الرسل حول بحيرة طبرية - يوحنا ٢١: ١-١٤

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

١وتَراءَى يسوعُ بَعدَئِذٍ لِلتَّلاميذِ مَرَّةً أُخْرى. وكانَ ذٰلكَ على شاطِئِ بُحَيرَةِ طَبَرِيَّة. وتراءَى لَهم على هٰذا النَّحْو. ٢كانَ قدِ اجتَمَعَ سِمْعانُ بُطرُس وتوما الَّذي يُقالُ له التَّوأَم ونَتَنائيل وهو مِن قانا الجَليل وَابنا زَبَدى وآخَرانِ مِن تَلاميذِه. ٣فقالَ لَهم سِمعانُ بُطرُس: «أَنا ذاهِبٌ لِلصَّيد». فقالوا له: «ونَحنُ نَذهَبُ معَكَ». فخَرَجوا ورَكِبوا السَّفينَة، ولٰكِنَّهم لم يُصيبوا في تِلكَ اللَّيلَةِ شَيئًا.٤فلَمَّا كانَ الفَجْر، وقَفَ يسوعُ على الشاطِئِ، لٰكِنَّ التَّلاميذَ لم يَعرِفوا أَنَّه يسوع. ٥فقالَ لَهم: «أَيُّها الفِتْيان، أَمعَكُم شَيءٌ مِنَ السَّمَك؟» أَجابوه: «لا». ٦فقالَ لَهم: «أَلقُوا الشَّبَكَةَ إِلى يَمينِ السَّفينَة تَجِدوا». فأَلقَوها، فإِذا هُم لا يَقدِرونَ على جَذبِها، لِما فيها مِن سَمَكٍ كَثير. ٧فقالَ التِّلميذُ الَّذي أَحبَّه يسوعُ لِبُطرُس: «إِنَّه الرَّبّ». فلَمَّا سَمِعَ سِمْعانُ بُطرُس أَنَّه الرَّبّ، اِئتَزَرَ بِثَوبِه، لِأَنَّه كانَ عُرْيانًا، وأَلْقى بِنَفْسِه في البُحَيرة. ٨وأَقبَلَ التَّلاميذُ الآخَرونَ بِالسَّفينَة، يجُرُّونَ الشَّبَكَة بِما فيها مِنَ السَّمَك، ولَم يَكونوا إِلَّا على بُعدِ نَحوِ مائَتَيْ ذِراعٍ مِنَ البَرّ. ٩فلَمَّا نَزَلوا إِلى البَرّ أَبصَروا جَمْرًا مُتَّقِدًا علَيه سَمَكٌ، وخُبزًا. ١٠فقالَ لَهم يسوع: «هاتوا مِن ذٰلكَ السَّمَكِ الَّذي أَصَبتُموه الآن». ١١فصَعِدَ سِمْعانُ بُطرُس إِلى السَّفينَة، وجذَبَ الشَّبَكَةَ إِلى البَرّ، وقدِ امتَلأَت بِمائَةٍ وثَلاثٍ وخَمسينَ سَمَكَةً مِنَ السَّمَكِ الكَبير، ولم تَتَمزَّقِ الشَّبَكَةُ معَ هٰذا العَدَدِ الكَثير. ١٢فقالَ لهم يسوع: «تَعالَوا افْطُروا!» ولَم يَجرُؤْ أَحَدٌ مِنَ التَّلاميذِ أَن يَسأَلَه: مَن أَنتَ؟ لِعِلمِهم أَنَّه الرَّبّ. ١٣فدَنا يسوع فأَخَذَ الخُبزَ وناوَلَهم، وفعَلَ مِثلَ ذٰلك في السَّمَك. ١٤تِلكَ المَرَّةُ الثَّالِثَةُ الَّتي تَراءَى فيها يسوعُ لِتَلاميذِه بَعدَ قِيامَتِه مِن بَينِ الأَموات.

الرسل حول بحيرة طبرية - يوحنا ٢١: ١-١٤

الحرب. السنة الثانية – يوم ٢٠٥ – (في ١٨ آذار عادوا إلى الحرب من جديد) (وحالة الضفة على ما هي: اعتداءات على الناس، ودمار وأسرى وبدء إزالة لمخيمات اللاجئين).

"ما الإِنْسانُ إِلَّا هَباء. استَمِعْ يا رَبِّ لِصَلاتي، وأصغِ إِلى صُراخي، ولا تَسكُتْ عن دُموعي، فإِنِّي عِندَك ضَيفٌ، وكَجَميعِ آبائي مُقيم" (مزمور ٣٩: ١٢-١٣). ارحمنا، يا رب. "ما الإِنْسانُ إِلَّا هَباء"، نفخة، وأقل من ذلك. نحن لا شيء. وهكذا يعاملوننا، يقتلوننا بدم بارد، وقلب متجمد، كما لو كانوا يقومون ببطولات. يا رب، الإنسان المقتول، والمعتبر كلا شيء، هو خليقتك وابنك، وكذلك الذي يحتقره ويقتله هو أيضًا خليقتك وابنك. ارحم أبناءك، يا رب، كلاهما في الموت فانتشلهما. "استَمِعْ يا رَبِّ لِصَلاتي، وأصغِ إِلى صُراخي، ولا تَسكُتْ عن دُموعي". ارحمنا، يا رب.

