يسوع أتى إلى أهله وأهله لم يقبلوه - لوقا ٤: ١٦-٣٠

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

١٦وأَتى النَّاصِرَةَ حَيثُ نَشَأَ، ودخَلَ المــَجْمَعَ يَومَ السَّبتِ على عادَتِه، وقامَ لِيَقرأ. ١٧فدُفِعَ إِلَيه سِفْرُ النَّبِيِّ أَشَعْيا، فَفَتَحَ السِّفْرَ فوَجَدَ المــَكانَ المــَكتوبَ فيه: ١٨ رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لِأَنَّه مَسَحَني لِأُبَشِّرَ الفُقَراء، وأَرسَلَني لأُعلِنَ لِلمَأسورينَ تَخلِيَةَ سَبيلِهم، ولِلعُميانِ عَودَةَ البَصَرِ إِلَيهِم، وأُفَرِّجَ عنِ المــَظلومين، ١٩ وأُعلِنَ سَنَةَ رِضًا عِندَ الرَّبّ. ٢٠ثُمَّ طَوَى السِّفرَ فَأَعادَه إِلى الخادِمِ وجَلَسَ. وكانَت عُيونُ أَهلِ المــَجمَعِ كُلِّهِم شاخِصَةً إِلَيه. ٢١فأَخَذَ يَقولُ لَهم: «اليَومَ تَمَّت هٰذه الآيَةُ بِمَسمَعٍ مِنكُم». ٢٢وكانوا يَشهَدونَ لَه بِأَجمَعِهِم، ويَعجَبونَ مِن كَلامِ النِّعمَةِ الَّذي يَخرُجُ مِن فَمِه فيَقولون: «أَما هٰذا ابنُ يوسُف؟» ٢٣فقالَ لَهم: «لا شَكَّ أَنَّكم تَقولونَ لي هٰذا المــَثَل: يا طَبيبُ اشفِ نَفسَكَ. فاصنَعْ هٰهُنا في وَطَنِكَ كُلَّ شَيءٍ سَمِعْنا أَنَّه جَرى في كَفَرناحوم».

يسوع أتى إلى أهله وأهله لم يقبلوه - لوقا ٤: ١٦-٣٠

٢٤وأَضاف: «الحَقَّ أَقولُ لكم: ما مِن نَبِيٍّ يُقبَلُ في وَطنِه. ٢٥ وبِحَقٍّ أَقولُ لَكم: «كانَ في إِسرائيلَ كَثيرٌ مِنَ الأَرامِلِ في أَيَّامِ إِيلِيَّا، حينَ احتَبَسَتِ السَّماءُ ثَلاثَ سَنَواتٍ وسِتَّةَ أَشهُر، فأَصابَتِ الأَرضَ كُلَّها مَجاعَةٌ شَديدة، ٢٦ولَم يُرسَلْ إِيليَّا إِلى واحِدَةٍ مِنهُنَّ، وإِنَّما أُرسِلَ إِلى أَرمَلَةٍ في صَرْفَتِ صَيدا. ٢٧وكانَ في إِسرائيلَ كَثيرٌ مِنَ البُرْصِ على عَهدِ النَّبِيِّ أَليشاع، فلَم يَبْرأْ واحِدٌ مِنهُم، وإِنَّما بَرِئ نُعمانُ السُّوريّ. ٢٨فثارَ ثائِرُ جَميعِ الَّذينَ في المــَجمَع عِندَ سَماعِهِم هٰذا الكَلام. ٢٩فَقاموا ودَفَعوه إِلى خارِجِ المــَدينة، وساقوه إِلى حَرْفِ الجَبَلِ الَّذي كانَت مَدينتُهم مَبنِيَّةً علَيه لِيُلقوهُ عَنه، ٣٠ولٰكِنَّه مَرَّ مِن بَينِهم ومَضى.

 

الحرب. اليوم ٣٣١

"أَطَلَّ اللهُ مِنَ السَّماءِ على بَني آدَم، لِيَرى هل مِن عاقِلٍ يَلتَمِسُ الله. قدِ ارتَدُّوا جَميعًا فَفَسَدوا، ولَيسَ مَن يَصنَعُ الصَّالِحاتِ ولا واحِد. أَلا يَدْري فَعَلَةُ الإِثْمِ ... ما يفعلون" (مزمور٥٣: ٣-٥).

ارحمنا، يا رب. في زمننا أيضا، تُطِلُّ " مِنَ السَّماءِ على بَني آدَم، على عالمنا اليوم، على الكبار والأقوياء، وصانعي الحروب وكل ويلاتها، وتنظر "لِترى هل مِن عاقِلٍ يَلتَمِسُ الله"، يلتمس السلام، هنا في غزة وفي كل الأرض المقدسة، وفي العالم، ولا تجد أحدًا يريد السلام. "أَلم يفهم بعد فَعَلَةُ الإِثْمِ ما يفعلون"؟ إنهم لا يريدون أن يفهموا، يا رب. بل يبدو أنهم يريدون أن يوسِّعوا الحرب إلى المنطقة كلها وإلى العالم، هذا متوقف على حماقتهم... لكنك، يا رب، أنت ربُّ السماء والأرض، وأنت تقدر أن ترُدَّ إليك قلوب القساة. ارحمنا، يا رب. أرسل روحك القدوس، أرسل إلينا روح العدل والسلام.

