القديسة مريم المجدلية - يوحنا ٢٠: ١و١١-١٨
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
١وفي يَومِ الأَحَد جاءَت مَريمُ المِجدَلِيَّةُ إِلى القَبْرِ عِندَ الفَجْر، والظَّلامُ لَم يَزَلْ مُخَيِّمًا، فرأَتِ الحَجَرَ قد أُزيلَ عنِ القَبْر. ١١أَمَّا مَريم، فكانَت واقِفَةً عِندَ القَبْرِ في خارِجِه تَبْكي. فَانحَنَت نَحوَ القَبرِ وهِي تَبْكي، ١٢فرَأَت مَلاكَينِ في ثِيابٍ بيضٍ جالِسَينِ حَيثُ وُضِعَ جُثمانُ يسوع، أَحَدُهما عِندَ الرَّأس، والآخَرُ عِندَ القَدَمَين. ١٣فقالا لَها: «لِماذا تَبْكينَ أَيَّتُها المـَرأَة؟» فأَجابَتْهما: «أَخَذوا رَبِّي، ولا أَدْري أَينَ وَضَعوه». ١٤قالَت هٰذا ثُمَّ التَفَتَت إِلى الوَراء، فرأَت يسوعَ واقِفًا، ولَم تَعلَمْ أَنَّه يَسوع. ١٥فقالَ لَها يسوع: «لِماذا تَبْكينَ، أَيَّتُها المــَرأَة، وعَمَّن تَبحَثين؟» فظَنَّت أَنَّه البُستانيّ فقالَت له: «سَيِّدي، إِذا كُنتَ أَنتَ قد ذَهَبتَ بِه، فقُلْ لي أَينَ وَضَعتَه، وأَنا آخُذُه». ١

١٦فقالَ لَها يسوع: «مَريَم!» فالتَفَتَت وقالَت له بِالعِبرِيَّة: «رابُّوني!» أَي: يا مُعلِّم. ١٧فقالَ لَها يسوع: «لا تُمسِكيني، إِنِّي لم أَصعَدْ بَعدُ إِلى أَبي، بلِ اذهَبي إِلى إِخوَتي، فقولي لَهم إِنِّي صاعِدٌ إِلى أَبي وأَبيكُم، وإِلٰهي وإِلٰهِكُم». ١٨فجاءَت مَريَمُ المِجدَلِيَّة وأَخبَرَتِ التَّلاميذَ بأَن «قد رأيتُ الرَّبّ» وبِأَنَّه قالَ لَها ذٰاكَ الكَلام.
الحرب. اليوم ٢٩٠
"إِنِّي أَسمَعُ ما يَتَكَلَّمُ بِه الله، لِأَنَّ الرَّبَّ يَتَكَلَّمُ بالسَّلام، بالسَّلامِ لِشَعبِه ولِأَصفِيائِه. فلا يَعودوا إِلى الحَماقة" (مزمور ٨٥: ٩).
ارحمنا، يا رب. هذا اليوم ٢٩٠ للحرب. حرب ودمار وموت، ومآسٍ بشرية من كل نوع. ونصغي إليك، يا رب، في المزمور، تقول: "سَلَام، سلام لِشَعبِكَ ولِأَصفِيائِكَ. فلا يَعودوا إِلى الحَماقة". لكن هذا الأمر: لا تعودوا إلى الحماقة، الناس لا يطيعونه. الحرب في نفسهم، الحماقة في قلوبهم، منغرسة فيهم. رحمتك، يا رب. أعطهم من حكمتك. إنهم مرضى، فاشفِهم. ألهمهم حكمةً، أخُوّة، إنسانية. أنت، يا رب، تقول دائمًا: سلام. والناس يقولون: حرب. أعطهم أن يسمعوا، ويتغيَّروا، ويعودوا إليك. ارحمنا، يا رب.
إنجيل اليوم
مريم المجدلية، خاطئة تابت. أراد الناس أن يحكموا عليها، أما يسوع فغفر لها. أحبت كثيرًا فغُفِرَ لها كثيرًا. كل خطاياها.
كيف نرجع إلى الله، مثل مريم المجدلية؟ ومثل الابن الضالّ؟ الحياة عودة يومية إلى الآب الذي ينتظر دائمًا عودة كل ابن وابنة له.
