هكذا كان البَدءُ
الكاتب : يوسف حنا – شاعر وطبيب من الناصرة
قصيدة "هكذا كان البدءُ" لروح الشاعر الفلسطيني والمناضل والنائب ورئيس بلدية الناصرة، توفيق زيّاد، أحد رموز الثقافة الوطنية الفلسطينية، في الذكرى الثلاثين لرحيله والتي تصادف في الخامس من تموز- يوليو.

هكذا كان البَدءُ
واليومَ بعد ثلاثين عاماً
بغيابِكَ نامتْ آلافُ الحكاياتِ
بين الزوايا
حمّلْتَنا أَحلاماً لامستْ أَعتابَ السماء
وآلافَ القصصِ المكتومة..
يأتينا الغناء
بلسماً يداوي آلامَ الماضي
بكلّ الخسارات
أشبهُ بالهمسِ
أَقربُ إلى الإيماءِ
والمواويلِ
قصائدُ صقلْتَها بمِسَنِّك الحاد
بأحجاركَ المقدسة
تسقطُ حِمماً
على أهلِ سدوم
من براكينِ ثورتِك.
.
جئتَ إِلى الدنيا بسيطاً
وتركتَها بسيطاً
واصلتَ طريقاً بصلابةِ الفولاذ
لتصبحَ رمزاً
للنقاءِ والصفاء.
أَفنيتَ عمرَك القصيرَ الطويل
محارباً من أَجلِ عالمٍ نضير
حلُمتَ بالحَمامِ يحطُّ آمناً على أكتافِنا
ويبني أعشاشَه في حدائقِ السلام
حلُمتَ بالسفنِ الطليقةِ تجوبُ البحارَ،
بالعدالةِ للجميعِ والأَمان
لَمْلَمْتَ من المَطرِ الشحيحِ قطرةً قطرة
حتى هدرتْ سيلاً يليهِ طوفان
يموجُ مُزمجراً.. يقتلعُ الطغاةَ والسلطان.
.
جئتَ من وراءِ الملاحمِ
والعصورِ البائدة
قبل أن يقفَ الشاعر ليرثي نفسَه على الأَطلال
جاءَ شِعرُكَ شدواً ولغةً تحفظُها الأَجيال
يُعلّقُ العنقاءَ في لوحةٍ.. في بيتِ شِعرٍ
على شجرةٍ معمِّرةٍ تستجيبُ لغوايةِ النسيم.
جئتَ من هناك...
مُسربَلاً بخطيئَتِك البريئة
لتلفظَ الأَرضُ مُدنَها الأُسطوريَّة،
حاملاً في عينيكَ هذه الطعنةَ النافذةَ
والحكمةَ الخام..
نَمْ هانئاً.. المجدُ لك!
يا مَنْ يَحارُ في مَدارِكَ الفَلَك
ترابُ الوطنِ يصدحُ باسمِك
يصبُّ أَرواحَنا في نشوةٍ مؤبَّدة
على شكلِ حَياة !
.