أعيدوا للقدس سلامها واقتلعوا منها مظاهر التطرف والكراهية والعنصرية

الكاتب : المطران عطا الله حنا - رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس

القدس مدينة مقدسة في الديانات التوحيدية الثلاث فهذه هي مدينتنا المقدسة والتي تحمل تاريخا مجيدا ولها فرادتها وخصوصيتها. ان ما أقدم عليه بن غفير وما يقدم عليه المستوطنون بشكل مستمر ومتواصل من اقتحامات استفزازية لباحات المسجد الأقصى المبارك، انما تندرج في اطار سياسة صب الزيت على النار المحترقة وتأجيج الكراهية والعنصرية والتطرف .

أعيدوا للقدس سلامها واقتلعوا منها مظاهر التطرف والكراهية والعنصرية

ان تصرفات من هذا النوع هي مرفوضة من قبلنا جملة وتفصيلا، وكذلك ما يتعرض له بعض الرهبان والأماكن المقدسة المسيحية من بصق وشتائم واهانات، من قبل بعض المجموعات الاستيطانية المتطرفة.

القدس مدينة تحتاج الى السلام وليس الى أفعال تؤجج الكراهية والتطرف، القدس بحاجة الى مبادرات المحبة والاخوة والتواصل وليس الى تصرفات تمس الخصوصية الدينية والهوية الحقيقية للقدس .

لا يحق لبن غفير وجماعاته المتطرفة ان يدّعوا بأن القدس لهم وليست لسواهم، ولا يحق لهم ان يدّعوا بأنها يهودية وعاصمة للشعب اليهودي، وان يتجاهلوا بعدها العربي الفلسطيني وبعدها المسيحي والإسلامي .

نُذكر من يحتاجون الى تذكير ونحن في فترة الصوم الكبير، ونستقبل بعد أيام أسبوع الآلام وعيد القيامة المجيد، نذكر الجميع بأن هنا طريق الالام وهنا مشى السيد المسيح حاملا صليبه، وصولا الى جلجلته والامه وموته ودفنه وانتصاره على الموت في اليوم الثالث .

أقول لسلطات الاحتلال لا تحكموا على شعبنا بأن يبقى سائرا في طريق آلامه وأوجاعه، فآن لهذه المظالم ان تنتهي ولا يوجد هنالك مسيحي او مسلم مستعد للتخلي عن القدس والتنازل عن مقدساتها وتاريخها وتراثها وعراقتها .

لا ننكر ان القدس هي مقدسة في الديانة اليهودية كما وفي الديانات التوحيدية الثلاث كلها، ولكننا نرفض سياسات الاحتلال التي تستثمر الدين من اجل تمرير سياسات احتلالية غاشمة، وبسط هيمنة على القدس فيها انتقاص من هويتها ومكانتها الروحية لدى المسيحيين والمسلمين والفلسطينيين جميعا..

القدس عنوان صمودنا وثباتنا وتمسكنا بهذه البقعة المباركة من العالم فالسلام يبدأ من القدس ولا سلام بدون القدس، وللأسف الشديد فإن السلام مغيب عن مدينتنا بفعل السياسات الغاشمة الممارسة بحق شعبنا.

يا رب أعط مدينتنا السلام واعط ارضنا المقدسة السلام وأنر عقول وضمائر المتطرفين، لكي يكتشفوا بأن الانسان يجب ان يعيش المحبة لكي يكون مؤمنا حقيقيا. وهذه رسالتي موجهة للجميع يهود ومسلمين ومسيحيين، فبدون المحبة واحترام الاخر واحترام التعددية الدينية في هذه المدينة المقدسة، لن تقوم لنا قائمة .

أعيدوا للقدس سلامها واقتلعوا منها مظاهر الكراهية والتطرف بكافة أشكالها وألوانها، لأنها مظاهر تتناقض ورسالة القدس وهي رسالة المحبة والرحمة والأخوة الإنسانية .

القدس 3/04/2025