كم أنت قاسٍ موحش أيّها الموت!
الكاتب : د. لينا الشيخ – حشمة/ شفاعمرو
ويسألونك عن الموت قل لهم هو اللاعودة، هو الزوال، هو الغياب، هو صمت القبور.. ويسألونك عن اليتم قل لهم هو الفقدان، هو الاشتياق, هو الحزن، هو انكسار الروح.. هو الموت جرح الروح، هو نزف الروح بلا شفاء.. هو الوجع، هو الألم، هو الحزن بلا انتهاء.. هو اليتم أن تبحث عن وجه أمّك الذي افتقدته فجأة، عن الحبّ الأبديّ الذي كان يملؤك، فلا تجد إلّا الألم والقسوة. هو الموت أن ينهار عالمك بغتة، أن يموت جزءٌ منك، أن تشعر بمرارة الموت على شفتيك، أن تخنقك غصّة الفقد ورائحة المنيّة..

أمّي لمَ استعجلت الرحيلْ؟
كيف اختفيت فجأة
فأدميتني بصليب الشوق والحنينْ؟
كيف تولّين بشباب عمرك
وبشيخوختك عني تبخلينْ؟
أبحث عن وجهك
أناديك
فلا تحضرينْ..
أمّي أوَ ستقرعين الباب؟
أوَ تسمعينْ؟
أمّي،
كيف صدمتني برحيلك
وفقدك ساقه القدر؟
موتك ما كان في الحسبان
ولا على البال خطَرْ
ترعبني فكرة الزوال
وموتك قد أصبح يقين الخبر
يقتلني غيابك
وبعدُك قلبي كسَرْ
أوَ تسمعين قلبًا فرحُهُ
قد هجَرْ؟
أمّاه!
هي الحياة بعدك وجع
واشتياق
وقلبي يأبى سلُوّ الأشواق
وليلي عينه تبكي
ولا تهجع
فهل من تلاق؟!
أمّي،
حزني يصرخ ولا يستكين
فكيف سأروي ظمأ العمر
والسنين؟
اشتقتك
فهل تشتاقين؟
أوَ تزورين؟
أمّي
نحن لا نملك تواريخ جراحنا،
إنّها تأتي ولا ترحلْ
أمّي كنتِ لي الحياة والأملْ
فأمسيتِ جرحي
بلا عودة
أو أملْ
أمّي،
اختنق يراعي بموتك
وأنينه بات أقسى
انطفأ شغفي
وكتابتي باتت ثكلى!
الحزنُ لغةٌ يا أمّي،
وكلامُه كصمته وجعٌ وصرخة
فهل تصلك صرختي
فتحضرين؟
أمّي، كيف استعجلتِ وأصبحتِ روحًا؛
كيف أكتبك في كتبي: "إلى روح أمّي"
بعد أن كنتِ يقينا؟
كيف بات وجهك صورة، حلمًا
وحنينا؟
أمّي، أنا التي أكره الأضواء والصور
جعلتني أشتهي لو كان هناك
أخرى صور
لوجهٍ منه لا يرتوي النظر
لقلب ليس مثله بشر
ليت شعري، لو كنت أعلم!
فليس عندي منك
أو معك
إلّا القليل وما ندر
أمّي، كيف بات صوتك يُرجى بلا أملْ؟
أوَ تسمعين حزنًا
يؤرّقه الشوق
وفرحُهُ قد أفَلْ؟
سنة ونصف يا أمّي وأنا بانتظاركِ
لا أصدّق أنّك متّ
ولن أراكِ
فهل تعودين؟
صرتِ أمنية، أتمنّى في الحلم
أن أراك
فهل تزورين؟
أشتاقكِ
أوَ تشتاقين؟
أمّي، لا تبعدي
أوَ تسمعين؟
أمّي،
لا شيء يشبهك
فكلّ الأشياء بات طعمها حزين
كلّ الأشياء باتت باهتة
ناقصة
فللموت طعم وصوت
وهو الوجع صرخة الموت
فهل تسمعين؟
كم أنت قاسٍ موحش أيّها الموت!