا مستحيلًا. أن ننظر إلى هذا العُلُوّ، إلى خالقنا وأبينا لنحيا حياته. هذا لله ليس مستحيلًا. إذن، لنا نحن الناظرين إليه يجب أن يكون الأمر أيضًا ممكنًا. أعطانا الوجود مثله. هو الكائن وهو الصلاح، وهو الحب والحق. وبه نوجد. فيمكننا أن نقتدي به لأنه خالقنا وأبونا، وهو يمنحنا الوجود والإرادة والقدرة.
يوجد أيضًا أشرار. في الوجود نفسه. وصانعو حروب، وأيدٍ مليئة بدماء إخوتهم. وليس لهذا خلقهم الله. بل هم أيضًا مدعُوُّون إلى القداسة وصلاح الوجود. وكل زمن الحياة هو فرصة لكل إنسان ليُصلِح نفسه، ليحفظ في نفسه الوجود والصلاح الذي منحه إياه الله خالقه وأبوه.
فلا ضعفنا ولا خطيئتنا، ولا ضعف غيرنا ولا خطيئتهم، تسمح لنا بأن نكون خارج الوجود، وبأن نيأس فنفقد الوجود الذي منحنا إياه الله.
نحفظ وصايا الله، كما حفظ يسوع وصية أبيه. ونعيش حياة الأرض على الأرض، كاملة، فتكون الحياة نظرة توحدنا بالله، خالقنا وأبينا.
"ما أُوصيكُم بِه هو: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا" (١٧)
الحياة في الأعالي مع الله، والمحافظة على الوجود، ونظرُنا مُثبَتٌ في الله خالقنا وأبينا،
هذا يساوي "محبة بعضنا بعضًا". منح الله لكل واحد منا الوجود، والمقدرة على الصلاح، والحقيقة، والقداسة، والحب. وهذا يعني أن نحيا، معًا، حياة الأرض، كل ويلاتها، وصعابها، ودموعها، وأيضًا كل فرحها، وصلاحها. نسكن الأرض وننظر إلى العُلى، ونحن واعون وقابلون لما صنع الله لنا ولما أعطانا، ونحن واعون لدعوته الدائمة لأن نكون، كما هو كائن، ولأن نكون قديسين كما أنه هو قدوس.
معًا يمكن أن نستجيب لدعوة الله. لا أحد وحده يستطيع شيئًا. معًا نسمع ومعًا نستجيب، معًا ولا أحد مستثنى، لا الذي نشعر بأنهم مزعجون أو ثقيلون، أو أعداء، أو أشرار، أو غرباء. "ما أُوصيكُم بِه هو: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا". هكذا تحافظون على الوجود فيكم الذي منحكم إياه أبي، وهكذا تكونون قديسين كما أن الآب قدوس، وهكذا تصلحون الأرض.
ربي يسوع المسيح، أعطني أن أحفظ وصاياك، أعطني أن أقتدي بك، أن أكون واحدًا معك، كما أنك أنت واحد مع الآب. أعطني أن أكون واحدًا مع كل إخوتي وأخواتي، حتى أحبهم كما تحبهم أنت جميعًا، فنصلح الأرض معًا التي أردتها مكانًا لسكنانا. آمين.
الأحد ٥/٥/ ٢٠٢٤ الأحد السادس للفصح