باكو: بلد التعددية والنظافة والأمان والحضارة الإنسانية
الكاتب : زياد شليوط - رئيس تحرير موقع "القيامة" ومحرر صحيفة "الصنارة"
القيامة – شارك رئيس تحرير موقع "القيامة" زياد شليوط، في بعثة صحافية مندوبا عن صحيفة موقع "الصنارة" إلى أذربيجان، بين 6-10/9/2023 بدعوة من السفارة الأذرية، شملت زيارة مواقع في العاصمة باكو ومنطقة شاماخي، شمالي البلاد، وقد أعد بعض التقارير عن تلك الزيارة سننشرها تباعا في موقعنا بالاتفاق مع موقع وصحيفة "الصنارة" في الناصرة.

تتميز مدينة باكو بالنظافة فوق العادية، في الشوارع والمطاعم والأزقة والفنادق كلها سيان، لا قاذورات، لا أوراق، لا بقايا طعام، لا زجاجات أو علب متناثرة وما شابه. كذلك تتميز بالأمان السائد المتفق عليه دون تواجد ملحوظ للشرطة، إلا في حالات خاصة، تسير في الشارع العام أو الزقاق الضيق في البلدة القديمة أو كورنيش قزوين أو في الأسواق الشعبية المزدحمة أو المجمعات التجارية الحديثة، فلا تحتاج لأن تلتفت يمنة ويسرة أو تتمسك بحقيبتك خشية أن يخطفها شاب شارد من يدك، لا وجود لتلك المظاهر الأوروبية في باكو. الجميع يسير دون مضايقات، النساء الى جانب الرجال، الشاب وصديقته، الأم وابنتها، الكهل وزوجته، لا مضايقات، لا تحرشات، لا تدخلات، وان سألت أحدا حاجة هبّ لمساعدتك رغم أن سحنات أهل البلد المتجهمة لا توحي بالألفة، وربما ذلك يعود لانعكاس البيئة على وجوههم وليس نفوسهم.
أذربيجان معظم سكانها من المسلمين (الثلثان شيعة والثلث سنة)، لكن لا يوجد للدولة ديانة رسمية، بل هي معرفة على أنها دولة علمانية وفيها أقليات مسيحية ويهودية، وفيها كنائس وكنس ومعابد بهائية وهندوسية الى جانب المساجد، مما يعكس حقيقة هذا البلد المتسامح والمتعدد، الذي يعيش حياة عادية وإنسانية من الطراز الأول فلا تشاهد النساء محجبات ومنقبات من سكان البلد، فالناس يحترمون الأديان لكنهم لا يمارسون الطقوس تقريبا، ولا أحد يفرض على الآخر كيف يعيش دينه، كما عبرت عن ذلك مسؤولة في أحد الفنادق في حديث معها.
على غرار الكثير من المدن في العالم فان باكو تضم في قلبها المدينة القديمة المسورة بسور قديم جميل الشكل، وفي داخلها الأبنية القديمة والبيوت العتيقة والتي تشرف منظمة اليونسكو على الحفاظ عليها، وتحتضن المدينة القديمة والتي تعرف باسم (ايجري شَهَر) عدة معالم هامة ومنها: قصور ملوك شيروان، الذين حكموا البلاد واتخذوا باكو عاصمة لحكمهم في القرن الثاني عشر. برج العذراء وهو أحد معالم باكو ويعتبر رمزا لها ولأذربيجان، لكن المؤسف أنه لا تتوفر معلومات عن هذا البرج وتاريخه وتسميته، لكن يعتقد أن تاريخ بنائه يعود للقرنين السادس والسابع ق.م. ويعتقد أيضا أنه بالقرب من البرج تم صلب القديس بارتلماوس عام 71 م. وهو الذي قام بنشر الديانة المسيحية في الهند وآسيا الصغرى وقبض عليه من قبل شقيق الحاكم. مسجد الجمعة ويعتبر أحد أبرز المساجد التاريخية، ومايميز هذا المسجد في البلدة القديمة أن الشيعة والسنة يدخلون إليه للصلاة على عكس سائر المساجد.
مسجد الجمعة
شارع نيزامي
أما معالم باكو الحديثة عديدة منها المتاحف ومن أشهرها المتحف الوطني، والذي صممته المهندسة العراقية العالمية المشهورة زها حديد ومتحف السجاد وقد صمم على شكل سجادة. فينيسيا الصغيرة التي تتيح للعائلات جولات في القوارب بثمن زهيد، شارع نيزامي الرئيسي حيث يمكن التجول فيه خاصة في ساعات المساء وبجانبه شارع المشاة الجميل والأنيق والذي تكثر فيه المطاعم والمقاهي. كورنيش قزوين الجميل والواسع يتيح لك سيرا رومانسيا عصرا وليلا بهدوء وصفاء.
أبراج اللهب وهي ثلاثة أبراج أحدها يشغله "فندق فيرمونت" الفخم، والثاني مكاتب وشقق سكنية والثالث مجمع تجاري، تتراوح ارتفاعاتها بين 140- 190 مترا ويمكن مشاهدة الأبراج من أي مكان في المدينة، وتحلو مشاهدتها في ساعات الليل حيث تنبعث منها الأنوار بأشكال وألوان مختلفة مرة على شكل لهب ومرة على شكل علم الدولة.
أبراج اللهب
مباني قديمة من قصور تحولت إلى مطاعم
متحف حيدر علييف