يسوع الخبز النازل من السماء - يوحنا ٦: ٥١-٥٨
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٥١أَنا الخُبزُ الحَيُّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء: مَن يَأكُلْ مِن هٰذا الخُبزِ يَحيَ لِلأَبَد. والخُبزُ الَّذي سأُعْطيه أَنا هو جَسَدي أَبذِلُه لِيَحيا العالَم. ٥٢ فخاصَمَ اليَهودُ بَعضُهم بَعضًا وقالوا: «كَيفَ يَستَطيعُ هٰذا أَن يُعطِيَنا جسدَهُ لِنأكُلَه؟» ٥٣فقالَ لَهم يسوع: «الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إِذا لم تَأكُلوا جَسَدَ ابنِ الإِنسانِ وتَشرَبوا دَمَه، فلَن تَكونَ فيكُمُ الحَياة. ٥٤مَن أَكَلَ جَسَدي وشَرِبَ دَمي، فلَه الحَياةُ الأَبَدِيَّة، وأَنا أُقيمُه في اليَومِ الأَخير. ٥٥لِأَنَّ جَسَدي طَعامٌ حَقّ، ودَمي شَرابٌ حَقّ. ٥٦مَن أَكَلَ جَسدي وشَرِبَ دَمي ثبَتَ فِيَّ وثَبَتُّ فيه. ٥٧وكما أَنَّ الآبَ الحَيَّ أَرسَلَني وأَنِّي أَحْيا بِالآب فكَذٰلِكَ الَّذي يأكُلُني سيَحْيا بي. ٥٨هُوَذا الخُبزُ الَّذي نَزَلَ مِن السَّماء، غَيرُ الَّذي أَكلَهُ آباؤُكُم ثُمَّ ماتوا. مَن يأكُلْ هٰذا الخُبْز يَحيَ لِلأَبَد.

الحرب. اليوم ٣١٦
"تَوَكَّلوا علَيه، أَيُّها الشَّعبُ كُلَّ حين، واسكُبوا أَمامَه قُلوبَكم. إِنَّ اللهَ مُعتَصَمٌ لَنا. لَيسَ بَنو آدَمَ إِلَّا هَباءً، ولَيسَ بَنو البَشَرِ إِلَّا كَذِبًا، إِذا وُزِنوا مُجتَمِعين وُجِدوا أَخَفَّ مِنَ الهَباء" (مزمور ٦٢: ٩-١٠).
ارحمنا، يا رب. إنّا نتوكَّل عليك دائمًا. وأمامك نسكب قلوبنا. اللهم أنت ملجأنا ومعتصمنا. يا رب، أصغ إلينا، انظر إلى أطفالنا. أنت ملجأنا وأبونا، إن لم تخلِّصْنا أنت، فمن يخلِّصُنا؟ "لَيسَ بَنو آدَمَ إِلَّا هَباءً". الإنسان لا شيء. ولا يقدر شيئًا. لا يقدر أن يخلِّص. لكن، نعم، يقدر أن يسبِّب الموت، وأن يصنع الحرب. يقدر أن يدمرنا ولا يقدر أن يخلِّصنا. أنت وحدك، يا رب، تقدر أن تخلِّصنا. أنت خالقنا وأبونا، ارحمنا، يا رب. أبانا، ارحمنا، ونجنا من شر الحرب.
إنجيل اليوم
٥١أَنا الخُبزُ الحَيُّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء: مَن يَأكُلْ مِن هٰذا الخُبزِ يَحيَ لِلأَبَد. والخُبزُ الَّذي سأُعْطيه أَنا هو جَسَدي أَبذِلُه لِيَحيا العالَم" (٥١).
الفصل السادس من إنجيل القديس يوحنا. بعد معجزة تكثير الخبز. آية أكبر من تكثير الخبز: "الخبز النازل من السماء، وهو جسد المسيح ودمه، لحياة العالم".
