ودَعا الِاثنَيْ عَشَر وأَخَذَ يُرسِلُهُمُ ٱثنَينِ ٱثنَيْن - مرقس ٦: ٧-١٣

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

٧ودَعا الِاثنَيْ عَشَر وأَخَذَ يُرسِلُهُمُ ٱثنَينِ ٱثنَيْن، وأَولاهُم سُلْطانًا على الأَرواحِ النَّجِسَة. ٨وأَوصاهُم أَلَّا يَأخُذوا لِلطَّريق شَيئًا سِوى عَصًا: لا خُبزًا ولا مِزوَدًا ولا نَقدًا مِن نُحاسٍ في زُنَّارِهم، ٩بل: لِيَشُدّوا النِّعالَ على أَقدامِهم، «ولا تَلْبَسوا قميصَين»، ١٠وقالَ لَهم: «وحيثُما دَخَلتُم بَيتًا، فأَقيموا فيه إِلى أَن تَرحَلوا. ١١وإِن لم يَقبَلْكُم مَكانٌ ولَم يَستَمِعْ فيه النَّاسُ إِليكم، فارْحَلوا عنهُ نافِضينَ الغُبارَ مِن تَحتِ أَقدامِكم شَهادَةً علَيهم». ١٢فمَضَوا يَدْعونَ النَّاسَ إِلى التَّوبَة، ١٣وطرَدوا كَثيرًا مِنَ الشَّياطين، ومَسَحوا بِالزَّيْتِ كَثيرًا مِنَ المَرْضى فَشَفَوْهم.

ودَعا الِاثنَيْ عَشَر وأَخَذَ يُرسِلُهُمُ ٱثنَينِ ٱثنَيْن - مرقس ٦: ٧-١٣

        الحرب. اليوم ٢٨٢

        "إِلَيكَ يا رَبِّ أَصرُخ، وإِلَيكَ في الصَّباحِ تُبادِرُ صَلاتي. لِمَ، يا رَبِّ، تَنبِذُ نَفْسي، وتَحجُبُ وَجهَكَ عَنِّي؟ مِسْكينٌ أَنا ومُنازِعٌ مُنذُ طُفولَتي، وقد قاسَيتُ أَهْوالَكَ فعَيِيتُ" (مزمور ٨٨: ١٤-١٦).

        ارحمنا، يا رب. "إِلَيكَ يا رَبِّ أَصرُخ، وإِلَيكَ في الصَّباحِ تُبادِرُ صَلاتي. لِمَ، يا رَبِّ، تَنبِذُ نَفْسي، وتَحجُبُ وَجهَكَ عَنِّي؟ " منذ الصباح، يا رب، وفي كل لحظة، تحت القصف، وبين صراح الأطفال، واغتيال الآباء والأمهات، والأهل والأصدقاء، وفي مواجهة الموت، والجوع والعطش، تائهين مهجَّرين على الطرقات، ومع إذلال الجنود لنا، منذ الصباح، في كل هذا، نصرخ إليك، يا رب، ونبحث عنك. أنت وحدك تقدر أن تخلِّصَنا. الناس إما ضعفاء، وإما أشرار. " لِمَ، يا رَبِّ، وإلى متى، تَنبِذُ نَفْسي، وتَحجُبُ وَجهَكَ عَنِّي؟". إنا نؤمن، يا ربّ، ونرجو ونطلبك وننتظرك، ننتظر الخلاص منك فقط. ارحمنا، يا رب.

 

        إنجيل اليوم

        "ودَعا الِاثنَيْ عَشَر وأَخَذَ يُرسِلُهُمُ ٱثنَينِ ٱثنَيْن، وأَولاهُم سُلْطانًا على الأَرواحِ النَّجِسَة. وأَوصاهُم أَلَّا يَأخُذوا لِلطَّريق شَيئًا سِوى عَصًا: لا خُبزًا ولا مِزوَدًا ولا نَقدًا مِن نُحاسٍ في زُنَّارِهم" (٧-٨).

        دعا الاثني عشر، دعانا، دعاني، باسمي، فهو يعرفني. الله في نوره العظيم يعرفني ويدعوني. ويُدخِلُني في نوره. وأنا لا أقدر أن أبقى في النور دائمًا. أنسى، أنسى مرارًا. نعم أستجيب للنداء، لكني أصير وحدي كما لو لم يكن يسوع هو الذي يناديني. يناديني فأسمعه وأستجيب فأتحرك، لكن أتوقف على الطريق، وأنسى أني سَمِعت واستجبت وحملت الرسالة. كل شيء فيَّ يصير لي وللناس، وأدخل في فتور وعادة ورتابة الأيام، خارج النور.

