رُوحُ الحَقِّ الـمُنبَثِقِ مِنَ الآبِ - يوحنا ١٥: ٢٦- ١٦: ٤

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"وَمَتَى جَاءَ المـُؤَيِّدُ الَّذِي أُرسِلُهُ إلَيكُم مِن لَدُن الآبِ، رَوحُ الحَقِّ الـمُنبَثِقِ مِنَ الآبِ، فَهُوَ يَشهَدُ لِي. وَأَنتُم أَيضًا تَشهَدُونَ لِأَنَّكُم مَعِي مُنذُ البَدءِ" (١٥: ٢٦-٢٧).

رُوحُ الحَقِّ الـمُنبَثِقِ مِنَ الآبِ - يوحنا ١٥: ٢٦- ١٦: ٤

 

 ١٥: ٢٦ ومتى جاء المؤيِّد الذي أُرسِلُهُ إليكم من لدن الآب، روحُ الحقِّ المنبثق من الآب، فهو يشهد لي 

١٥: ٢٧. وأنتم أيضًا تشهدون لأنكم معي منذ البدء.

١٦: ١. قلت لكم هذه الأشياء لئلا تَعثُروا.

٢. سيفصلونكم من المجامع بل تأتي ساعة يظُنُّ فيها كل من يقتلكم أنه يؤدِّي لله عبادة.

٣. وسيفعلون ذلك لأنهم لم يعرفوا أبي، ولا عرفوني.

٤. وقد قلت لكم هذه الأشياء لتذكروا إذا أتت الساعة أني قلْتُها لكم.

 

        "وَمَتَى جَاءَ المـُؤَيِّدُ الَّذِي أُرسِلُهُ إلَيكُم مِن لَدُن الآبِ، رَوحُ الحَقِّ الـمُنبَثِقِ مِنَ الآبِ، فَهُوَ يَشهَدُ لِي. وَأَنتُم أَيضًا تَشهَدُونَ لِأَنَّكُم مَعِي مُنذُ البَدءِ" (١٥: ٢٦-٢٧).

        "رُوحُ الحَقِّ الـمُنبَثِقِ مِنَ الآبِ" الذي يرسِلُه يسوع. إلى الذين يريدون استقباله. إلى الجميع من حيث المبدأ. عمليًّا إلى الذين يعرفون ما هو أهمُّ شيء في الحياة، - ليسوا هم، أو مصالحهم، أو أفراحهم أو أحزانهم. أهم شيء في حياة الإنسان، كما في حياة الله، هو الله نفسه الذي، خلقنا وأحبَّنا. هو روح الحق الذي يرسله يسوع إلينا. الروح الذي يرسله إلى من يعرفون. ونسأل أنفسنا دائمًا: هل نحن بين الذين يعرفون؟

        هل نحن بين الذين يعرفون؟ من المفروض أن نكون منهم. الله أعطانا كثيرًا، وعلَّمنا كثيرًا، وقرَّبنا منه، فيجب أن نكون قادرين على أن نعرف، وأن نستقبل كل ما يعطينا. أن نعرف أنه أرسل إلينا الروح الذي يذكِّرنا بكل ما علَّمنا إياه يسوع، الذي يجعلنا قادرين على المحبة، قادرين إذن على أن نقيم في الله، والله فينا.

        أهم شيء في الحياة، مهما كانت الأمور البشرية، هو الله نفسه الذي يحبنا والذي يقيم فينا. قال يسوع المسيح: إن كنتم تحبوني حفظتم وصاياي، وأبي يحبُّكم ونأتي إليكم ونجعل عندكم مقامنا. وهنا، على الأرض، حيث اللؤلؤة المخفية فينا تحت طبقات الغبار، لكنها فينا. الله فينا. إنْ حفِظْنا الوصية، إن أحبَبْنا. وإن أحبَبْنا إخوتنا، فنحن نحب الله، أبانا الذي في السماء، وهو يأتي ويقيم فينا.

أهم شيء في الحياة، هو أن الله فينا، ونحن فيه.      

"رُوحُ الحَقِّ الـمُنبَثِقِ مِنَ الآبِ، فَهُوَ يَشهَدُ لِي. وَأَنتُم أَيضًا تَشهَدُونَ لِأَنَّكُم مَعِي مُنذُ البَدءِ". الروح يشهد ليسوع، ونحن أيضًا، نشهد له. شهود مثل الروح. لأن الآب فينا، ونحن فيه. روح الآب فينا. وما يعمل الروح فإنه يعطينا أن نعمله. نحن نعيش على الأرض، نعم، في كل اضطراباتها، لكنا نعيش أيضًا في الروح، ومعه في الآب، والآب فينا.

        على الأرض، إن حفظتم وصاياي، أحببتموني، وأحبكم الله، ونأتي ونجعل عندكم مقامنا.

        يَسكُنُنا الروح. متحدين بالآب. شهودًا على الأرض، للأرض الجديدة، لأهم شيء في حياة إنسان: أن الله فينا، ونحن فيه.

        ربي يسوع المسيح، أرسل إليَّ روح الحق.  ليذكِّرَني ما أنا، ما أردتَ أن أكون، نحن فيك وأت فينا. أبقِني في هذه المرتفعات. وأعطني أن أحب إخوتي وأن أدلَّهم إلى المرتفعات نفسها، إلى الأرض الجديدة، إلى الإنسان الجديد، في هذه الأرض، حتى يتراجع الشر، ويزداد الخير فيها. آمين.

الاثنين ١٥/٥/٢٠٢٣              بعد الأحد السادس في زمن الفصح