بعد الأحد الثالث في زمن الصيام - يسوع كلمة الله - لوقا ٤: ٢٤-٣٠
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"فَثَارَ ثَائِرُ جَمِيعِ الَّذِينَ فِي الـمَجمَعِ عِندَ سَمَاعِهِم هَذَا الكَلَامَ. فَقَامُوا وَدَفَعُوهُ إلَى خَارِجِ الـمَدِينَةِ وَسَاقُوهُ إلَى حَرفِ الـجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُم مَبنِيَّةً عَلَيهِ لِيُلقُوهُ عَنهُ، وَلَكِنَّهُ مَرَّ مِن بَينِهِم وَمَضَى"(٢٨-٣٠).

٢٤. وأضاف: الحق أقول لكم: ما من نبي يقبل في وطنه.
٢٥. وبحق أقول لكم: كان في إسرائيل كثير من الأرامل في أيام إيليا، حين احتبست السماء ثلاث سنوات وستة أشهر، فأصابت الأرض كلها مجاعة شديدة،
٢٦. ولم يرسل إيليا إلى واحدة منهن، وإنما أرسل إلى أرملة في صرفت صيدا.
٢٧. وكان في إسرائيل كثير من البرص على عهد النبي أليشاع، فلم يبرأ واحد منهم، وإنما برئ نعمان السوري.
٢٨. فثار ثائر جميع الذين في الـمجمع عند سماعهم هذا الكلام.
٢٩. فقاموا ودفعوه إلى خارج الـمدينة وساقوه إلى حرف الـجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه ليلقوه عنه،
٣٠. ولكنه مر من بينهم ومضى.
"فَثَارَ ثَائِرُ جَمِيعِ الَّذِينَ فِي الـمَجمَعِ عِندَ سَمَاعِهِم هَذَا الكَلَامَ. فَقَامُوا وَدَفَعُوهُ إلَى خَارِجِ الـمَدِينَةِ وَسَاقُوهُ إلَى حَرفِ الـجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُم مَبنِيَّةً عَلَيهِ لِيُلقُوهُ عَنهُ، وَلَكِنَّهُ مَرَّ مِن بَينِهِم وَمَضَى"(٢٨-٣٠).
هذا الأسبوع الثالث من الصوم. الإنجيل: يسوع في الناصرة، عاد إليها بعد أن بدأ يبشر بالملكوت ويدعو إلى التوبة. وأخذ يسوع يعلِّم في مجمعهم. فدَهِشوا أولًا لتعليمه. لكنهم لم يقبلوه. رفضوا أن يعرفوه معلِّمًا داعيًا إلى التوبة، وإلى ملكوت الله الجديد. بل بلغ بهم الأمر أنهم أرادوا له الموت. "فَقَامُوا وَدَفَعُوهُ إلَى خَارِجِ الـمَدِينَةِ وَسَاقُوهُ إلَى حَرفِ الـجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُم مَبنِيَّةً عَلَيهِ لِيُلقُوهُ عَنهُ".
يسوع كلمة الله، جاء لكل الناس. ولكي يَخلُصَ جميع الناس. ومع ذلك، الذين يرفضونه كثيرون. ومنهم أهل وطنه الناصرة. يسوع كلمة الله، ابن الله، وابن الإنسان، وطنه هو أكثر من الناصرة، هو العالم كله. في الناصرة رفضوا أن يقبلوه. كذلك في العالم، الرافضون كثيرون. من أين هذه المقدرة على الرفض لدى الإنسان أمام ما يقدِّم الله للإنسان؟
قبل مجيء يسوع إلينا، وقبل آلامه وموته وقيامته، كنَّا في حكم الخطيئة. كنَّا وقد نسينا أننا على صورة الله، تربطنا بالله علاقة الوجود، وعلاقة الأبُوّة الحميمة، بخالقنا وأبينا. بعد الفداء، بعد أن تألم يسوع ومات وقام، منحنا أن نغلب الموت نحن أيضا والخطيئة، ونعود إلى معرفة ما نحن، صورة الله، وأبناء الله، ومدعوون إلى الحب.
أهل الناصرة رفضوا أن يعرفوه. وغيرهم أيضًا في زمنه لم يعرفوه. واليوم أيضًا كثيرون لا يعرفونه أو يرفضون أن يعرفوه. من أين هذه المقدرة على الرفض لدى الإنسان أمام ما يقدم الله له؟
ونحن؟ نحن آمنَّا. منحنا الله أن نقبل هبة الإيمان، وأن نعرفه كلمة الله وابن الله وفادي الإنسان، ومعيدًا الإنسان إلى كرامة الله. آمنَّا، لكن السؤال: كيف نعيش إيماننا؟ نعم، نعيشه على الأرض بكل ما في الأرض من واجبات، ومشاغل وهموم وصراعات... وأمور تبعدنا عن أنفسنا وعن الله. وأين نحن من كل هذا؟ أين إيماننا بيسوع؟ أهو إيمان حي، يرشدنا في وسط كل مشاغل الأرض وواجباتها وصراعاتها، أم نحن وهمومنا وحدنا كأننا لم نؤمن، ولم نلتَقِ بالله أبينا؟
فينا أيضًا ميول رافضة ليسوع ولحبه. صنعنا الله للحب، لحبه ولحب إخوتنا. ويسوع جدد فينا هذا الكيان، وهذه المقدرة على الحب. لنستيقظ، ولننتبه، ولنعرف أنفسنا، بعد أن علَّمنا يسوع المسيح وفدانا بآلامه وموته. نحن في زمن الصوم، زمن العودة إلى الله وإلى أنفسنا. لنَعُد إلى الله وإلى أنفسنا. ولنقبل أنفسنا كما صنعنا الله، قادرين على المحبة. لا كما نريد أن نصنع أنفسنا تائهين في الأرض وحدنا.
ربي يسوع المسيح، ارحمني. أعطني أن أتغلب على كل قوى الرفض فيَّ، فأقبل كل ما وهبتني إياه من نعم، أقبَلُك، وأحب مثلك. آمين.
الاثنين ١٣/٣/٢٠٢٣