يسوع، في صلاته، يحملنا معه أمام الآب - يوحنا ١٧: ١-١١
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"لَستُ بَعدَ اليَومِ فِي العَالَمِ، وَأَمَّا هُم فَلَا يَزَالُونَ فِي العَالَمِ، وَأَنَا ذَاهِبٌ إلَيكَ. يَا أبَتِ القُدُّوسُ، احفَظْهُم بِاسمِكَ الَّذِي وَهَبْتَهُ لِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحنُ وَاحِدٌ" (١١).

١. قال يسوع هذه الأشياء، ثم رفع عينيه نحو السماء وقال: يا أبت، قد أتت الساعة: مجد ابنك ليمجدك ابنك
٢. بما أوليته من سلطان على جميع البشر ليهب الحياة الأبدية لجميع الذين وهبتهم له.
٣. والحياة الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحق وحدك ويعرفوا الذي أرسلته يسوع المسيح.
٤. إني قد مجدتك في الأرض فأتممت العمل الذي وكلت إلي أن أعمله
٥. فمجدني الآن عندك يا أبت بما كان لي من المجد عندك قبل أن يكون العالم.
٦. أظهرت اسمك للناس الذين وهبتهم لي من بين العالم. كانوا لك فوهبتهم لي وقد حفظوا كلمتك
٧. وعرفوا الآن أن جميع ما وهبته لي هو من عندك
٨. وأن الكلام الذي بلغتنيه بلغتهم إياه فقبلوه وعرفوا حقا أني من لدنك خرجت وآمنوا بأنك أنت أرسلتني.
٩. إني أدعو لهم ولا أدعو للعالم بل لمن وهبتهم لي لأنهم لك.
١٠. وجميع ما هو لي فهو لك وما هو لك فهو لي وقد مجدت فيهم.
١١. لست بعد اليوم في العالم وأما هم فلا يزالون في العالم وأنا ذاهب إليك. يا أبت القدوس احفظهم باسمك الذي وهبته لي ليكونوا واحدا كما نحن واحد.
"إنِّي أَدعُو لَهُم، وَلَا أَدعُو لِلعَالَمِ، بَل لِمَن وَهَبْتَهُم لِي، لِأَنَّهُم لَكَ" (٩).
"إنِّي أَدعُو لَهُم". يسوع، في صلاته، يحملنا معه أمام الآب. نحن في صلاته، يرفعنا معه، إلى الله. إنه يجعلنا حاضرين أمام الله. لأننا له، مُلكٌ له. "لِأَنَّهُم لَكَ". يسوع يتكلم عنا. نحن لله. نعم، نحن على الأرض، وفي مشاكل الأرض، لكنَّا أيضًا لله، أقوى من الأرض ومن كل ما فيها، وأعلى من الأرض.
"لِأَنَّهُم لَكَ". نحن لله. نحن مُلكُ لله، الذي يُحِبُّنا منذ الأزل. حياتنا الطبيعية هي أن نكون معه، وليس على الأرض. لنفكِّرْ في ما نحن، في ما أراد الله لنا أن نكون، أن نكون خاصَّته، مُلكَه، وأن حياتنا الطبيعية هي الحياة معه. هذا الوعي أننا لله يجب أن يُرشِدَ كل علاقاتنا مع جميع إخوتنا. نحن في حُبّ الله، فنُحِبُّ جميع إخوتنا. الأرض بحاجة إلى شيء من الشماء في كل واقعها. الناس بحاجة إلى حب الله، الذي يطهِّرهم، ويجعلهم أكثر إنسانية، وأقرب من خالقهم وأبيهم.
"لِأَنَّهُم لَكَ". نحن لله. في كل عمل على الأرض، في كل صلواتنا، في كل همومنا، نحن لله. لسنا ما نحن، لسنا ما نظهر ويبدو أننا، نحن ما هو غير مَرئِيٍّ فينا، أننا لله، هكذا نصير حقًا مشاركين في عمل الفداء الذي صنعه يسوع، ومثله نحمل القداسة للأرض وللناس، ونصير بناة حقيقيّين للمجتمعات البشرية.
نحن لله ونحن مُرسَلون إلى كل ما هو إنساني، لنزيده إنسانية، أي ارتفاعًا إلى مستوى الله خالقه، وليكون قادرًا على العمل مثل الله.
"وَجَمِيعُ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ، وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي، وَقَد مُجِّدْتُ فِيهِم" (١٠). يسوع واحد مع الآب، ونحن الذين فدانا، وأعادنا إلى حضرة الله، فينا يظهر مجده، وفينا يظهر الحب، الذي هو الله.
"لَستُ بَعدَ اليَومِ فِي العَالَمِ، وَأَمَّا هُم فَلَا يَزَالُونَ فِي العَالَمِ، وَأَنَا ذَاهِبٌ إلَيكَ. يَا أبَتِ القُدُّوسُ، احفَظْهُم بِاسمِكَ الَّذِي وَهَبْتَهُ لِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحنُ وَاحِدٌ" (١١).
قال يسوع: أنا أترك العالم، وأعود إلى الآب، وهم يبقون في العالم، ليكمِّلوا العمل الذي أوكلته إليَّ لأُتمـِّمَه. احفَظْهم، أبتِ، في النور. ليكونوا كلهم قادرين على أن يروا، قادرين على أن يعرفوك، قادرين على أن يكونوا نور العالم.
ربي يسوع المسيح، أنت تصلّي دائمًا من أجلنا. تصلّي لنكون دائمًا معك، ومع الآب. أعطنا أن ندرك ذلك، أن ندرك أننا لك وللآب، وأن نعيش على الأرض ممتلئين بهذا الوعي، أننا لك، وأن حياتنا الطبيعية هي معك. آمين.
الثلاثاء ٢٣/٥/٢٠٢١ بعد الأحد السابع في زمن الفصح