نحن في العالم، لكنّا لسنا من العالم - يوحنا ١٧: ١١-١٩

 ١٦ لَيسوا مَنَ العالَم كَمَا أَنِّي لَستُ مِنَ العالَم. ١٧ كَرِّسْهُم بالحَقّ إِنَّ كلِمَتَكَ حَقّ. ١٨ كَمَا أَرسَلَتني إِلى العالَم فكَذلِكَ أَنا أَرسَلتُهم إِلى العالَم، ١٩ وأُكَرِّسُ نَفْسي مِن أَجلِهمِ لِيَكونوا هم أَيضًا مُكَرَّسينَ بِالحَقّ".

        الحرب ٢١٩

        "اللَّهُمَّ، لِماذا لِلأبدِ نَبَذتَنا؟ ولماذا على غَنَمِ مَرْعاكَ اشتَعَلَ غَضَبُكَ؟ أُذكُرْ جَماعَتَكَ الَّتي مُنذ القِدَم اْقتَنَيتَها. ارفع خُطُواتِكَ إِلى الأَطْلالِ الدَّائمة، ففي القدسِ أتلَفَ العَدُوّ كلَّ شيء. زَمجَرَ خصومُكَ في وَسَطِ مَجالِسِكَ" (مزمور ٧٤: ١-٤).

        ارحمنا، يا رب. لا تنبذنا للأبد. لا يشتعل غضبك علينا. اذكر أنك أبونا وملجأنا الوحيد. " ارفَعْ خُطُواتِكَ إِلى الأَطْلالِ الدَّائمة، ففي القدسِ أتلَفَ العَدُوّ كلَّ شيء"، انظر إلى المدن والقرى في قطاع غزة صارت أطلالًا، وإلى القدس الذي هو كل إنسان في غزة وفي كل مكان، الإنسانُ قُدسُك، دمرَّوه. "أتلَفَ العَدُوّ كلَّ شيء". العدو المعتدي على الإنسان خليقتك. اللهم، ارحمنا جميعًا. نجِّنا فقد هلكنا. اسمع صراخنا، وصلواتنا، ودموعنا وجوعنا... ارحمنا، يا رب.

        إنجيل اليوم

        ما زلنا نتأمل في خطاب يسوع الأخير لرسله، عشية موته. في إنجيل اليوم، يسوع يصلي من أجل تلاميذه، ومن أجل الذين سيأتون بعدهم، من أجلنا نحن.

        نحن في العالم، لكنّا لسنا من العالم.

        "لَستُ بَعدَ اليَومِ في العالَم وَأَمَّا هُم فلا يَزالونَ في العالَم وأَنا ذاهِبٌ إِليكَ. يا أَبَتِ القُدُّوس، احفَظْهم بِاسمِكَ الَّذي وَهَبتَه لي لِيَكونوا واحِدًا كما نَحنُ واحِد. لَمَّا كُنتُ معَهم حَفِظتُهم بِاسمِكَ الَّذي وَهَبتَه لي" (١١-١٢).

        نحن في العالم، لكن سائرين إلى الآب. في العالم، لكن ناظرين إلى الآب. في كل نشاطاتنا، نسير إليه. نحن في العالم لنشفي العالم، لنعيده إلى صلاحه الأول، لما خلق الله كل شيء ونظر فوجد أن كل شيء حسن وحسن جدًّا. نحن في العالم، لنُرجِع كل شيء إلى صلاح الله، وكل الذين نسير معهم في هذا العالم. يا "أَبَتِ القُدُّوس اِحفَظْهم بِاسمِكَ الَّذي وَهَبتَه لي لِيَكونوا واحِدًا كما نَحنُ واحِد".

        نحن في العالم، ننظر إلى الآب، ونسعى لنكون واحدًا فيما بيننا.

        هذه هي صلاة يسوع من أجلنا. أن نكون متحدين، إخوة وأخوات، كلنا إخوة في الإنسانية، كلنا إخوة في الكنيسة جسد المسيح، كلنا متحدين كما أن الله أبانا هو واحد. على الأرض، لكن ناظرين إلى السماء. على الأرض، لكن لنسمو فوق الأرض كثيرًا، ولنسير إلى السماء.

        "أَمَّا الآنَ فإِنِّي ذاهِبٌ إِلَيكَ. ولكِنِّي أَقولُ هذه الأَشياءَ وأَنا في العالَم لِيَكونَ فيهِم فَرَحي التَّامّ" (١١). هم في العالم، لكن ليكون فيهم الفرح الذي ليس من هذا العالم. ليكونوا ممتلئين على الأرض بفرح السماء..

        "إِنِّي بَلَّغتُهم كَلِمَتَكَ ... كَرِّسْهُم بالحَقّ إِنَّ كلِمَتَكَ حَقّ. كَمَا أَرسَلَتني إِلى العالَم فكَذلِكَ أَنا أَرسَلتُهم إِلى العالَم ... وأُكَرِّسُ نَفْسي مِن أَجلِهمِ لِيَكونوا هم أَيضًا مُكَرَّسينَ بِالحَقّ" (١٤-١٩).

        نحن مرسلون إلى العالم، مثل يسوع. وما أعطى يسوع العالم نعطيه نحن أيضًا. يسوع أحب العالم حتى بذل حياته، من أجل خلاص الجميع، فلا يهلك أحد. نحن أيضًا نصلي ونعمل، مع روح يسوع، حتى يخلص الجميع. نحن في ظروف حرب، لكنا مثل الله أبينا، لله لا أحد عدوّ، ويجب ألا يهلك أحد، وكذلك لنا: لا أحد عدو. فوق جميع العداوات، فوق جميع الشرور التي صنعوها بنا، لا نفقد بصرنا، بل نرى دائمًا أبانا، أبا الجميع، و"كلنا" أبناء الله، ونحن مُرسَلون إلى الجميع "ليَخلُصَ" الجميع، حتى لا يهلك أحد، حتى لا يبقى عدُوٌّ.

            كلنا مُرسَلون في العالم مثل يسوع، ومثله نحن "مخلِّصون" للعالم. ولهذا نصلي ونعمل، وإلى هذا نوجِّه كل عواطفنا وأفكارنا وأقوالنا وكل شيء فينا.

        "أُكَرِّسُ نَفْسي مِن أَجلِهمِ لِيَكونوا هم أَيضاً مُكَرَّسينَ بِالحَقّ". يسوع قدوس، مع الآب، حتى نصير نحن أيضًا مقدَّسين مثله، في الحق الذي هو الله، حتى نقدر أن نصير نحن أيضًا عطية كاملة لإخوتنا وأخواتنا، في عالم يخنقنا بشروره، لكن يسوع ينجينا منه ويقدّسُنا، حتى نقدر نحن أيضًا أن نغلب الشر، ونحِبَّ ونقدِّسَ غيرنا.

        ربي يسوع المسيح، صلَّيْتَ من أجلنا حتى نكون مقدَّسين في الحق، في الآب. أعطنا أن نعرف كيف نستقبل هذه القداسة التي تمنحنا إياها، لنكون قديسين، مثلك، ونقدر أن نقدِّس، وأن نحِبَّ ونخلِّص العالم الذي أرسلتنا إليه لنخلِّصه. آمين.

الأربعاء ١٥/٥/ ٢٠٢٤                   بعد الأحد السابع للفصح