عندما يتكلم الله، ويعمل، الإنسان لا يفهم - يوحنا ٦: ٦٠-٦٩
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٦٠فقالَ كَثيرٌ مِن تَلاميذِه لَمَّا سَمِعوه: «هٰذا كَلامٌ عَسير، مَن يُطيقُ سَماعَه؟» ٦١فعَلِمَ يسوعُ في نَفْسِه أَنَّ تَلاميذَه يَتَذَمَّرونَ مِن ذٰلك، فقالَ لَهم: «أَهٰذا حَجَرُ عَثرَةٍ لكُم؟ ٦٢فكَيفَ لو رَأَيتُمُ ابنَ الإِنْسانِ يَصعَدُ إِلى حَيثُ كانَ قَبْلًا؟ ٦٣إِنَّ الرُّوحَ هو الَّذي يُحيي، وأَمَّا الجَسَدُ فلا يُجْدي نَفْعًا، والكَلامُ الَّذي كَلَّمتُكُم به رُوحٌ وحَياة، ٦٤ولٰكِنَّ فيكم مَن لا يُؤمِنون». ذٰلكَ بِأَنَّ يسوعَ كانَ يَعلَمُ مُنذُ بَدءِ الأَمْرِ مَنِ الَّذينَ لا يُؤمِنون ومَنِ الَّذي سَيُسلِمُه. ٦٥ثُمَّ قال: «ولِذٰلِكَ قُلتُ لكم: ما مِن أَحَدٍ يَستَطيعُ أَن يُقبِلَ إِلَيَّ إِلَّا بِهبَةٍ مِنَ الآب». ٦٦فارتَدَّ عِندَئِذٍ كثيرٌ مِن تَلاميذِه وانقَطعوا عنِ السَّيرِ معَه.٦٧فقالَ يسوعُ لِلاثْنَيْ عَشَر: «أَفلا تُريدونَ أَن تَذهَبوا أَنتُم أَيضًا؟» ٦٨أَجابَه سِمْعانُ بُطرُس: «يا رَبّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك؟ ٦٩ونَحنُ آمَنَّا وعَرَفنا أَنَّكَ قُدُّوسُ الله.

الحرب. اليوم ٣٢٣
"حينَئذٍ يَرتَدُّ أَعْدائي يَومَ دُعائي، وأَنا أَعلَمُ أَنَّ اللهَ مَعي. على اللهِ الَّذي بِكَلِمَتِه أُشيد على الرَّبِّ الَّذي بِكَلِمَتِه أُشيد، على اللهِ تَوَكَّلتُ فلا أَخاف، وماذا يَصنَعُ بِيَ الإِنْسان؟" (مزمور ٥٦: ١٠-١٢).
ارحمنا، يا رب. عندما ندعوك استجب لنا. "وأَنا أَعلَمُ أَنَّ اللهَ مَعي". أعلم وأومن. أنت مع أبنائك، خليقتك وصنع يديك. لم تخلقنا لنموت وللحروب وعذاباتها. لكن نحن غيَّرْنا ذلك. لما أردنا أن نصير مثل الله، من دونك، يا الله. عكس ذلك، صرنا مصدر موت وحروب وأحقاد. يا رب، لولا إيماننا بك، بالرغم من كل الصعاب، لكانت الحياة في هذه الأرض لا تعاش. موت ورائحة موت في غزة وفي قلوب الكبار والأقوياء. أناس قساة لا يرحمون. ... ارحمنا يا رب.
إنجيل اليوم
"فقالَ كَثيرٌ مِن تَلاميذِه لَمَّا سَمِعوه: «هٰذا كَلامٌ عَسير، مَن يُطيقُ سَماعَه؟» فعَلِمَ يسوعُ في نَفْسِه أَنَّ تَلاميذَه يَتَذَمَّرونَ مِن ذٰلك، فقالَ لَهم: «أَهٰذا حَجَرُ عَثرَةٍ لكُم؟ فكَيفَ لو رَأَيتُمُ ابنَ الإِنْسانِ يَصعَدُ إِلى حَيثُ كانَ قَبْلًا؟ إِنَّ الرُّوحَ هو الَّذي يُحيي، وأَمَّا الجَسَدُ فلا يُجْدي نَفْعًا، والكَلامُ الَّذي كَلَّمتُكُم به رُوحٌ وحَياة، ولٰكِنَّ فيكم مَن لا يُؤمِنون». ذٰلكَ بِأَنَّ يسوعَ كانَ يَعلَمُ مُنذُ بَدءِ الأَمْرِ مَنِ الَّذينَ لا يُؤمِنون ومَنِ الَّذي سَيُسلِمُه".
