الروح مبدأ كل صلاح - متى ١٢: ٣١-٣٧

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

من إنجيل القديس متى. الفصل ١٢، الآيات ٣١- ٣٧. "لِذَلِكَ أَقُولً لَكُم: كُلُّ خَطِيئَةٍ وَتَجدِيفٍ يُغفَرُ لِلنَّاسِ، وَأَمَّا التَّجدِيفُ عَلَى الرُّوحِ، فَلَن يُغفَرَ. وَمَن قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابنِ الإنسَانِ يُغفَرُ لَهُ، أَمَّا مَن قَالَ عَلَى الرُّوحِ القُدُسِ، فَلَن يُغفَرَ لَهُ لَا فِي هَذِهِ الدُّنيَا وَلَا فِي الآخِرَةِ" (٣١-٣٢).

الروح مبدأ كل صلاح - متى ١٢: ٣١-٣٧

 

٣١. لذلك أقول لكم: كل خطيئة وتجديف يغفر للناس، وأما التجديف على الروح، فلن يغفر. 

٣٢. ومن قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له، أما من قال على الروح القدس، فلن يغفر له لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة. 

٣٣. اجعلوا الشجرة طيبة يأت ثمرها طيبا. واجعلوا الشجرة خبيثة يأت ثمرها خبيثا. فمن الثمر تعرف الشجرة. 

٣٤. يا أولاد الأفاعي، كيف لكم أن تقولوا كلاما طيبا وأنتم خبثاء؟ فمن فيض القلب يتكلم اللسان. 

٣٥. الإنسان الطيب من كنزه الطيب يخرج الطيب. والإنسان الخبيث من كنزه الخبيث يخرج الخبيث. 

٣٦. أقول لكم إن كل كلمة باطلة يقولها الناس يحاسبون عليها يوم الدينونة. 

٣٧. لأنك تزكى بكلامك وبكلامك يحكم عليك. 

 

من إنجيل القديس متى. الفصل ١٢، الآيات ٣١- ٣٧.

"لِذَلِكَ أَقُولً لَكُم: كُلُّ خَطِيئَةٍ وَتَجدِيفٍ يُغفَرُ لِلنَّاسِ، وَأَمَّا التَّجدِيفُ عَلَى الرُّوحِ، فَلَن يُغفَرَ. وَمَن قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابنِ الإنسَانِ يُغفَرُ لَهُ، أَمَّا مَن قَالَ عَلَى الرُّوحِ القُدُسِ، فَلَن يُغفَرَ لَهُ لَا فِي هَذِهِ الدُّنيَا وَلَا فِي الآخِرَةِ" (٣١-٣٢). 

حكمٌ قاسٍ على المجدِّف. وعلى الرافضين، في زمن يسوع، وفي زمننا، أن يروا الخير الذي يرونه بعيونهم، ثم يقولون إنه ليس خيرًا، بل عمل شيطان. المجدِّف على ابن الإنسان يُغفَر له. يُغفَر له إذا تاب، كما تاب اللص التائب في آخر حياته. كما تاب نيقوديمس، أحد الرؤساء الذي جاء إلى يسوع ليلًا في الخفاء، متردِّدًا بين الله والناس. من رفض ثم تاب، يُغفَر له.

والمجدف على الروح القدس لا يُغفَر له. الروح مبدأ كل صلاح، الروح هو الله سبحانه الظاهرُ صلاحُه في عجائب خلقه، هو هادي الإنسان في أعماق قلبه، هو نور الإنسان في عمق كيانه. من رفض النور في ذاته، هو يحكم على نفسه بالبعد عن النور. هو يحكم على نفسه بعدم المغفرة، هو رافض النور ورافض المغفرة على الأرض وفي السماء. هذا مصيره يصنعه هو بنفسه، هو يحكم على نفسه بأن يكون بعيدًا عن الله خالقه، وهو الحاكم على نفسه بالهلاك. لا يطلب المغفرة، فلا يُغفَر له. أما كل قادر على طلب المغفرة، وطلَبَها وجد الله أبًا رحيمًا وغفورًا.

ونحن أين نقف من تعاملنا مع الله خالقنا وأبينا، ومع يسوع المسيح كلمة الله، الذي صار إنسانًا مثلنا، ليعلِّمنا ويهدينا؟ هل نجتهد لنعرفه، لنسمع ما يقول في الإنجيل المقدس؟ هل نقبل الحب الذي يقدمه لنا، ونجيب عليه بالحب نفسه؟ أم نجيب بقلب قاس، شارد، غارق في الأرض والأرضيات، ونرفض رؤية الله، فنحكم على أنفسنا بالبعد عنه؟

التعامل مع الله أمر جَدِّي. إنها قضية كيان، الآن، ماذا أكون: إنسانًا خلقني الله على صورته؟ أم كبيرًا بنفسي، متكبِّرًا على خالقي، فأسير إلى الهلاك أنا؟

 "اجعَلُوا الشَّجَرَةَ طَيِّبَةً يَأْتِ ثَمَرَهَا طَيِّبًا" (٣٣). أنتم شجرة طيبة. كل إنسان خلقه الله شجرة طيبة. خلقه على صورته، قابلا للقداسة وللمحبة. في يدَيْ كل واحد أن يبقى شجرة طيبة، أو أن يصير شجرة فاسدة. في يد كل إنسان أن يصنع الصلاح أو الشر. على كل واحد أن يختار، بين الحياة والموت. 

"يَا أولَادَ الأَفَاعِي، كَيفَ لَكُم أَن تَقُولُوا كَلَامًا طَيِّبَا وَأَنتُم خُبَثَاءُ؟" (٣٤). اشتد كلام يسوع، كما يوم عنَّف المدن التي لم تؤمن بما رأت وسمعت منه. وهنا يوجه كلامه إلى الذين رأوا عمل الخير منه، وملأ الظلام قلوبهم، فقالوا عن عمل الله إنه عمل الشيطان. نعتهم يسوع بأولاد الأفاعي. وبالشجرة الفاسدة. الذي يكابر، الذي يرى الخير ويرفض أن يراه، هو الذي يضع نفسه في موضع اللعنة.

ربي يسوع المسيح، أعطني أن أعرف نفسي دائمًا، أنك أنت خالقي وإلهي، وأني لك، وحياتي بك ومعك فقط. أعطني ألا أسجن نفسي في نفسي، أعطني ألا أبتعد عنك. وأن أبقى دائمًا في نورك وحبك. آمين. 

السبت ١١/٢/٢٠٢٣