"أَمَّا مَريم، فكانَت واقِفَةً عِندَ القَبْرِ في خارِجِه تَبْكي. فَانحَنَت نَحوَ القَبرِ وهِي تَبْكي، فرَأَت مَلاكَينِ في ثِيابٍ بيضٍ جالِسَينِ حَيثُ وُضِعَ جُثمانُ يسوع، أَحَدُهما عِندَ الرَّأس، والآخَرُ عِندَ القَدَمَين. فقالا لَها: «لِماذا تَبْكينَ أَيَّتُها المـَرأَة؟» فأَجابَتْهما: «أَخَذوا رَبِّي، ولا أَدْري أَينَ وَضَعوه» (١١-١٣).
وجدت يسوع فتبعته، كل حياتها. وظلت أمينة، حتى عند الصليب، وكانت هناك لتحنيطه ودفنه. وبعد موته جاءت تبحث عنه. لكن، بدل الموت، رأت ملاكين بثياب بيض. وكلَّمَها الملائكة. وبدل الموت، وجدت الحياة. بحثت عن الرب، ميتًا. فوجدته حيًّا.
"قالَت هٰذا ثُمَّ التَفَتَت إِلى الوَراء، فرأَت يسوعَ واقِفًا، ولَم تَعلَمْ أَنَّه يَسوع. فقالَ لَها يسوع: «لِماذا تَبْكينَ، أَيَّتُها المــَرأَة، وعَمَّن تَبحَثين؟» فظَنَّت أَنَّه البُستانيّ فقالَت له: «سَيِّدي، إِذا كُنتَ أَنتَ قد ذَهَبتَ بِه، فقُلْ لي أَينَ وَضَعتَه، وأَنا آخُذُه». فقالَ لَها يسوع: «مَريَم!» فالتَفَتَت وقالَت له بِالعِبرِيَّة: «رابُّوني!» أَي: يا مُعلِّم" (١٤-١٦).
يسوع القائم من الموت دعاها باسمها فعرفته. بحثت عنه ووجدته.
نبحث عن يسوع، عندما نبتعد عنه، في نشاطاتنا العديدة، والتي نصنعها من أجله ومن أجل إخوتنا. يمكن أن نشعر بلحظات فراغ. نعم، كرَّسنا أنفسنا لله، لكن قد تمُرُّ بنا أوقات لا نرى فيها يسوع، لأسباب مختلفة. لو فحصنا ضميرنا، لعرفنا لماذا يحدث فينا فراغ أحيانًا. والجيد فينا هو أن نبقى في حالة بحث، وسيأتي يسوع إلى لقائنا.
"فقالَ لَها يسوع: «لا تُمسِكيني، إِنِّي لم أَصعَدْ بَعدُ إِلى أَبي، بلِ اذهَبي إِلى إِخوَتي، فقولي لَهم إِنِّي صاعِدٌ إِلى أَبي وأَبيكُم، وإِلٰهي وإِلٰهِكُم» (١٧).
لا تتوقَّفْ عند نشاطاتك التي تعملها من أجلي، ولتعرِّفَ الناس بي. كمِّل نشاطاتك، واملأها بروح الآب. وابقَ في ما هو للآب. لا تحمل الرسالة وحدك. امكث معي، مع الآب، إذاك نشاطاتك تأتي ثمرًا. واصعد معي إلى الآب. أنت في "موت" الأرض. ابحث عني واصعد معي إلى الآب.
"فجاءَت مَريَمُ المِجدَلِيَّة وأَخبَرَتِ التَّلاميذَ بأَن «قد رأيتُ الرَّبّ» وبِأَنَّه قالَ لَها ذٰاكَ الكَلام" (١٨).
بحثت عن الرب ووجدته، وهي أول شاهد لقيامته من بين الأموات، وأول من بشَّر به: المسيح قام. دعوتُنا هي نفسها: أن نكون شهودًا ليسوع المسيح القائم من الموت، والذي جدَّد البشرية، جدَّد كل شيء، الناس والأرض.
ربي يسوع المسيح، استقبلْتَ مريم المجدلية وغفَرْتَ لها، فتبعتك، وكانت أول شاهدة لقيامتك. أعطنا، يا رب، أن نكون شهودًا لقيامتك، في كل ما نعمل ونقول، أعطنا أن نجدِّدَ البشرية التي جدَّدْتها أنت بقيامتك. آمين.
الاثنين ٢٢/٧/ ٢٠٢٤ بعد الأحد السادس عشر من زمن السنة/ب