دائمًا حاضرون أمام الله - لوقا ١٢: ٣٥-٣٨
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٣٥ لِتَكُنْ أَوساطُكُم مَشدودة، ولْتَكُنْ سُرُجُكُم مُوقَدَة، ٣٦وكونوا مِثلَ رِجالٍ يَنتَظِرونَ رُجوعَ سَيِّدِهم مِنَ العُرس، حتَّى إِذا جاءَ وقَرَعَ البابَ يَفتَحونَ لَه مِن وَقتِهِم. ٣٧طوبى لِأُولٰئِكَ الخَدَمِ الَّذينَ إِذا جاءَ سَيِّدُهم وَجَدَهم ساهِرين. الحَقَّ أَقولُ لكم إِنَّه يَشُدُّ وَسَطَه ويُجلِسُهُم لِلطَّعام، ويَدورُ علَيهِم يَخدُمُهم. ٣٨وإِذا جاءَ في الهَزيعِ الثَّاني أَوِ الثَّالِث، ووَجدَهم على هٰذِهِ الحال فَطوبى لَهم.

الحرب. السنة الثانية – يوم ١٦
"سيأكُلُ الوُضَعاءُ ويَشبَعون، ويُسَبِّحُ الرَّبَّ مُلتَمِسوه. لِتَحْيَ قُلوبُكم لِلأَبَد. جَميعُ أَقاصي الأَرضِ تَتَذَكَّر، وإِلى الرَّبِّ تَتوب، وجَميعُ عَشائِرِ الأُمَمِ أَمامَه تَسجُد" (مزمور ٢٢: ٢٧-٢٨).
ارحمنا، يا رب. إنا نؤمن، يا رب، أنك فديْتَ الإنسان، وجعلته إنسانًا جديدًا، والأرض جعلْتَها أرضًا جديدة. فيها "يأكُلُ الوُضَعاءُ ويَشبَعون، ويُسَبِّحُ الرَّبَّ مُلتَمِسوه". لكن، حتى الآن، يا رب، الموت في غزة وجنوب لبنان ما زال ثقيلا جدًّا. وفي الأرض المقدسة كلها، حيث خلقت الإنسانية خلقًا جديدًا. حتى الآن الموت هو السيد. إنا نؤمن، يا رب، أنك غلبتَ العالم، لكن اليوم، العالم هو الذي يغلبنا، ويقتِّلُنا تقتيلًا، صغارًا وكبارًا. " جَميعُ أَقاصي الأَرضِ تَتَذَكَّر، وإِلى الرَّبِّ تَتوب، وجَميعُ عَشائِرِ الأُمَمِ أَمامَه تَسجُد". متى يكون هذا، يا رب؟ تعال يا رب ولا تبطئ. أسرع مجيء يومك، يوم توبة الأرض عن خطيئتها وحروبها، أسرع يوم الأرض الساجدة لك، وطالبةِ الحياة الجديدة من رحمتك. ارحمنا، يا رب.
إنجيل اليوم
"لِتَكُنْ أَوساطُكُم مَشدودة، ولْتَكُنْ سُرُجُكُم مُوقَدَة، وكونوا مِثلَ رِجالٍ يَنتَظِرونَ رُجوعَ سَيِّدِهم مِنَ العُرس، حتَّى إِذا جاءَ وقَرَعَ البابَ يَفتَحونَ لَه مِن وَقتِهِم" (٣٥-٣٦).
أوساطكم مشدودة، ساهرون، قائمون بعملكم، واعون لما أنتم، ولما يُطلَب منكم أن تعملوا، واعون لعلاقتكم بالله: محبة الله ومحبة جميع أبناء الله.
دائمًا حاضرون أمام الله. دائمًا واعون حاضرون عند إخوتكم المحتاجين إليكم.
أمام الله، لنتأمل فيه في خلقه. ولنتأمل فيه في كلمته. ولنحفظ وصاياه التي لخَّصها لنا في وصية واحدة: المحبة. وإذا كنا حاضرين دائما أمام الله أبينا، سنكون حاضرين طبعًا لكل إخوتنا، للأقربين، في عائلتنا الصغيرة، وللأقربين لنا في الإيمان، في الرعية، عائلة إيماننا، فيكون كل واحد لي أخًا وأختًا، وجزءًا من حياتي، ومن جهودي وسعيي، فلا أحد يشعر بنفسه أنه واحد، بل يشعر كل واحد بنفسه أنه عائلة وجماعة مؤمنة عديدة، وأنه كثير، وليس فردًا وحيدًا متروكًا وحده.
وبعد الرعية، المجتمع كله، البلد كله، كل كائن بشري، هنا، في هذه الأرض المقدسة، بمختلف قومياتها، الفلسطيني والإسرائيلي، ومختلف دياناتها، اليهودي والمسيحي والمسلم والدرزي. الكل إخوة وأخوات. هل هذا ممكن؟ مع الحرب المشتعلة؟ والعداوة المتأصلة في القلوب منذ عشرات السنين؟ لله كل شيء ممكن. وللإنسان المخلوق على صورة الله، الواعي لما هو، الواعي لكرامته الإنسانية، ولأصوله الإلهية، هو وأخوه، هذا ممكن. وإلا، فحياته، وحروبه، وكراهيته، كل هذا موت وعدم، ولن يجني شيئًا.
البناء بالمحبة. يجب أن يؤمن الإنسان بقوة المحبة. يجب أن يقبل نفسه قادرًا على المحبة. هذه توبة وارتداد يجب أن يتِمَّ في أرضنا هذه، أرض الأنبياء، وأرض يسوع المسيح، ابن الله، وأرض حب الله. فيها سيعرف الإنسان المحبة، سيتعلَّم كيف يُحِبّ بمثل حب الله، فيترك حروبه. لكن لهذا، لا بد من السعي، والجهود، ومقاومة الشر....
أوساطكم مشدودة، واعون، منتظرون عودة الرب، أحياء بوصية المحبة، محبة الله وكل أبناء الله. في هذه الحال، كل صعب يصير ممكنًا.
"طوبى لِأُولٰئِكَ الخَدَمِ الَّذينَ إِذا جاءَ سَيِّدُهم وَجَدَهم ساهِرين. الحَقَّ أَقولُ لكم إِنَّه يَشُدُّ وَسَطَه ويُجلِسُهُم لِلطَّعام، ويَدورُ علَيهِم يَخدُمُهم. وإِذا جاءَ في الهَزيعِ الثَّاني أَوِ الثَّالِث، ووَجدَهم على هٰذِهِ الحال فَطوبى لَهم" (٣٧-٣٨).
ساهرون، يدكم في العمل، في خدمة الإخوة، في كل ساعة، في كل وقت حرب أو سلام، أحياء بالوصية الوحيدة محبة الله ومحبة أبناء الله. هذه هي الحياة على الأرض، ومقدمة الحياة الأبدية.
ربنا يسوع المسيح، علِّمْنا أن نصلي. علِّمْنا أن نحيا بحسب وصية المحبة، أن نبقى واعين، متنبهين لكرامتنا أننا قادرون على أن نحِب، وأعطنا أن نحِبَّ بمثل حبِّكَ. آمين.
الثلاثاء ٢٢/١٠/ ٢٠٢٤ بعد الأحد ٢٩ من السنة/ب