الحفاظ على الحضور المسيحي في هذا المشرق مسؤوليتنا جميعا

الكاتب : المطران عطا الله حنا - رئيس أساقفة سبسطية للروم الارثوذكس

إن الحضور المسيحي في هذا المشرق والذي تراجع خلال السنوات الأخيرة، يحتاج الى مبادرات خلاقة من اجل الحفاظ على ما تبقى من مسيحيين، وهم ينتمون الى هذا المشرق بكل جوارحهم .

الحفاظ على الحضور المسيحي في هذا المشرق مسؤوليتنا جميعا

نسمع عن مؤتمرات تعقد هنا وهناك حول الحضور المسيحي في هذا المشرق وهذا امر حسن، ولكننا نعتقد بأن هنالك اهمية كبرى بأن تخرج عن هذه المؤتمرات مبادرات عملية، وليس فقط خطابات انشائية تتغنى بعراقة الحضور المسيحي في هذا المشرق.

ان السياسات الغربية وخاصة الأمريكية هي التي تتحمل قسطا وفيرا من المسؤولية حول مسألة تهجير المسيحيين من أوطانهم، فمن الذي دمر العراق ومن الذي دمر في سوريا ومن الذي تآمر على فلسطين وما زال يتآمر عليها وعلى شعبها وقضيتها العادلة.

ان هذا الغرب الذي يتشدق بحقوق الانسان والحريات هو الذي يتحمل مسؤولية ما تعرض له المسيحيون في هذا المشرق، ولا أذيع سرا اذا ما قلت بأن الداعشية الفاشية الدموية، هنالك جهات في الغرب كانت داعمة لها ومستفيدة من أعمالها الاجرامية المروعة بحق كافة المواطنين .

أقول بأن مسألة الحفاظ على الحضور المسيحي في هذا المشرق هي ليست مسؤولية الكنائس والمسيحيين لوحدهم، بل هي مسؤولية الدول ايضا كما انها مسؤولية اخوتنا المسلمين الذين نتشارك واياهم الانتماء الانساني والوطني.

يجب ان نشدد دوما على الدولة المدنية التي لا يتحدثون فيها عن اكثرية او اقلية، بل يتحدثون عن المواطن بغض النظر عن انتمائه الديني أو الطائفي.

في فلسطين تراجعت أعداد المسيحيين بشكل دراماتيكي بسبب سياسات الاحتلال وبسبب عوامل اخرى هامشية، ويبقى العامل الاساسي هو الاحتلال الذي يسعى لتقسيمنا وشرذمتنا واثارة ثقافة الكراهية والتطرف في صفوفنا وبين ظهرانينا.

لن تقوم لنا قائمة في هذه الارض المقدسة وفي هذا المشرق، الا من خلال خطاب المحبة والأخوة الإنسانية، واحترام التنوع الديني والثقافي والطائفي في مجتمعاتنا.

ان فلسطين ليست لونا واحدا كما هو حال هذا المشرق، والتعددية القائمة عندنا هي اثراء لمجتمعنا ونحن نرفض ان تتحول التعددية الدينية الى جدار يفصل الانسان عن أخيه الانسان، فكلنا اخوة في الانتماء الانساني اولا وكلنا اخوة في الانتماء العربي والمشرقي وفي فلسطين كلنا ننتمي الى شعب واحد وندافع عن قضية واحدة وهي قضية الفلسطيني المظلوم في وطنه والذي يجب ان تعود اليه حقوقه السليبة .

نرفض خطاب التطرف والعنصرية والكراهية ايا كان شكله وايا كان لونه وايا كانت الجهة التي تنشره، فخطابنا يجب ان يكون دائما خطاب المحبة والاخوة الانسانية بعيدا عن الكراهية والعنصرية .

الاحتلال يعاملنا بعنصرية ونحن نعيش المظالم ونراها في كل يوم وفي كل حين، ولذلك وجب علينا كفلسطينيين ووجب علينا في هذا المشرق حيث يعيش المسيحيون والمسلمون معا، ان نعمل من اجل بنيان اوطاننا ورقي انساننا وان نخدم شعوبنا بالمحبة والاخوة الصادقة التي يجب ان نتحلى بها جميعا.

فلسطين هي وطن لكل الفلسطينيين وهي أرض السلام والمحبة والأخوة، فلا مكان عندنا لخطاب الكراهية والعنصرية، والمسيحيون الفلسطينيون الذين أصبحوا قلة في عددهم بسبب ما ألمّ بهم وبشعبهم انما يفتخرون بانتمائهم المسيحي ويفتخرون بانتمائهم العربي الفلسطيني.