يسوع جاء ليخلص الإنسان، كل إنسان - متى ٨: ٢٨-٣٤
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٢٨ولَمَّا بَلَغَ الشَّاطِئَ الآخَرَ في ناحِيَةِ الجَدَرِيِّين، تَلقَّاهُ رَجُلانِ مَمْسوسَانِ خَرَجا مِنَ القُبور، وكانا شَرِسَيْنِ جِدًّا حتَّى لا يَستَطيعُ أَحَدٌ أَن يَمُرَّ مِن تِلكَ الطَّريق. ٢٩فأَخَذا يَصيحان: «ما لَنا ولَكَ، يا ابْنَ الله؟ أَجِئْتَ إِلى هُنا لِتُعَذِّبَنا قَبلَ الأَوان؟» ٣٠وكانَ يَرْعى على مَسافةٍ مِنْهُما قَطيعٌ كَبيرٌ مِنَ الخَنازير. ٣١فَتَوَسَّلَ إِليه الشَّياطينُ قالوا: «إِن طَرَدتَنا فَأَرسِلْنا إِلى قَطيعِ الخَنازير». ٣٢فقالَ لَهم: «اذْهَبوا». فخَرَجوا ودَخلوا في الخَنازير، فإِذا القَطيعُ كُلُّه يَثِبُ مِنَ الجُرُفِ إِلى البَحرِ فتَهلِكُ الخَنازيرُ في الماء. ٣٣فهَرَبَ الرُّعاةُ وذَهَبوا إِلى المَدينَة، وأَخبَروا بِكُلِّ ما حَدَثَ وبِما جَرى لِلمَمسُوسَيْن. ٣٤فخَرجَتِ المَدينةُ كُلُّها إِلى لِقاء يسوع. ولَمَّا رَأَوهُ سأَلوه أَن يُغادِرَ بَلَدَهم.

الحرب. السنة الثانية – يوم ٢٦٤ – (في ١٨ آذار عادوا إلى الحرب من جديد) (وحالة الضفة على ما هي: اعتداءات على الناس، ودمار وأسرى وبدء إزالة لمخيمات اللاجئين).
"اللَّهُمَّ خَلِّصْني، فإِنَّ المِياهَ قد بَلَغَت حَلْقي. غَرِقتُ في مُوحِلٍ عَميقٍ ولا مُستَقَرّ، بَلَغتُ إِلى قَعرِ المِياهِ والسَّيلُ غَمَرَني" (مزمور ٦٩: ٢-٣). ارحمنا، يا رب. "اللَّهُمَّ خَلِّصْني، فإِنَّ المِياهَ قد بَلَغَت حَلْقي." خلِّصْنا، يا رب، لأنّا هلكنا. منذ أيام طويلة، منذ أكثر من سنة، يا رب، والحرب تقتلنا. وأنت ترى وتعلم، يا رب. أنت ترى الأشرار والأقوياء المستبدين يحكمون علينا بالجوع وبالموت. تعال، يا رب، ولا تبطئ بعد. أصلح كل غزة وكل أرضك المقدسة، وكل المنطقة يا رب. يا رب، جئت لخلاصنا، فخلِّصْنا. ارحمنا، يا رب.
إنجيل اليوم
"ولَمَّا بَلَغَ الشَّاطِئَ الآخَرَ في ناحِيَةِ الجَدَرِيِّين، تَلقَّاهُ رَجُلانِ مَمْسوسَانِ خَرَجا مِنَ القُبور، وكانا شَرِسَيْنِ جِدًّا حتَّى لا يَستَطيعُ أَحَدٌ أَن يَمُرَّ مِن تِلكَ الطَّريق. فأَخَذا يَصيحان: «ما لَنا ولَكَ، يا ابْنَ الله؟ أَجِئْتَ إِلى هُنا لِتُعَذِّبَنا قَبلَ الأَوان؟» وكانَ يَرْعى على مَسافةٍ مِنْهُما قَطيعٌ كَبيرٌ مِنَ الخَنازير. فَتَوَسَّلَ إِليه الشَّياطينُ قالوا: «إِن طَرَدتَنا فَأَرسِلْنا إِلى قَطيعِ الخَنازير». فقالَ لَهم: «اذْهَبوا». فخَرَجوا ودَخلوا في الخَنازير، فإِذا القَطيعُ كُلُّه يَثِبُ مِنَ الجُرُفِ إِلى البَحرِ فتَهلِكُ الخَنازيرُ في الماء. فهَرَبَ الرُّعاةُ وذَهَبوا إِلى المَدينَة، وأَخبَروا بِكُلِّ ما حَدَثَ وبِما جَرى لِلمَمسُوسَيْن. فخَرجَتِ المَدينةُ كُلُّها إِلى لِقاء يسوع. ولَمَّا رَأَوهُ سأَلوه أَن يُغادِرَ بَلَدَهم."