إنجيل اليوم

2 / 4

الرسل حول بحيرة طبرية، يريدون أن ينسوا المأساة التي حدثت في القدس. لكن يسوع لم يَنسَهُم. يعرف ضعفهم وخوفهم. فظهر لهم ليثبِّت إيمانهم. مات يسوع ليتمم مشيئة الآب، لكن موته هو بداية المرحلة الثانية في حياتهم، وليس نهاية للقائهم مع يسوع. في فترة أولى، علَّمهم يسوع، وفي فترة ثانية، بعد سر موته وقيامته، أرسلهم يكرزون ويشهدون له منتصرًا على الموت والشر.

سر التجسد. "هو الَّذي في صُورَةِ الله، لم يَعُدَّ مُساواتَه للهِ غَنيمَة، بل تَجَرَّدَ مِن ذاتِه مُتَّخِذًا صُورةَ العَبْد، وصارَ على مِثالِ البَشَر، وظَهَرَ في هَيئَةِ إِنْسان، فَوَضَعَ نَفْسَه وأَطاعَ حَتَّى المَوت، مَوتِ الصَّليب" (فيليبي ٢: ٦-٨).

وسر الفداء، سر حب الله للبشرية: " فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد، لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه، بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة، فإِنَّ اللهَ لَم يُرسِلِ ابنَه إِلى العالَم لِيَدينَ العالَم، بل لِيُخَلَّصَ بِه العالَم" (يوحنا ٣: ١٦-١٧).

سر يسوع المسيح، لم يقدر الرسل أن يفهموه قبل موته على الصليب، إلى أن حلَّ عليهم الروح القدس في يوم العنصرة، كما وعدهم به يسوع: " فمَتى جاءَ هوَ، أَي رُوحُ الحَقّ، أَرشَدَكم إِلى الحَقِّ كُلِّه، لِأَنَّه لن يَتَكَلَّمَ مِن عِندِه، بل يَتَكَلَّمُ بِما يَسمَع، ويُخبِرُكم بِما سيَحدُث. سيُمَجِّدُني لأَنَّه سيَأخُذُ مِمَّا لي ويُخبِرُكم بِه. جَميعُ ما هو لِلآب فهُو لي، ولِذٰلكَ قُلتُ لَكم إِنَّه يأخُذُ مِمَّا لي ويُخبِرُكم بِه" (يوحنا ١٦: ١٣-١٥).

يسوع واحد مع الآب. ومعنا على الأرض. على الأرض مات من أجلنا، وقهر الموت من أجلنا، ومنحنا السلطان أن نغلب الشر، الذي يرهقنا حتى اليوم، ولا نقدر أن نتحرر منه. لنتأمل في هذا: يسوع ابن الله، الإله الحق والإنسان الحق، الذي مات وقام ممجَّدًا، أقوى من الموت، يسوع معنا، وبيننا. ويستمر في تنشئتنا، إن قبلنا منه أن يعلِّمَنا.

نحن غارقون في شؤون الأرض، فلا نقدر أن نفهم حضور يسوع بيننا. لا نقدر أن نحيا حياته معه. الأرض وويلاتها أقوى منا، وتجعلنا عاجزين عن أن نرفع نظرنا إلى فوق. لكن الروح أُعطِيَ لنا وبه نحن قادرون أن نرفع نظرنا ونرتفع فوق الأرض. قادرون أن نقبل السر في حياتنا، سر التجسد والفداء، قادرون أن نصلي وأن نشفع بنا وبإخوتنا.

3 / 4

نحن أكثر مما فينا. المسيح حيٌّ فِيَّ. مات من أجلي، وقهر الموت من أجلي. وقام من الموت من أجلي. وأعاد إليَّ الحياة الأولى، قبل الخطيئة، ومقدرتي لأن أحِبَّهُ وأحِبَّ إخوتي، ومقدرتي لأن أغلب الشر وأعمل الخير، وأخلِّصَ العالم.

ربي يسوع المسيح، ظهَرْتَ للرسل بعد قيامتك، لتثبِّتَ إيمانهم، ولتمنحهم الحياة الجديدة. أيقظني، يا رب، واغفر لي، يا رب، وساعِدْني لكي أعِيَ الحياة الجديدة التي منحتني إياها، التي بها أقدر أن أحيا معك، وأن أخلُصَ وأن أخلِّصَ الأرض. آمين.

الأحد ٤/٥/٢٠٢٥                         الأحد الثالث للفصح - السنة/ج