القديس يعقوب الرسول - متى٢٠: ٢٠-٢٨
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٢٠فدَنَت إِليهِ أُمُّ ابنَي زَبَدى ومعَها ابناها، وسَجَدَت لَه تَسأَلُه حاجة. ٢١فقالَ لَها: «ماذا تُريدين؟» قالت: «مُرْ أَن يَجلِسَ ابنايَ هٰذانِ أَحدُهما عن يَمينِكَ والآخَرُ عَن شِمالِكَ في مَلَكوتِكَ». ٢٢فأَجابَ يسوع: «إِنَّكُما لا تَعلَمانِ ما تسأَلان: أَتستطيعانِ أَن تَشرَبا الكأسَ الَّتي سَأَشرَبُها؟» قالا لَه: «نَستَطيع». ٢٣فقالَ لَهما: «أَمَّا كَأسي فسَوفَ تَشرَبانِها، وأَمَّا الجُلوسُ عن يَميني وعن شِمالي، فلَيسَ لي أَن أَمنَحَه، بل هو لِلَّذينَ أَعدَّهُ لَهم أَبي. ٢٤ وسَمِعَ العَشَرَةُ ذٰلكَ الكلام فاسْتاؤُوا مِنَ الأَخَوَين. ٢٥فدَعاهُم يسوعُ إِليهِ وقالَ لَهم: «تَعلَمونَ أَنَّ رُؤَساءَ الأُمَمِ يَسودونَها، وأَنَّ أَكابِرَها يَتسلَّطونَ علَيها. ٢٦فلا يَكُنْ هٰذا فيكُم، بل مَن أَرادَ أَن يكونَ كبيرًا فيكُم، فَلْيَكُنْ لَكم خادِمًا. ٢٧ومَن أَرادَ أَن يكونَ الأَوَّلَ فيكُم، فَلْيَكُنْ لَكم عَبدًا: ٢٨هٰكذا ابنُ الإِنسانِ لم يأتِ لِيُخدَم، بَل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفسِه جَماعَةَ النَّاس.

الحرب. اليوم ٢٩٣
"طوبى لِلَّذينَ بِكَ عِزَّتُهم، ففي قُلوبِهم مَراقٍ إِلَيكَ. إِذا مَرُّوا بِوادي البَلَسان، جَعَلوا مِنه يَنابيع وباكورَةُ الأَمطارِ تَغمُرُهم بِالبَرَكات" (مزمور ٨٤: ٦-٧).
ارحمنا، يا رب. "طوبى لِلَّذينَ بِكَ عِزَّتُهم، ففي قُلوبِهم مَراقٍ إِلَيكَ". أمام عنف الناس، أمام الحرب، وويلاتها، سعيد الإنسان، الذي أنت عزَّتُه وقوَّتُه، يا رب. سعيد الذي لا يجيب على عنف الناس بعنف الناس، بل يلجأ إليك، يا رب، ويصبر، ويجد قوته فيك. نعم، يا رب، املأ القلوب بقدرة حبك، وبسلامك، طهِّرهم جميعًا من العنف الذي فيهم. سعيدون هم الذين يجدونك، يا رب، ويغسلون الأرض من دماء الناس المسفوكة. سعيدون هم الذين يعرفونك، يا رب، والذين يقدرون أن يضعوا حدًّا للحرب ولكل حرب على الأرض. أرسل، يا ربّ، رسلًا من عندك، يوقفون الحرب في غزة ورفح. ارحمنا، يا رب.
إنجيل اليوم.
اليوم عيد القديس يعقوب الرسول، أخي يوحنا.
الإنجيل الذي نتأمَّل فيه اليوم يقدِّم لنا الرسولَيْن الأخوَيْن، ما زالوا، مثل غيرهم، ينتظرون مجيء ملك المسيح الزمني، ويطلبان المكان الأول فيه. والجدير بالملاحظة، الأمّ، أمُّهما أتت مع ابنيها، تشفع بهما،
وتطلب لهما المجد في الملكوت الآتي.
