رحيل القامعين
الكاتب : سهيل عطاالله – مرب وكاتب من كفر ياسيف – الجليل الغربي
لو حدثت المعجزة وخرج ابن هانيء الاندلسي نافضا عن هيكله تراب القبر وغباره، لوجد في أكثر أوطان العرب شبيها بالمعزّ الفاطميّ ليردّد أمامه متحديا الله وأنبياءه ورسله أجمعين قائلا: ما شئت لا ما شاءت الاقدار فاحكم فأنت الواحد القهار.
هكذا يتحول في رمشة عين وومضة برق القائد المتجبر الى ربّ قاهر قادر على كل شيء!! القاهر العربي يتقلّد عادة سيوف القهر والقمع ليُبقي المقموعين تحت رحمته الى أبد الآبدين. النظام القامع يفرز قائدا قامعا، أما قطيع المقموعين فتُنجب ذكوره وإناثه ذُرية من المقموعين المقهورين الراقصين في حلبات القامعين القاهرين.
يُحاول المقموعون الإفلات من براثن القامعين فيهبّ مشايعو القمع لإضرام النار في أجساد ومؤسسات وخيام المقموعين!! المقموع العربيّ قدرُهُ أن يبقى مقموعا جاثيا مرددا مع ابن هانئ القائم على من ظلام القبر مزامير التأليه والرضوخ والركوع. أكتب هذا الكلام على ضوء ما يحدث في تجمعاتنا السكانيّة في شرقنا الأوسط الغريب العجيب من دمار وقتل وانهيار!! أبكي على حال أمّتي هنا وهناك!! القامع هو الفائز الأكبر والمستفيد الأكبر، أما المقموع فهو المُخفق الأكبر والخاسر الأكبر.
لن يستطيع خاسر عزل فائز عن عرشه طالما يتحلّق عُشاق المصالح والمآرب حول موائد القامعين! هذه القبائح وهذه السوءات يتكرّر حدوثها في بلاد العرب حيث يُفخّخ القامعون حيوات المقموعين وحيث يعتمر المعربدون العربدة والتسلّط مُحولين ربيعنا الى خريف ونعيمنا الى جحيم!! إنّ تفجيرات الموت ومسلسلات الدم التي تنزف واقعا يوميا في ديارنا تُحقق وتُعزز أحلام من يحتكمون الى العنف والاجرام. من يحتكم الى العنف يمحُ بمشيئته مشيئة الاقدار!! من يحتكم الى سطوة المال يسطُ على القيم والمقدسات!! من يُحارب التغيير الى الأحسن يُغر عليه الناس بأفواههم وسيوفهم وسواطيرهم كي يُغيّر مُثُلا اجتماعية يُؤمن بها ويريدها أن تكون جسر أمان يخطو عليه الناس نحو الاستقامة والصواب!!
ويسألني سائل: ما الحل؟ وأُجيب ... الحل أن يرحل من بيننا مادحو المعزُ الفاطمي وحفدته (أحفاده).. فالأندلس العربية رحلت شكلا ومضمونا ودُفنت في أسفار التاريخ.. فلماذا لا ترحل أفكار وأقوال المداحين المنافقين؟ لماذا؟!