عيد ميلاد سيدتنا مريم العذراء - متى١: ١٨-٢٣

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"أَمَّا أَصلُ يَسُوعَ المـَسِيحِ فَكَانَ أَنَّ مَريَمَ أُمَّهُ، لَمَّا كَانَتْ مَخطُوبَةً لِيُوسُفَ، وُجِدَتْ قَبلَ أَن يَتَسَاكَنَا حَامِلًا مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ. وَكَانَ يُوسُفُ زَوجُهَا بَارًّا، فَلَم يُرِدْ أَن يَشهَرَ أَمرَهَا، فَعَزَمَ عَلَى أَن يُطَلِّقَهَا سِرًّا" (١٨-١٩).

عيد ميلاد سيدتنا مريم العذراء - متى١: ١٨-٢٣

 

١٨. أما أصل يسوع المسيح فكان أن مريم أُمَّه، لما كانت مخطوبة ليوسف، وُجِدَتْ قبل أن يتساكنا حاملًا من الروح القدس.

١٩. وكان يوسف زوجها بارًّا، فلم يُرِدْ أن يشهر أمرها، فعزم على أن يطلِّقَها سِرًّا.

٢٠. وما نوى ذلك حتى تراءى له ملاك الرب في الحلم وقال له: يا يوسف ابن داود، لا تَخَفْ أن تأتي بامرأتك مريم إلى بيتك. فإن الذي كُوِّنَ فيها هو من الروح القدس،

٢١. وستلد ابنا فسَمِّهِ يسوع، لأنه هو الذي يخلِّص شعبه من خطاياهم.

٢٢. وكان هذا كله ليَتِمَّ ما قال الرب على لسان النبي:

٢٣. ها إن العذراء تحمل فتَلِدُ ابنًا يُسَمُّونه عمَّانوئيل، أي الله معنا.

"نَسَبُ يَسُوعَ المـَسِيحِ ابنِ دَاوُدَ ابنِ إبرَاهِيم: إبرَاهِيم وَلَدَ إسحَق، وَإسحَق وَلَدَ يَعقُوب، وَيَعقُوب وَلَدَ يَهُوذَا وَإخوَتَهُ"... (متى ١: ١-٢).

اليوم، عيد ميلاد سيدتنا مريم العذراء. بدأ القديس متّى إنجيله بنسب يسوع البشري، يسوع ابن داود. إنسان حق وإله حق. كلمة الله الأزلي، وابن داود بحسب الجسد. سلسلة الأنساب نفسها لمريم، هي أيضًا، ابنة داود. الأجداد نفسهم في خطة الله الأزلية، أجداد يسوع ومريم. كلاهما في خطة الله، ويواكيم وحنة، أيضا، والدا مريم. الجميع في حب الله الأزلي. في إرادة الله لخلاص البشرية. يوسف ومريم ويواكيم وحنة. وُلِدَتْ مريم فبدأت خطة الله الأزلية تتحقق في الزمن. في كل الأزمان، في الأزمنة القديمة، البعيدة، الله مع الناس، ليخلِّصَهم. وفي زمننا، وفي كل زمن، من الآن فصاعدًا، كلمة الله الأزلي مع الناس، ليخلصهم. ليطهِّرهم من الخطايا ويقدِّمَهم ذبيحة مقدسة لأبيه.

وُلِدَت مريم العذراء، فلنفرح، للهبة الكبرى التي وهبها للبشرية. مريم البتول تَلِدُ ابنَ الله العليّ، وتصير أُمَّ الله وأُمَّنا. رفيقة لضعفنا، على هذه الأرض، في وادي الدموع. إنها أُمُّنا، وعونُنا، وملجأنا. نعلم أننا خطأة، ونعلم أيضًا أن مريم أُمَّنا تشفع بنا. ولْنَعلَمْ أيضًا أن الله أبانا الذي في السماء، ينتظر عودتنا، وتوبتنا، في كل لحظة.

إنجيل اليوم يبيِّن لنا دور القديس يوسف أيضًا في خلاصنا، أي في دخول البشرية في حب الله.

"أَمَّا أَصلُ يَسُوعَ المـَسِيحِ فَكَانَ أَنَّ مَريَمَ أُمَّهُ، لَمَّا كَانَتْ مَخطُوبَةً لِيُوسُفَ، وُجِدَتْ قَبلَ أَن يَتَسَاكَنَا حَامِلًا مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ. وَكَانَ يُوسُفُ زَوجُهَا بَارًّا، فَلَم يُرِدْ أَن يَشهَرَ أَمرَهَا، فَعَزَمَ عَلَى أَن يُطَلِّقَهَا سِرًّا" (١٨-١٩). يوسف ما زال في حكم الناس، ضعيفًا مثل الناس. ضعيفًا في شريعة موسى، وفي الظن والاتهام...لكن الله هو سيد العائلة التي قدَّسها، عائلة مريم ويوسف ويسوع. الله يسهر على الناس. فأزال عن يوسف شكوك الناس.. وملأه بروحه. وأرسل إليه ملاكه يكشف له خطته، وسر مريم، ومكانتها في حب الله الأزلي.

"وَمَا نَوَى ذَلِكَ حَتَّى تَرَاءَى لَهُ مَلَاكُ الرَّبِّ فِي الحُلمِ وَقَالَ لَهُ: يَا يُوسُفَ ابنَ دَاوُد، لَا تَخَفْ أَن تَأْتِيَ بِامرَأَتِكَ مَريَم إلَى بَيتِكَ. فَإنَّ الَّذِي كُوِّنَ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ القُدًس، وَسَتَلِدُ ابنًا فَسَمِّهِ يَسُوع، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُخلِّصُ شَعبَهُ مِن خَطَايَاهُم" (٢٠-٢١).

"الَّذِي كُوِّنَ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ القُدًس". فزال في نفس يوسف كل ظن بشري. نحن بشر، نعم. لكننا في حب الله. نحن بشر، لكن الله معنا. قال الملاك ليوسف: "تَلِدُ ابنًا يُسَمُّونه عمَّانوئيل، أي الله معنا" (٢٣).

عيد ميلاد سيدتنا مريم العذراء. وُلِدَتْ فبدأ خلاصنا في الزمن. ومعها وُلِدْنا للحياة فقط، أقوى من كل شر، في حمايتها. وُلِدَتْ مريم، فحلَّ فرح عظيم على البشرية، وعليَّ أنا أيضًا، أنا الخاطئ.

ايتها البتول مريم، أمسكي بيدي على الطريق إلى الله، أبي. أعطني أن أشكر الله دائمًا لكل نعمه. أعطني أن أعرف أن أرشد إخوتي في الطريق إلى حب الله. آمين.

 

الجمعة ٨/٩/٢٠٢٣               الأسبوع ٢٢ من السنة/أ