الجمعة عيد الصعود - يوحنا ١٦: ٢٠-٢٣

"الحَقَّ الحَقَّ أَقُولُ لَكُم: سَتَبكُونَ وَتَنتَحِبُونَ، وَأَمَّا العَالَمُ فَيَفرَحُ. سَتَحزَنُونَ، وَلَكِنَّ حُزنُكُم سَيَنقَلِبُ فَرَحًا" (٢٠). "أَنتُم أَيضًا تَحزَنُونَ الآنَ، وَلَكِنِّي سَأَعُودُ فَأَرَاكُم، فَتَفرَحُ قُلُوبُكُم، وَمَا مِن أَحَدٍ يَسلُبُكُم هَذَا الفَرَحَ" (٢٢).

الجمعة عيد الصعود - يوحنا ١٦: ٢٠-٢٣

 

٢٠. الحق الحق أقول لكم: ستبكون وتنتحبون، وأمّا العالم فيفرح. ستحزنون ولكن حزنكم سينقلب فرحًا. 

٢١. إن المرأة تحزن عندما تلد لأن ساعتها حانت. فإذا وضعت الطفل لا تذكر شدتها بعد ذلك، لفرحها بأن قد ولد إنسان في العالم. 

٢٢. فأنتم أيضًا تحزنون الآن ولكني سأعود فأراكم، فتفرح قلوبكم، وما من أحد يسلبكم هذا الفرح. 

٢٣. وفي ذلك اليوم لا تسألونني عن شيء.

 

"الحَقَّ الحَقَّ أَقُولُ لَكُم: سَتَبكُونَ وَتَنتَحِبُونَ، وَأَمَّا العَالَمُ فَيَفرَحُ. سَتَحزَنُونَ، وَلَكِنَّ حُزنُكُم سَيَنقَلِبُ فَرَحًا" (٢٠). 

العالم ونحن. العالم يفرح، ونحن نبكي. ثنائية دائمة، بين المؤمنين وغير المؤمنين.  بين المؤمنين بالله الخالق والأب وغير المؤمنين. ومع ذلك، فالعالم كله، الذي يؤمن والذي لا يؤمن، هو عالم الله، وعالم يجب أن يَخلُص.

العالم يفرح. في كل إنسان، مهما كانت حالته، مقدرة على الفرح، منذ الخلق، لأن الله خلق الإنسان صالحًا مثله. الإنسان، كل إنسان حتى الذي لم يعد يعترف بالله خالقًا وأبًا، ما وال قادرًا على الخير، ولو سار في ظلمات هذا العالم. صُنَّاع الحروب، وصُنَّاع الموت، ومراكمو الأموال للظلم، يمكن أن يجدوا لحظات فرح في الحياة، الحياة التي وضعها الله فيهم في الأصل. لكنَّ بعدهم عن الله، يمكن في النهاية أن يُفقِدَهم فرح الحياة. ويبقى مصيرهم بين يدي الله خالقهم وأبيهم.

ونحن المؤمنين، علينا أن نمـُرَّ أحيانًا بلحظات دموع قبل أن نجد الفرح. قد نرى غيرنا يضحك، فيما نمـُرُّ نحن في الصعاب. تنبَّـأ يسوع بذلك لتلاميذه. بعد صعوده إلى السماء، وجد التلاميذ أنفسهم وحيدين. فخافوا. وبعد العنصرة، ملأهم الروح القدس، وبدأت معركتهم مع العالم. وأخذوا يُبَشِّرون بيسوع الذي مات وقام من بين الأموات. المعارضة القديمة ليسوع، استمرَّت لهم. آمن كثيرون، آلاف. لكن العالم بقي على ما هو، لا يؤمن. يعارض التلاميذ، ويضطهدهم ويحكم عليهم بالموت. ومع ذلك، وجد التلاميذ فرح الإيمان. فرحوا لأنهم عوملوا مثل معلِّمِهم. فتألموا وماتوا مثله، ومن أجله.

الصليب سيكون دائمًا جزءًا من حياة المؤمن بيسوع المسيح. سيكون المؤمن دائمًا على مثال يسوع على الصليب. لكنه سيكون أيضًا مثله مليئًا بفرح القيامة. إنه يتألم ويفرح.

"أَنتُم أَيضًا تَحزَنُونَ الآنَ، وَلَكِنِّي سَأَعُودُ فَأَرَاكُم، فَتَفرَحُ قُلُوبُكُم، وَمَا مِن أَحَدٍ يَسلُبُكُم هَذَا الفَرَحَ" (٢٢).   الخاتمة، "تَفرَحُ قُلُوبُكُم".  الصليب، والقيامة، والانتصار على الموت، وعلى الشر. المؤمن يسوع المسيح هو المنتصر في النهاية. هو الذي يقدر أن يغلب الشر، بكل أشكاله، لأنه ممتلئ بالحياة الجديدة، حياة يسوع المسيح القائم من بين الأموات.

وملأهم الروح القدس أيضًا، روح الحق، الحق الذي هو حقيقة كل إنسان. أني خلقني الله وأحبَّني، وأني خاطئ، وضعيف، لكني قمت مع المسيح أيضًا. هذا هو الحق، أني قادر على الصلاح، مثل الله نفسه، قادر على المحبة، مثل الله، قادر على الفرح، وقادر على حمل كل أنواع الآلام، لأبلغ ملء الحياة، ولأبلغ الفرح الذي لا يقدر أحد أن يسلبني إياه. قادر على الامتلاء بالروح القدس، روح الحياة الجديدة والحق والفرح.

ربي يسوع المسيح، قضيت زمنًا مع تلاميذك على الأرض. ثم تركتهم فترة قصيرة فملأ الحزن قلوبهم، ثم أرسلت إليهم روحك القدوس، فملأهم بالحياة الفائضة. ربي يسوع المسيح، املأْني بروحك القدوس، وبفرحك، فأقدر أن أعيش كل لحظات حياتي، لحظات الموت ولحظات الحياة، بإيمان ومحبة. آمين.

الجمعة ١٩/٥/٢٠٢٣                     الجمعة عيد الصعود