ملكوت الله بينكم. المسيح بينكم - لوقا ١٧: ٢٠-٢٥

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"وَسَأَلَهُ الفَرِّيسِيُّونَ مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ الله. فَأَجَابَهُم: لَا يَأْتِي مَلَكُوتُ الله عَلَى وَجهٍ يُراقَبُ. وَلَن يَقَالَ: هَا هُوذَا هُنَا، أَو هَا هُوَذَا هُنَاكَ. فَهَا إنَّ مَلَكُوتَ الله بَينَكُم" (٢٠-٢١).

ملكوت الله بينكم. المسيح بينكم - لوقا ١٧: ٢٠-٢٥

 

٢٠. وسأله الفريسيون متى يأتي ملكوت الله. فأجابهم: لا يأتي ملكوت الله على وجه يُراقَبُ.

٢١. ولن يقال: ها هوذا هنا، أو ها هوذا هناك. فها إن ملكوت الله بينكم.

٢٢. وقال للتلاميذ: ستأتي أيام تشتهون فيها أن ترَوْا يومًا واحدًا من أيام ابن الإنسان ولن ترَوْا.

٢٣. وسيقال لكم: ها هوذا هناك، ها هوذا هنا، فلا تذهبوا ولا تندفعوا.

٢٤. فكما أن البرق يبرق فيلمع من أفق إلى أفق آخر، فكذلك ابن الإنسان يوم مجيئه.

٢٥. ولكن يجب عليه قبل ذلك أن يعاني آلامًا شديدة، وأن يرذله هذا الجيل.

الحرب. اليوم ٤٠

"يَا رَبّ، استَمِعْ صَلَاتِي وَلْيَبلُغْ إلَيكَ صُرَاخِي" (مزمور ١٠١/١٠٢: ٢). الرَّبُّ مِن عُلُوِّ قُدسِهِ تَطَلَّعَ وَمِنَ السَّمَاءِ إلَى الأَرضِ نَظَرَ، لِيَسمَعَ تَنَهُّدَ الأَسِيرَ وَيُطلِقَ سَرَاحَ أَبنَاءِ المــَوْتِ" (٢٠-٢١). ارحم يا رب، واستجب. أنت تعرف ما في قلب الإنسان. وأنت وحدك تقدر أن تبدِّل الإنسان. اللهم، أنت خلقت إنسانًا صالحًا، على صورتك، والأرض أيضًا خلقتها حسنة صالحة. والحرب من أين أتت، يا رب؟ منذ الزمن الأول، قاين قتل أخاه هابيل. وما زال قاين يقتل، يا رب. أعِدْ صلاحك إلى الإنسان الذي خلقته وأحببته، قل كلمة فتقف هذه الحرب، ويزول الشر من قلب الإنسان.

إنجيل اليوم.

"وَسَأَلَهُ الفَرِّيسِيُّونَ مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ الله. فَأَجَابَهُم: لَا يَأْتِي مَلَكُوتُ الله عَلَى وَجهٍ يُراقَبُ.  وَلَن يَقَالَ: هَا هُوذَا هُنَا، أَو هَا هُوَذَا هُنَاكَ. فَهَا إنَّ مَلَكُوتَ الله بَينَكُم" (٢٠-٢١).

سأل الفريسيون يسوع: متى يأتي ملكوت الله؟ ماذا يعنون "بملكوت الله"؟ أهو مجيء المسيح الزمني الذي يعيد الملك إلى إسرائيل؟ الرسل أنفسهم كان لديهم المفهوم نفسه، وأنهم سيجلسون الواحد عن يمينه والأخر عن شماله...

ملكوت الله ليس ذلك. المسيح، ابن الله الحي، ليس ملكًا زمنيًّا يقاتل ملوك هذه الأرض. قال يسوع: "لَا يَأْتِي مَلَكُوتُ الله عَلَى وَجهٍ يُراقَبُ"، بحسب ما ترى عيون الجسد، وتنتظر طموحات الناس على هذه الأرض.

"إنَّ مَلَكُوتَ الله بَينَكُم". ملكوت الله هو الله نفسه الذي يُحِبُّكم، هو كلمة الله الأزلي الذي صار إنسانًا، هو يسوع نفسه، الموجود بينكم الآن.

ملكوت الله هو الاقتداء بالله، هو أن نُحِبَّ بمثل محبة الله، وأن نجد قوتنا فيه، وليس في قوى الناس المدمِّرة، هو أن نكون كاملين كما أن أبانا السماوي هو كامل. ملكوت الله، الله يعطينا إياه. علينا أن نرى ونستقبل ونحيا به.

"وَقَالَ لِلتَّلَامِيذِ: سَتَأْتِي أَيَّامٌ تَشتَهُونَ فِيهَا أَن ترَوْا يَومًا وَاحِدًا مِن أَيَّامِ ابنِ الإنسَانِ وَلَن تَرَوْا.  وَسَيُقَالُ لَكُم: هَا هُوذَا هَنَاكَ، هَا هُوَذَا هُنَا، فَلَا تَذهَبُوا وَلَا تَندَفِعُوا" (٢٢-٢٣).

ستأتي أيام شدَّة واضطهاد. ستشعرون أنكم وحدكم. ستقولون لو نعود إلى الأيام التي كنا فيها مع المسيح. سأذهب ولن تروني بعد. لكن سأبقى معكم، لا تخافوا، ولا تضطرب قلوبكم ولا تفزع. سيقوم مسحاء كذبة كثيرون، سيقولون: إنه هنا أو هناك. أنتم الذين معي الآن، تعلمون أين أنا، وتعلمون أني سأكون معكم، فلا تصغوا إلى المسحاء الكذبة، ولا تخافوا الذين يضطهدونكم.

"فَكَمَا أَنَّ البَرقَ يُبرِقُ فَيَلمَعُ مِن أُفُقٍ إلَى أُفُقٍ آخَرَ، فَكَذَلِكَ ابنُ الإنسَانِ يَومَ مَجِيئِهِ. وَلَكِن يَجِبُ عَلَيهِ قَبلَ ذَلِكَ أَن يُعَانِيَ آلَامًا شَدِيدَةً، وَأَن يَرذُلَهُ هَذَا الجِيلُ" (٢٤-٢٥).

قال يسوع: المسيح المخلص سوف يأتي، ليس على طريقة الناس، سيأتي مثل البرق. سيأتي يوم القيامة. لكن، "يَجِبُ عَلَى المسيح قَبلَ ذَلِكَ أَن يُعَانِيَ آلَامًا شَدِيدَةً، وَأَن يَرذُلَهُ هَذَا الجِيلُ". يجب أن يموت. ثم ينتصر على الموت، وسترونه في مجد القيامة.

إن ملكوت الله بينكم. المسيح بينكم. هو كلمة الله الذي صار إنسانًا ومات ثم قام. وأعطانا القوة لنغلب الموت معه. لكن علينا نحن أيضًا أن نتألم ونجتاز شدائد هذه الحياة. ومن ثبت حتى النهاية يَخلُص. من ثبت في إيمانه أن يسوع المسيح معنا، وأننا نقدر بقوته أن نتغلب على كل شر فينا، وأن نعيش في مجده، منذ الآن، ثم بعد هذه الأرض.

ربي يسوع المسيح، نؤمن أنك معنا. أنت ترى كل شيء، وتُحِبُّنا، وتمُدُّ إلينا يدك لتؤيدنا فنغلب كل شر. أعطنا أن نراك دائمًا، وأن نبقى ثابتين معك. آمين.

الخميس ١٦/١١/ ٢٠٢٣                 بعد الأحد ٣٢ من السنة/أ