إِن لم تَتوبوا تَهلِكوا بِأَجمَعِكُم - لوقا ١٣: ١-٩

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

١وفي ذٰلِكَ الوَقتِ حَضَرَ أُناسٌ وأَخبَروهُ خَبَرَ الجَليليِّينَ الَّذينَ خَلَطَ بيلاطُسُ دِماءَهم بِدماءِ ذَبائِحِهِم. ٢فأَجابَهُم: «أَتَظُنُّونَ هٰؤلاءِ الجَليلِيِّينَ أَكبَرَ خَطيئَةً مِن سائِرِ الجَليلِيِّينَ حتَّى أُصيبوا بِذٰلك؟ ٣أَقولُ لَكم: لا، ولٰكِن إِن لم تَتوبوا، تَهلِكوا بِأَجمَعِكُم مِثلَهم. ٤وأُولٰئِكَ الثَّمانِيَةَ عَشَرَ الَّذينَ سَقَطَ عَليهِمِ البُرجُ في سِلْوامَ وقَتَلَهم، أَتَظُنُّونَهم أَكبرَ ذَنْبًا مِن سائِرِ أَهلِ أُورَشَليم؟ ٥أَقولُ لكم: لا، ولٰكِن إِن لم تَتوبوا تَهلِكوا بِأَجمَعِكُم كذٰلِكَ.

إِن لم تَتوبوا تَهلِكوا بِأَجمَعِكُم - لوقا ١٣: ١-٩

٦وضَرَبَ هٰذا المــَثَل: «كانَ لِرَجُلٍ تينَةٌ مَغروسَةٌ في كَرمِه، فجاءَ يَطلُبُ ثَمَرًا علَيها فلَم يَجِدْ. ٧فقالَ لِلكَرَّام: «إِنِّي آتي مُنذُ ثَلاثِ سَنَواتٍ إِلى التِّينَةِ هٰذه أَطلُبُ ثَمَرًا علَيها فلا أَجِد، فَاقطَعْها! لِماذا تُعَطِّلُ الأَرض؟» ٨فأَجابَه: «سَيِّدي، دَعْها هٰذِه السَّنَةَ أَيضًا، حتَّى أَقلِبَ الأَرضَ مِن حَولِها وأُلْقِيَ سَمادًا. ٩فلَرُبَّما تُثمِرُ في العامِ المــُقبِل وإِلَّا فتَقطَعُها.

الحرب. السنة الثانية – يوم ١٦٥ – (في ١٨ آذار عادوا إلى الحرب من جديد) (وحالة الضفة على ما هي: اعتداءات على الناس، ودمار وأسرى).

"إِلى أَقْوالي يا رَبِّ أَصْغِ، وشَكْوايَ تَبَيَّنْ. أَنصِتْ إِلى صَوتِ صُراخي، يا مَلِكي وإِلٰهي، فإِنِّي إِلَيكَ أُصلِّي". (مزمور ٥: ٢-٣). ارحمنا، يا رب. إنك تصغي إلى شكواي، يا رب، وتنصت إلى صوت صراخي. إني أومن، يا رب. إنك ترى وتسهر علينا ولا تريد أن تسلمنا إلى أيدي الأشرار، وإلى "أهل الموت". لكنا نحن يا رب، لا نرى ما تراه أنت، ولا العدل الذي ستأتي به بعد قليل. إني واثق، يا رب، لهذا أبتهل إليك، وأبكي وأموت. بين يديك أيامي، وبين يديك أضع كل شقاء هذه الأرض التي قدستها أنت. نجِّنا من الشرير، يا رب. ارحمنا، يا رب. 

إنجيل اليوم.