"فدَنَت إِليهِ أُمُّ ابنَي زَبَدى ومعَها ابناها، وسَجَدَت لَه تَسأَلُه حاجة. فقالَ لَها: «ماذا تُريدين؟» قالت: «مُرْ أَن يَجلِسَ ابنايَ هٰذانِ أَحدُهما عن يَمينِكَ والآخَرُ عَن شِمالِكَ في مَلَكوتِكَ». فأَجابَ يسوع: «إِنَّكُما لا تَعلَمانِ ما تسأَلان: أَتستطيعانِ أَن تَشرَبا الكأسَ الَّتي سَأَشرَبُها؟» قالا لَه: «نَستَطيع». فقالَ لَهما: «أَمَّا كَأسي فسَوفَ تَشرَبانِها، وأَمَّا الجُلوسُ عن يَميني وعن شِمالي، فلَيسَ لي أَن أَمنَحَه، بل هو لِلَّذينَ أَعدَّهُ لَهم أَبي" (٢٠-٢٣).
جاءت الأم تطلب المكان الأول لابنيها. طلَبُ المكان الأول وفي مجد مملكة أرضية، لم يأتِ يسوع لهذا. لم يُجِب يسوع على الأم، - إنه يفهم عاطفة الأم. فتركها في محبتها لابنيها، ووجَّه جوابه إلى الرسولين: هل تستطيعان أن تموتا معي وفي سبيلي؟ ومع ذلك، فإنّ المكان في السماء، فليس كبرياء الإنسان التي تحدِّده، بل إرادة أبي، والآب ليست أفكاره مثل أفكار البشر.
طلَبُ المجد والكبرياء. المؤمن، "الخادم" في كنيسة الله، قد "يستغل" أحيانًا نعمة الله ليكون كبيرًا أمام الناس. لكن الله يدعو، لا لمجد على الأرض، بل لأداء خدمة على الأرض.
قال يسوع: مَن أَرادَ أَن يكونَ كبيرًا فيكُم، فَلْيَكُنْ لَكم خادِمًا. ومَن أَرادَ أَن يكونَ الأَوَّلَ فيكُم، فَلْيَكُنْ لَكم عَبدًا: هٰكذا ابنُ الإِنسانِ لم يأتِ لِيُخدَم، بَل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفسِه جَماعَةَ النَّاس" (٢٦-٢٨).
يمكن أن يحدث لكل واحد أن يطلب مجد الناس، وهو يعمل لمجد الله. إن نظرنا إلى كل "الهيكليات" والرُّتَب في الكنيسة، قد نجد فيها الصغار والكبار، بحسب معايير الأرض. وقد نجد هذا، اليوم أيضًا. طلب الكرامات، وأن نكون كبارًا أمام الناس، بناء على عمل نعمله لله.
ويسوع يقول أمس واليوم، للأخوين يعقوب ويوحنا، ولكل واحد منا، في كنيسة الله، الجواب نفسه:
"ابنُ الإِنسانِ لم يأتِ لِيُخدَم، بَل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفسِه جَماعَةَ النَّاس". مدعوون لنخدم. لنكون صغارًا أمام الناس، خدّامًا، كبارًا في قلب الله.
الكبير حقًّا هو في قلب الله. وفي قلب الله الطمأنينة والراحة. وفي قلب الله أيضًا المقدرة لنخدم إخوتنا، صغارًا وكبارًا. وفي قلب الله، نجد أيضًا الشجاعة لقبول الموت، مع يسوع، ونعطي حياتنا مثله لنفدي الكثيرين، وتكون لهم الحياة.
ربي يسوع المسيح، أعطني أن أفهم ما هي الحياة الحقيقية، أن أحبك وأن أخدم إخوتي، لا أطلب شيئًا لنفسي، إلا أن أحيا حياتك معك، وأخدم وأفدي إخوتي وأخواتي. آمين.
الخميس ٢٥/٧/ ٢٠٢٤ بعد الأحد السادس عشر من زمن السنة/ب