أديب اسحاق رائد الفكر القومي العربي

الكاتب : الدكتور حاتم جوعية – شاعر من المغار

رحلتنا عبر التاريخ هذه سوف تكون متنوعة الأوطان، واليوم نقف مع أديب لبناني، دمشقي المولد، أرمني الأصل بيروتي النشأة، ألا وهو أديب إسحاق.

أديب اسحاق رائد الفكر القومي العربي

أديب إسحاق (1272–1302 هـ، 1856–1885م). أحد الشخصيات البارزة في حركة النهضة القومية – الثقافية والتنوير العربي، وأول مناد حقيقي بالنزعة القومية العربية. وقد وصفه الكاتب العربي ناجي علوش الذي جمع آثاره السياسية والاجتماعية بقوله: "أديب اسحق هو أحد الرواد الطلائع في النهضة الأدبية السياسية في القرن التاسع عشر، وهو من أبرز هؤلاء الرواد". ونعاه المستشرق السوفييتي كوتلوف قائلا: "أديب اسحاق رائد الفكر القومي العربي".

عاش تسعًا وعشرين سنة قضاها بالعمل النشيط في الصحافة والأدب. ظهرت عليه بوادر النبوغ في النظم والنثر في سن مبكرة وهو لم يتجاوز الثانية عشرة. ترك المدرسة وهو في الحادية عشرة وعمل في الجمارك كاتبًا، ودرس اللغة التركية أثناء ذلك وأجادها في بضعة أشهر. تنقل في الوظائف الحكومية في بيروت، ولكن رغبته ظلت معلقة بالكتابة، فاعتزل العمل الحكومي وتفرغ للكتابة في الصحف، مما أكسبه شهرة واسعة بين القراء بسبب روعة أسلوبه وقوة عبارته.

انتقل أديب إسحاق إلى مصر سنة 1876م، وساعد صديقه سليم النقاش في تقديم بعض البرامج المسرحية في الإسكندرية. وكان في القاهرة آنذاك جمال الدين الأفغاني فسافر إليه أديب إسحاق وانضم إلى حلقته، فشجعه على احتراف الصحافة ومحاربة الظلم والتخلف، فأصدر صحيفة "مصر" سنة 1877م ثم أصدر في الإسكندرية صحيفة "التجارة" بالاشتراك مع صديقه سليم النقاش سنة 1878م، ولكن الصحيفتين ألغيتا بسبب اتجاههما التحرري المناهض للأجانب.

انتقل أديب إسحاق إلى باريس سنة 1879م وأصدر فيها جريدة مصر القاهرة، ثم ما لبث أن عاد إلى بيروت مريضاً بداء الصدر، ثم انتقل إلى مصر ولكنه رجع إلى لبنان وعمل بالصحافة بعد اندلاع الثورة العربية، ثم ألجأه المرض إلى الاعتزال حتى توفي في بيروت سنة 1885م ولم يكمل عقده الثالث.

تنحصر آثاره في المقالات التي كتبها أو ترجمها، إضافة إلى بعض ما ترجمه من كتب عن الفرنسية مثل: آندروماك، شارلمان، الباريسية الحسناء. وقد جمعت مقالاته وأشعاره في كتاب "الدرر" الذي طُبِع أكثر من مرة.