زيارة مريم أم يسوع إلى أليصابات - لوقا ١: ٣٩-٥٦

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"فَقَالَتْ مَريَم: تُعَظِّمُ الرّبَّ نَفـسِي. وَتَبتَهِجُ رُوحِي بِالله مُخَلِّصِي، لِأَنَّهُ نَظَرَ إلَى أَمَتِهِ الوَضِيعَةِ. سَوفَ تهَنِّئُنِي بَعدَ اليَومِ جَمِيعُ الأَجيَالِ" (٤٦-٤٨). ننظر إلى مريم، لنتأمل في فيها في عجائب الله.

زيارة مريم أم يسوع إلى أليصابات - لوقا ١: ٣٩-٥٦

 

 ٣٩. وفي تلك الأيام، قامت مريم فمضَتْ مسرعةً إلى الجبل، إلى مدينة في يهوذا. 

٤٠. ودخَلَتْ بيت زكريا، فسلَّمَتْ على أليصابات. 

٤١. فلمَّا سمِعَتْ أليصابات سلام مريم، ارتكض الجنين في بطنها، وامتلأت من الروح القدس،

٤٢. فهتَفَتْ بأعلى صوتها: مباركةٌ أنتِ في النساء! ومباركةٌ ثمرةُ بطنك!

٤٣. من أين لي أن تأتِيَني أُمُّ ربِّي؟ 

٤٤. فما إن وقع صوت سلامك في أُذُنَيَّ حتى ارتكض الجنين ابتهاجًا في بطني. 

٤٥. فطوبى لمن آمَنَتْ: فسيَتِمُّ ما بلَغَها من عند الرّبّ. 

٤٦. فقالت مريم: تُعظِّم الربَّ نفسي، 

٤٧. وتبتهج روحي بالله مخلصي، 

٤٨. لأنه نظر إلى أَمَتِهِ الوضيعة. سوف تهَنِّئُني بعد اليوم جميع الأجيال، 

٤٩. لأن القدير صنع إلي أمورًا عظيمة: قدُّوسٌ اسمُهُ. 

٥٠. ورحمته من جيل إلى جيل للذين يَتَّقونه. 

٥١. كشف عن شدة ساعده، فشتَّتَ الـمتكبِّرين في قلوبهم. 

٥٢. حطَّ الأقوياء عن العروش ورفع الوضعاء. 

٥٣. أشبع الجياع من الخيرات والأغنياء صرفهم فارغين، 

٥٤. نصر عبده إسرائيل ذاكرًا، كما قال لآبائنا، 

٥٥. رحمته لإبراهيم ونسله للأبد. 

٥٦. وأقامت مريم عند أليصابات نحو ثلاثة أشهر، ثم عادت إلى بيتها.

 

        عيد زيارة سيدتنا مريم العذراء إلى نسيبتها أليصلبات. امرأتان، فيهما تمَّت عجائب الله. كلتاهما، وضعهما الله في خطة خلاص البشرية. مريم أُمُّ يسوع، الكلمة الأزلي، ابن الله، وأليصابات منحها الله، مع تقدُّمِها في السن، ابنًا في شيخوختها، يوحنا ليسير في طرق الله، وليكون سابق المسيح ومهيِّئَ الطريق أمامه.

        مريم الممتلئة بالروح، أفاضت الروح في أليصابات. امرأتان مختارتان، كل واحدة حملت رسالة في تدبير الله، لخلاص البشرية. لقاؤهما لقاء في عجائب الله. لقاء في الله.

        الله يدعونا نحن أيضًا. ويملأنا بروحه. ومثل مريم التي حملها الروح إلى زيارة أليصابات لتقدِّسَها، ولتهنِّئَها لأن الله نظر إليها، نحن أيضًا مُرسَلون إلى جميع إخوتنا وأخواتنا لنهنِّئَهم لاختيار الله لهم، ولمساعدتهم لمتابعة السير في محبة الله لهم، ولتَتِمَّ مشيئة الله فيهم، وفي كل من يُرسِلُهم الله إليهم. كلنا مُرسَلون. الله يُرسِلُنا، كل واحد في مهمته. وننظر إلى مريم، ونسألها أن تحفظنا أمناء لرسالتنا.

"فَقَالَتْ مَريَم: تُعَظِّمُ الرّبَّ نَفـسِي. وَتَبتَهِجُ رُوحِي بِالله مُخَلِّصِي، لِأَنَّهُ نَظَرَ إلَى أَمَتِهِ الوَضِيعَةِ. سَوفَ تهَنِّئُنِي بَعدَ اليَومِ جَمِيعُ الأَجيَالِ" (٤٦-٤٨). ننظر إلى مريم، لنتأمل في فيها في عجائب الله.

"كَشَفَ عَن شِدَّةِ سَاعِدِهِ، فَشَتَّتَ الـمُتَكَبِّرِينَ فِي قُلُوبِهِم. حَطَّ الأَقوِيَاءَ عَن العُرُوشِ وَرَفَعَ الوُضَعَاءَ. أَشبَعَ الجِيَاعَ مِنَ الخَيرَاتِ وَالأَغنِيَاءُ صَرَفَهُم فَارِغِينَ" (٥١-٥٣). 

ننظر إلى مريم، وننظر إلى أرضنا، وننظر إلى أنفسنا في أرضنا، وقد ضَلَلْنا أحيانًا في بعض شرورها. الله وحده القدوس. الله وحده القدير، الله وحده القوي. يشتِّت أقوياء الأرض، وقوَّتي أيضًا، وما يرضيني أيضًا، ولا يرضي الله. الله وحده الكائن، الله وحده القدير. فيه قدرتنا. قدرته تعالى في حبه. ونحن أيضًا قدرتنا الحقيقية في مقدرتنا على المحبة، مثل الله.

هل نكون مع الله، ومع الجياع الذين يشبعهم، أم مع الأقوياء والظالمين، أو المستغنين عن الله، الذين ينزلهم عن العروش؟ هل نكون مع الله، ويكون لنا كل شيء، أم نكون وحيدين، ممتلئين بالأرض، وقلبنا وأيدينا فارغة؟

زارت مريم نسبيتها أليصابات، لتهنِّئَها بنعم الله فيها، ولتساعدها. وأول مساعدة، قبل كل مساعدة مادية، هو حضورها، وحضور الروح فيها. مريم أفاضت الروح في نسيبتها.

مريم ترفع البشرية إلى سُمُوِّ الله. نحن أيضًا رفَعَنا الله إلى هذا السُّمُوّ، فنحن حاملو الروح، لنفيضه على العالم. رسالتنا هي في العالم. لنخلِّصه ونفيض فيه الروح الذي قبلناه.

نتساءل أحيانًا: كيف أكون مسبحيًّا في العالم؟ أولا بأن أعي أني أحمل الروح في نفسي، منذ المعمودية ومنذ الميرون، وأن أتصرف بحسب حضور الروح فيَّ. فإذا أدرَكْتُ حضور الروح فيَّ، سيقول لي الروح كيف أكون مسيحيًّا. قال لنا يسوع: إن أصابتكم الشدائد، لا تهتموا بما تعملون أو تقولون، لأن روح أبيكم هو الذي يتكلَّم فيكم.

يا مريم البتول، أُمَّ الله وأُمَّنا، أرشدينا. وأعطينا أن نرى ما نحن، أننا حاملو الروح. ذكرينا دائمًا رسالتنا، أن نفيض الروح في العالم. آمين. 

الأربعاء ٣١/٥/٢٠٢١