إنجيل اليوم

"وأَتى النَّاصِرَةَ حَيثُ نَشَأَ، ودخَلَ المــَجْمَعَ يَومَ السَّبتِ على عادَتِه، وقامَ لِيَقرأ. ١٧فدُفِعَ إِلَيه سِفْرُ النَّبِيِّ أَشَعْيا، فَفَتَحَ السِّفْرَ فوَجَدَ المَكانَ المــَكتوبَ فيه: ١٨ رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لِأَنَّه مَسَحَني لِأُبَشِّرَ الفُقَراء، وأَرسَلَني لأُعلِنَ لِلمَأسورينَ تَخلِيَةَ سَبيلِهم، ولِلعُميانِ عَودَةَ البَصَرِ إِلَيهِم، وأُفَرِّجَ عنِ المــَظلومين..." (١٦-١٨).

يسوع عرَّف نفسه لأهل قريته. نعم، هو ابن مريم ويوسف النجار. لكنه أكثر من ذلك أيضًا. النجَّار المتواضع في القرية هو الذي تنبأ عنه الأنبياء، وقالوا عنه: " رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لِأَنَّه مَسَحَني لِأُبَشِّرَ الفُقَراء، وأَرسَلَني لأُعلِنَ لِلمَأسورينَ تَخلِيَةَ سَبيلِهم، ولِلعُميانِ عَودَةَ البَصَرِ إِلَيهِم، وأُفَرِّجَ عنِ المــَظلومين...". لكن يسوع أتى إلى أهله وأهله لم يقبلوه، وقال يسوع لذويه وأهله: " ما مِن نَبِيٍّ يُقبَلُ في وَطنِه" (٢٥).

كيف نقبل يسوع، وكيف نعرفه، وكيف نفهم ماذا يريد الله منا؟ كيف أفهم ما معنى أن أكون مسيحيًّا، أن أكون في رعية، في جماعة مؤمنين؟

يجب أن نتجاوز أنفسنا، أن نتجرد من أنفسنا، مثل يسوع الذي " تَجَرَّدَ مِن ذاتِه مُتَّخِذًا صُورةَ العَبْد، وصارَ على مِثالِ البَشَر، وظَهَرَ في هَيئَةِ إِنْسان" (فيليبي ٢: ٧). يسوع تجرَّد من نفسه ليتواضع ويصير إنسانًا مثلنا. والمسيحي يتجرد من نفسه ليرتفع ويصير مثله. نتجرَّد من كل شر فينا، لنستقبل الصلاح الذي يمنحنا إياه يسوع.

أتجاوز نفسي، أتجرد من نفسي. أنا لا أوجد وحدي. أنا في رعية، في جماعة مؤمنة، لأكون عضوًا حيًّا في الجماعة، أنا لست فقط فلان أو فلان بانتماءاتي المختلفة إلى العائلة، والأهل والأقارب، والأصدقاء، بل أنا عضو في الجميع ومن أجل الجميع.

قبول يسوع، هو قبول كل إخوة يسوع، كل الكنيسة التي هي جسد يسوع. هو حياة عادية، نعم، في المدينة والقرية، لكن أيضًا، في الرعية التي هي جسد المسيح.

لأقبل يسوع، ولأكون مسيحيًّا، عليَّ أن أقوم بأمرين: الأول أتجرَّد من نفسي، من نزعات فيَّ إلى شرور مختلفة، فأتوب عنها، وأحوِّل أشواقي كلَّها إلى يسوع، إلى الله، فيكون هو الشوق الوحيد فيَّ. وثانيا، أتجاوز نفسي، أنا لست ما أنا فقط، بين الناس، في المدينة أو القرية، أنا أيضًا في الرعية التي هي جسد المسيح. أحيا في المدينة والقرية، لكن مصدر الحياة هو الرعية، هو صوت يسوع الذي يرسلني إلى قريتي ومدينتي لأعظ به، وبكل سرِّه، هو كلمة الله الأزلي.

أكون مسيحيًّا هو أن أعرف وأفهم ما يقول يسوع المسيح. وهو أن أسهر على إخوتي، والكل إخوة يسوع المسيح.

ربي يسوع المسيح، أعطني أن أسمعك، أن أفهم ما تقول لي، وأن أعرِّف بك كل إخوتي، ينبوعًا لحياة جديدة، ولإنسانية جديدة. آمين.

الاثنين ٢/٩/ ٢٠٢٤               بعد الأحد ٢٢ من السنة/ب