«هٰذا كَلامٌ عَسير، مَن يُطيقُ سَماعَه؟». عندما يتكلم الله، ويعمل، الإنسان لا يفهم. وهذا طبيعي. من هو الإنسان حتى يصعد إلى الله؟ قال يسوع: " ما مِن أَحَدٍ يَستَطيعُ أَن يُقبِلَ إِلَيَّ إِلَّا بِهبَةٍ مِنَ الآب» (٦٥). لا أحد يؤمن، لا أحد يفهم ما يقول الله، ما لم يجتذبه الآب. منه، من الآب الإرادة والمقدرة للسماع والفهم.
"الرُّوحَ هو الَّذي يُحيي، وأَمَّا الجَسَدُ فلا يُجْدي نَفْعًا". الروح الذي يفتحه الله نفسه على شؤون الله، هو الذي يمنح الحياة بحسب الروح وفي نور الله. فلا نغرق في ما هو بشري فقط. نرتفع فوق أنفسنا، فوق ما لا نفهم. ونضع أنفسنا في مجال الروح، أحرارًا من قيود الجسد. أحرارًا من كل انحراف الإنسان الذي يظن نفسه قادرا على الحياة وحده، من دون الله خالقه وأبيه. حرية أبناء الله. حرية وإرادة ومقدرة لفهم ما يقوله الله.
والكَلامُ الَّذي كَلَّمتُكُم به رُوحٌ وحَياة". الله يكلمنا، كلامًا فيه روح وحياة. لنبقَ إذن مستيقظين، واعين، لنسمع ونفهم ونحيا بحسب الروح.
"ولٰكِنَّ فيكم مَن لا يُؤمِنون». قال يسوع هذا الكلام لرسله الذين اختارهم، لواحد من الاثني عشر. مدعُوٌّ ومرسَلٌ ولا أومن؟ قد يحدث. في الظاهر أومن، وفي الحقيقة، في ما أحيا، لا أومن. حدث هذا مع أحد رسل يسوع. وفي تاريخ الكنيسة التي يقدِّسها الروح، يحدث هذا أيضًا. البعض يبقون في الصفوف، لكنهم يتنحَّوْن عن تأثير الروح. على كل حال، المهم ليس الغير. أضعهم جميعًا بين يدي الله. لكن المهم هو أنا نفسي. أفحص ضميري، هل أنا بين الذين يؤمنون؟ لست أفضل من غيري. يمكن أن أومن ويمكن أن تقول حياتي: هذا كلام عسير. من الممكن لي أيضًا ألا أسمع وألا أفهم ما يقوله الله.
"فقالَ يسوعُ لِلاثْنَيْ عَشَر: «أَفلا تُريدونَ أَن تَذهَبوا أَنتُم أَيضًا؟» أَجابَه سِمْعانُ بُطرُس: «يا رَبّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك؟ ونَحنُ آمَنَّا وعَرَفنا أَنَّكَ قُدُّوسُ الله" (٦٧-٦٩).
قال يسوع أيضًا: لستم أنتم الذين اخترتموني، بل أنا اخترتكم. أحببتكم فاخترتكم وأرسلتكم. وأنتظر أن تأتوا إليَّ أحرارًا. ولكم أقول: «أَفلا تُريدونَ أَن تَذهَبوا أَنتُم أَيضًا؟". الحياة معي، هل هي صعبة؟ تعالوا إليَّ لأني وديع ومتواضع القلب. أنا كلمة الله الأزلي، أنا والآب واحد. أدعوكم إلى الحياة مع الله. فوق ما في الأرض. وفي قدرتكم أن ترتفعوا إلى ما أدعوكم إليه.
قد نلقى أوقاتًا صعبة في حياتنا، عندما لا نرى، أو عندما ننسى، فنبتعد. لنبق مستيقظين، متنبهين لما نحن: أن الله أحبنا، واختارنا ودعانا وأرسلنا. ومع بطرس لنجب، مهما كانت الصعاب من جهة الناس: «يا رَبّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك؟ ونَحنُ آمَنَّا وعَرَفنا أَنَّكَ قُدُّوسُ الله". يا رب، الحياة عندك. إن ابتعدنا اعنك سنغرق في مزيد من الموت.
ربي يسوع المسيح، ليس كلامك صعبًا علينا، بل الحياة مع الناس، في هذه الأرض التي أردت أن تحيا فيها حياتك الأرضية. أنت قبِلْتَ الآلام والموت. ثم قهرت الموت وقمت ممجَّدًا. أعطنا أن نقهر الموت الذي يأتينا من الناس، وأن نحيا معك، بالرغم من كل شر الناس. آمين.
الأحد ٢٥/٨/ ٢٠٢٤ الأحد ٢١ من السنة/ب