        في كل لحظة يجب أن أسأل نفسي: أين أنا؟ لمن أحيا؟ ليسوع الذي يدعوني دائمًا أم لنفسي؟ لمن أحيا؟ مع من أحيا؟ مع يسوع في نوره، واعيًا ما طلب مني لمــَّا دعاني؟ أم نسيت وصرتُ لنفسي فقط، وحدي؟

        أنا مدعُوٌّ للعمل مع الله. أنا مدعُوٌّ لأخدم إخوتي وأخواتي، ولأسير بهم إلى النور. حياة مملؤة بالله، مملؤة بروح الله، الذي يقويني ويبقيني في النور، وفي حياتي مع الله، أبي.

        الحياة مع الله، بالرغم من كل جهود الأرض للابتعاد عن نور الله. بالرغم من جهود الأرض، بالرغم من شرِّ نفسي، لأني أريد أن أبقى مع الله، ولو أني أقع في الفتور ورتابة الأيام. أريد الحياة مع الله أبي. هذه هي الحياة.

        "ودَعا الِاثنَيْ عَشَر وأَخَذَ يُرسِلُهُمُ ٱثنَينِ ٱثنَيْن". في هذا الإرسال رسالتان: الرسالة نفسها، مرسَلٌ لكل إخوتي وأخواتي، ثم " ٱثنَينِ ٱثنَيْن".  كل واحد سندٌ لأخيه المدعُوّ مثله، حتى نبقى معًا في الرسالة وفي النور، حتى لا يتعثّر أحدنا ويسقط إن صار وحده، حتى لا ينسى، ماذا صارت حياته بعد النداء والإرسال؟ ٱثنَينِ ٱثنَيْن"، ليتعلَّم كل واحد محبةَ "أخيه"، فيصير أخوه سندًا له، سنَدًا للثبات في محبة أبينا الذي في السماء. نحِبُّ بعضنا بعضًا، فنُسنِدُ بعضنا بعضًا، والله أبونا يحرسنا ويحفظنا في نوره.

        الحياة مع الله، ومع جميع إخوتي المدعُوِّين، المكرَّسين والعلمانيين، حتى لا نتيه، كل واحد وحده، خارج طرق الله. الأخ سنَدٌ ودليل. الأخ مذكِّرٌ لحقيقة الرسالة: لماذا دعانا وإلى من أرسلنا أبونا الذي في السماء؟

        مع الأخ، أبني، كما أني مع الله أبني، ومن دونه لا أقدر أن أعمل شيئًا. خلقنا الله جميعًا لنحيا معًا، لنُسنِدَ بعضنا بعضًا فنحيا معه، مدعُوّين ومرسَلين، ٱثنَينِ ٱثنَيْن"، الأخ مع أخيه ومن أجله.

        "وأَولاهُم سُلْطانًا على الأَرواحِ النَّجِسَة. وأَوصاهُم أَلَّا يَأخُذوا لِلطَّريق شَيئًا".  لا تأخذوا شيئًا للطريق. الله معنا، ونحن على الطريق نسير إليه وإلى إخوتنا. ولا نحتاج إلى شيء سواه، لنبقى على الطريق فلا نتعب ولا نكُفُّ عن حمل الرسالة، ونحن لا نعي. نحن مكلَّفون بعمل الله، فالله يعمل، حيث لا نقدر وحدنا أن نعمل. نبذل جهودنا ونتوسَّل بوسائلنا، لكن العامل الأول هو الله. من دونه، وسائلنا تصير معوِّقات. وسائلنا يمكن أيضًا أن تخلق فينا عقلية ليس عقلية تلميذ للمسيح. فبدل أن تساعد، تصير معوقات. أوصانا قال: "لا تأخُذوا لِلطَّريق شَيئًا" وإن صار معكم شيء، أبنية أو مال أو غير ذلك، احذروا من أن تصير وسائلكم هذه عوائق دون الرسالة. ثقوا بالله وحده. اعملوا مع الله، وابقوا خُدّامًا لإخوتكم وأخواتكم، وبهذا، سيكون لكم " سُلْطان على الأَرواحِ النَّجِسَة".

        ربي يسوع المسيح، دعَوْتَني وأرسِلْتَني، وقلتَ لي أن أثق بك فقط، وأن أعمل معك، وأن أراك في كل ما أعمل، وأن أرى إخوتي وأخواتي، الذين أحمل معهم أو إليهم الرسالة. ربي، احفظني دائمًا معك، وخادمًا لإخوتي وأخواتي. آمين.

الأحد ١٤/٧/ ٢٠٢٤              الأحد الخامس عشر من زمن السنة/ب