خبز الله، عطية من الله، بين عطاياه الكثيرة. الإله الحق والإنسان الحق، بجسده ودمه، حاضر بيننا، دائمًا وفي كل مكان. الخبز النازل من السماء. لننظر إلى العلى، لننظر إلى السماء. لنرفع نظرنا عن الأرض، وعن أمور الأرض، لنرى أمورًا أخرى، لنرى خالق الأرض، أبانا. لنراه بيننا، تحت أشكال الخبز والخمر، ويعطينا الحياة الأبدية.
الحياة الأبدية على أرض المشقات هذه، والحروب. مع مشقاتنا وعذاباتنا، الخبز النازل من السماء، يسوع نفسه، معنا. يسوع فينا غذاء لجسدنا ولكل الإنسان فينا. لنفتح أعيننا لنرى ما يعطينا إياه يسوع. بتكثير الخبز الماديّ أشبع الجياع في المكان القفر. نحن دائمًا جياع في مكان قفر، تائهون في قفر في أنواع جوعنا في الأرض. ونحن دائمًا بحاجة إلى معجزة لنجد خبزنا.
المعجزة تمت، يبقى أن نقدر أن نراها، نقدر أن نأكل. نقدر أن ترتفع قليلًا لنرى الآية: يسوع الخبز النازل من السماء.
نرى الكائن أمامنا. نرى الله، وآيات الله، ومعجزات الله. وحبه. بالرغم من كل الشر في الأرض، بالرغم من كل الناس الذين يقولون نقيض ما تقول الآية النازلة من السماء، بالرغم من كل الناس وكل شيء، الله كائن، ويصنع الآيات، وهو الخبز النازل من السماء الذي يمنحنا الحياة الأبدية.
ونحن مثل الجموع في ذلك الزمان يمكن أن نجهل مثلهم، أو نهمل فنسأل: كيف يمكن أن يكون ذلك؟ كيف يقدر هذا أن يعطينا جسده لنأكله؟" (٥٢)
العطية والآية هي يسوع على الصليب، صار غذاءنا. في الخبز والخمر المحولَين إلى جسده ودمه. كما صنع يسوع العجزة الأولى فكثَّر الخبز وقال: أعطوا الناس ليأكلوا، كذلك، عشية موته، ليلة الخميس، حوَّل الخبز والخمر إلى جسده ودمه وقال:
"مَن أَكَلَ جَسدي وشَرِبَ دَمي ثبَتَ فِيَّ وثَبَتُّ فيه. ٥٧وكما أَنَّ الآبَ الحَيَّ أَرسَلَني وأَنِّي أَحْيا بِالآب فكَذٰلِكَ الَّذي يأكُلُني سيَحْيا بي. ٥٨هُوَذا الخُبزُ الَّذي نَزَلَ مِن السَّماء، غَيرُ الَّذي أَكلَهُ آباؤُكُم ثُمَّ ماتوا. مَن يأكُلْ هٰذا الخُبْز يَحيَ لِلأَبَد" (٥٦-٥٨).
كيف يكون ذلك؟ الله صنع ذلك. جَسَدي طَعامٌ حَقّ، ودَمي شَرابٌ حَقّ." (٥٥). لنقبل عطية الله، لنحيا بحياة الله. ولنثبُتَ فيه. "مَن أَكَلَ جَسدي وشَرِبَ دَمي ثبَتَ فِيَّ وثَبَتُّ فيه". هذه طريقة حياة على الأرض، "أن نثبت فيه ويثبت هو فينا"، وهذه طريقة لتغيير الأرض، لجعلها مسكنًا لله، فلا تبقى مكانا للحروب والموت وجوع الناس.
ربي يسوع المسيح، أعطني أن أفهم، أعطني أن أومن، أعطني أن أبدأ حياتي معك هنا على الأرض، أرض الحروب. اجعلها أرض الفداء. أنت هكذا أردتها. آمين.
الأحد ١٨/٨/ ٢٠٢٤ الأحد ٢٠ من السنة/ب