زمن الروح غير محدود - يوحنا ١٦: ٢٣-٢٨
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"فِي ذَلِكَ اليَومِ تَسأَلُونَ بِاسمِي وَلَا أَقُولُ لَكُم إنِّي سَأَدعُو الآبَ لَكُم، فَإِنَّ الآبَ نَفسَهُ يُحِبُّكُم لِأَنَّكُم أَحبَبْتُمُونِي، وَآمَنْتُم أنِّي خَرَجْتُ مِنْ لَدُنِ الله" (٢٦-٢٧).

٢٣. الحق الحق أقول لكم: إن سألتم الآب شيئًا باسمي أعطاكم إياه
٢٤. حتى الآن لم تسألوا شيئًا باسمي. اسألوا تنالوا فيكون فرحكم تامًّا.
٢٥. قلت لكم هذه الأشياء بالأمثال. تأتي ساعة لا أكلِّمكم فيها بالأمثال، بل أخبركم عن الآب بكلام صريح.
٢٦. في ذلك اليوم تسألون باسمي ولا أقول لكم إني سأدعو الآب لكم
٢٧. فإن الآب نفسه يُحِبُّكم لأنكم أحببتموني، وآمنتم أني خرجت من لدن الله.
٢٨. خرجت من لدن الآب، وأتيت إلى العالم. أما الآن، فإني أترك العالم وأمضي إلى الآب.
"حَتَّى الآن لَم تَسأَلُوا شَيئًا بِاسمِي. اسأَلُوا تَنَالُوا فَيَكُونَ فَرَحُكُم تَامًّا" (٢٤).
نحن في الأيام قبل العنصرة. نستعِدُّ لمجيء الروح القدس، فينا وفي الكنيسة، وفي العالم. العنصرة ذكرى لحدث ماضٍ. لكنها لنا حدَثٌ حاضرٌ دائمًا. يسوع معنا دائمًا حتى نهاية العالم. كل الحياة، كل لحظات الحياة، يُحيِيها الروح. ويحفظنا أعلى من شؤون الأرض. في الأرض، وفي الوقت نفسه مع خالق الأرض، مع الله خالقنا وأبينا.
قال يسوع لرسله: "حَتَّى الآن لَم تَسأَلُوا شَيئًا بِاسمِي". لما كان التلاميذ مع يسوع، سمعوه ورأوه. وفهموا ما استطاعوا أن يفهموا. ولم يسألوا يسوع شيئًا. لم يسألوا الآب باسمه شيئًا. لأنهم لم يكونوا يعرفون ماذا يسألون. الآب نسأله أن يعترف به جميع أبنائه، ويعرفوا بيسوع المسيح ابنه الوحيد. لكنهم حتى ذلك الوقت لم تكن أفكارهم واضحة في هذه الأمور. لم يدركوا بعد الصلة بين يسوع والآب، ولا الصلة بين الإنسانية والله الآب. فلم يكونوا يعرفون ما يطلبون.
"حَتَّى الآن لَم تَسأَلُوا شَيئًا بِاسمِي". إلينا أيضًا يُوجِّه يسوع هذا الكلام. حتى الآن لم نطلب شيئًا من الآب، باسم يسوع. مع أننا طلبنا أمورًا كثيرة، في نظام هذه الأرض، طلبنا مثلًا نهاية الحروب والمجاعات. لكن طلباتنا غير مرتبطة بالفداء الذي صنعه يسوع. ما زلنا في عالمنا الصغير. في أنفسنا أو في علاقاتنا مع غيرنا. في حدود الأرض. لم ندخل في حبه الكبير الذي يريد أن يَخلُصَ جميع الناس. بقيت صلاتنا محدودة ضمن آفاقنا. لم ندخل في عالم الله الفسيح، حيث كلمة الله الأزلي، الذي تجسد وصار إنسانًا في عالمنا. لهذا يسوع يقول لنا: لم تسألوا شيئًا حتى الآن. لم تدخلوا الملكوت. ادخلوا واسألوا. انظروا كل الواقع، الأرض والله فيها، وكلمة الله المتجسد فيها، الذي فدى وخلَّص كل واحد منا.
"فِي ذَلِكَ اليَومِ تَسأَلُونَ بِاسمِي وَلَا أَقُولُ لَكُم إنِّي سَأَدعُو الآبَ لَكُم، فَإِنَّ الآبَ نَفسَهُ يُحِبُّكُم لِأَنَّكُم أَحبَبْتُمُونِي، وَآمَنْتُم أنِّي خَرَجْتُ مِنْ لَدُنِ الله" (٢٦-٢٧).
عندما تفتحون عيونكم وقلوبكم فترَوْن عمل الله، وفداءه للبشرية، ستبلغ صلاتكم إلى الآب، والآب يحِبُّكم. وبحبِّه ستعلمون ماذا تطلبون وكيف تطلبون. لأنكم ستدخلون في مشيئة الآب، وتطلبون، فتنالون. لأنكم ستطلبون، وكل شؤون الأرض ستكون جزءًا من مشيئة الله، ومن الكون الذي فداه يسوع المسيح بدمه. وستكونون ممتلئين بالروح، فتطلبون وتنالون.
زمن الروح غير محدود. اسألوا، في هذه الأيام، قبل العنصرة، واسألوا كل يوم أيضًا.
أيها الرب يسوع، صعدْتَ إلى السماء، وبقِيتَ معنا على الأرض. وأرسلْتَ إلينا الروح القدس. أعطِنا أن نستقبله، وليَكُنْ قوة لنا، لنكون في الأرض معك، ولتكون الأرض ممتلئة بروحك، تجعل الناس قادرين على الخروج من أنفسهم، ليروك أنت الآب، وابنك الوحيد يسوع المسيح، وليروا أنفسهم أبناء لك، وكلهم إخوة بعضهم لبعض. آمين.
السبت ٢٠/٥/٢٠٢٣ السبت بعد عيد الصعود