وفي ذٰلِكَ الوَقتِ حَضَرَ أُناسٌ وأَخبَروهُ خَبَرَ الجَليليِّينَ الَّذينَ خَلَطَ بيلاطُسُ دِماءَهم بِدماءِ ذَبائِحِهِم. فأَجابَهُم: «أَتَظُنُّونَ هٰؤلاءِ الجَليلِيِّينَ أَكبَرَ خَطيئَةً مِن سائِرِ الجَليلِيِّينَ حتَّى أُصيبوا بِذٰلك؟ أَقولُ لَكم: لا، ولٰكِن إِن لم تَتوبوا، تَهلِكوا بِأَجمَعِكُم مِثلَهم. وأُولٰئِكَ الثَّمانِيَةَ عَشَرَ الَّذينَ سَقَطَ عَليهِمِ البُرجُ في سِلْوامَ وقَتَلَهم، أَتَظُنُّونَهم أَكبرَ ذَنْبًا مِن سائِرِ أَهلِ أُورَشَليم؟ أَقولُ لكم: لا، ولٰكِن إِن لم تَتوبوا تَهلِكوا بِأَجمَعِكُم كذٰلِكَ" (١-٥).

هذه مرة نادرة يتكلم فيها الإنجيل عن أعمال مقاومة للاحتلال الروماني. مِثلَ وضعنا اليوم، مقاومة ورد على المقاومة. عنف وموت. يسوع، في جوابه، لا يتناول موضوع الاحتلال الروماني ولا المقاومة للاحتلال. لكنه يعيد سامعيه إلى واقع الشر والخطيئة بصورة عامة. وموقف يسوع من خطيئة الإنسان عامة هو: " إِن لم تَتوبوا تَهلِكوا بِأَجمَعِكُم".

أصلحوا الشر فيكم أولا، توبوا عن الخطيئة إلى الله، أصلحوا علاقاتكم مع الله، وستعلمون كيف تصلحون علاقاتكم مع الناس، بما في ذلك مع الاحتلال الروماني. أولا الشر الأكبر ومصدر كل شر، الخطيئة إلى الله، وهي في نفوسكم. ثم إصلاح أو مقاومة كل شر، شر الناس أيضًا، احتلال أو غيره. وجواب يسوع يشير إلى حادث آخر، غير حادثة ضحايا المقاومة للاحتلال الروماني. يذكر حادثة في سلوام: " الثَّمانِيَةَ عَشَرَ الَّذينَ سَقَطَ عَليهِمِ البُرجُ في سِلْوامَ". كل هذا شر، والبداية في مواجهته هو التوبة وإصلاح النفس أمام الله، فنرى كيف نُصلِحُ الشر المفروض علينا من قِبَل الناس.

من جهة أخرى، لم يأت يسوع ليتيه مع التيارات السياسية في ذلك الزمن... جاء ليخلِّص البشرية من كل شر، شر الاحتلال وكل شر آخر. جاء ليمنح حياة جديدة، ويفتح آفاقا جديدة، ورؤية جديدة لتاريخ البشرية الذي يبقى معركة مع الذات ومع الآخرين إذا ظلموا، سواء باحتلال أو بأي شكل من أشكال الظلم.

كل شر يجب مقاومته، وشر الاحتلال أيضًا، حتى ندرك الخير الذي يريد الله نفسه أن يمنحه للجميع. العالم يحتاج إلى تطهير دائم، إلى رجوع دائم إلى خالقه، وإلى رجوع دائم إلى علاقات عادلة وعلاقات مودة بيت جميع الناس. والله، أبونا جميعًا، هو الديان والمجازي.

ينتهي الإنجيل بمثل التينة التي لا ثمر عليها، والتي يجب استئصالها، بما أنها لا تعطي ثمرا. لكن الله يمهل ويصبر: " فلَرُبَّما تُثمِرُ في العامِ المــُقبِل" (٩). الله يصبر ويمهل الجميع حتى يتوبوا إلى الحياة. ومثل الله، نحن أيضًا نصبر، ونرى الحياة، وننتظر زمن الله، الذي فيه يصلح كل شيء ويغلب الشر، كل شر بما فيه شر الاحتلال والحرب. نؤمن ونرجو، وسيأتي الله بصلاحه.

ربي يسوع المسيح، جئت لتخلصنا، لتمنحنا حياة جديدة، لتعلمنا أن نحرث الأرض، ولتعلمنا أن نحب، بمثل حبك. تعال، يا رب، وأرجع بيننا صلاحك وعدلك وسلامك، في هذه الأرض المقدسة وفي العالم كله. آمين.

الأحد ٢٣/٣/٢٠٢٥                    الأحد الثالث من الصوم - السنة/ج