في ناحيىة الجدريين، عند مدينة جدارا، شرقًا مشرفة على البحيرة، هي اليوم أم قيس (في الأردن). مدينة وثنية. مرَّ بها يسوع، ولقي فيها رجلَيْن سيطر عليهما الروح الشرير. فشفاهما. ولو كانا وثنيين. هو نفسه قال مراراً: جئت للخراف الضالة من بني إسرائيل، إلا أنه خالق الكل، ويريد خلاص الكل، ولا أحد له غريب. كلهم أبناء الله، وجاء لكي يخلص جميع الناس، من كل شعوب الأرض والديانات.
طرد يسوع الروح النجس وحرّر الإنسان الذي أخضعه الشرير، ثم سمح يسوع للروح الشرير أن يدخل في قطيع من الخنازير كان هناك. "ودَخلوا في الخَنازير، فإِذا القَطيعُ كُلُّه يَثِبُ مِنَ الجُرُفِ إِلى البَحرِ فتَهلِكُ الخَنازيرُ في الماء". هلاك قطيع الخنازير إساءة إلى أصحابها فما معنى هذه الآية أن يسوع سمح للشرير أن يهلك قطيعُا من الحيوانات. التفسير صعب. التفسير القريب إلى الذهن، أن الإنسان أفضل من الحيوان. فالمهم أن يخرج الروح الشر منه. وتفاسير أخرى....
يسوع جاء ليخلص الإنسان، كل إنسان. ويهتم بما للإنسان. وكل إنسان مساوٍ لأخيه الإنسان.
ثم جاء أهل القرية، وبينهم أصحاب قطيع الخنازير، هابوا يسوع ورأوا فيه سلطانًا. لم يصلوا إلى معرفة الله، بل توقفوا عند ظاهر الآية. أكرموه لكنهم في جهلهم وسلامة نيتهم سألوه أن يبتعد عنهم. خوفا من مزيد من السوء قد يلحقهم منه. لم يعرفوه.
"خَرجَتِ المَدينةُ كُلُّها إِلى لِقاء يسوع. ولَمَّا رَأَوهُ سأَلوه أَن يُغادِرَ بَلَدَهم."
لم يقبلوه لأنهم لم يعرفوه.
ونحن؟
جاء يسوع لكي يحرِّر كل إنسان من قبضة الشر. ونحن آمنَّا وعرفنا من هو يسوع. لكن يمكن أن نقع نحن أيضًا في الجهل، أو في ما هو أسوأ، اللامبالاة أو الفتور أو العادة التي تقتل المعاني والحياة فينا. فنفقد بصرنا ونصير غير قادرين على رؤية الله وعمله فينا أو في ما حولنا. يمكن أن نبتعد عن صلاحنا الأساسي، عن صورة الله فينا، ونميل مع مختلف ميول الشر. لو أفحص ضميري لأرى وأعرف ماذا فيَّ يمنعني من رؤية الله؟ رغبات في بعض شؤون الأرض أنمِّيها فِيَّ، على حساب مقدرتي على رؤية الله؟ قد أبتعد عن الله وأنا واعٍ عارف لخطيئتي، وقد أكون لا واعيًا. من ثم، واجب السهر والحذر والصلاة حتى نبقى واعين عارفين أن حياتنا هي دائمًا حضور أمام الله.
ربي يسوع المسيح، نجني من كل روح شرير في زمننا. قوِّنا في معركتنا مع أنفسنا، وميول الشر فينا، وقوِّنا أيضًا لمقاومة مختلف أرواح الشر في العالم، في الكبار المستبدين القاتلين الظالمين في عالمنا، يا رب، عندنا روح شرير، نحن ضحيته. مدَّ يدك إلينا يا رب. أرسل إلينا روحك، يا رب، لنقبل الخلاص الذي جئتنا به، ولنشرك فيه إخوتنا. إنا نضع أمامك، أمام رحمتك، كل إخوتنا، وكل ظالمينا، أيضًا. من أجلنا جميعًا أصلي. آمين.
الأربعاء ٢/٧/٢٠٢٥ الأحد ١٣ من السنة/ج